حقوق الأم الخليجية المتزوجة من غير مواطن و«أبنائها»

نشر في 20-11-2017
آخر تحديث 20-11-2017 | 00:11
تبرر بعض وجهات النظر عدم منح المواطنة الخليجية الجنسية لأبنائها وزوجها الأجنبي بالشريعة، استناداً إلى أن «الجنسية» مثل «النسب» من حق الأب وحده، صاحب الولاية والنسب، وكذلك نقل الجنسية إلى الأولاد، حق من حقوقه الشرعية دون الأم.
 د. عبدالحميد الأنصاري الأم الخليجية، التي ترضع الثقافة واللغة والهوية والانتماء، ما زالت محرومة من حق طبيعي تتمتع به سائر الأمهات في العالم، فالتشريعات الخليجية تفرق بين الأم والأب في منح الجنسية للأبناء، مخالفة دساتيرها ومواثيق حقوق الإنسان.

ما زالت التشريعات الخليجية متخلفة عن مواكبة التغيرات الاجتماعية، ومحكومة بمواريث ماضوية، محصنة أمام التغيير، وترفض منح المواطنة، حق منح جنسيتها لأولادها.

الخليجية المتزوجة من غير مواطنها تعاني في صمت وألم، قلقة على مصير أولادها، تراهم محرومين من جنسية وطنهم الذي ولدوا فيه، ونشؤوا وتربوا على أرضه، وتشربوا الموروث الثقافي، ولا يعرفون وطناً سواه، وكأنها ارتكبت جريمة إذ تزوجت من أبيهم غير المواطن، في الوقت الذي ترى أولاد أختها المواطنة يتمتعون بكل حقوق المواطنة.

ما مبررات التمييز بين المواطن والمواطنة؟

أولا: المبرر الديني:

يتذرع البعض بالشريعة، استناداً إلى أن "الجنسية" مثل "النسب" من حق الأب وحده، صاحب الولاية والنسب، وكذلك نقل الجنسية إلى الأولاد، حق من حقوقه الشرعية، دون الأم.

هذا مبرر ساقط لأن كون الأب، صاحب النسب، لا علاقة له بمسألة الجنسية، لأنها رابطة قانونية وسياسية تنشئ حقوقاً وواجبات متبادلة بين الفرد والدولة، ولا يوجد في الشريعة ما يمنع المواطنة من منح جنسيتها لأولادها وزوجها.

ثانياً: المبرر القانوني:

يدعي البعض أن التشريعات الخليجية تعتمد "حق الدم" معياراً لمنح الجنسية، حسناً، ليكن هو المعيار، ولكن لماذا يقتصر على الأب وحده؟! ولماذا تحرم الأم مع أن لها دوراً مساوياً؟! بل أعظم، أليست هي التي ترضع الانتماء والموروث الثقافي الاجتماعي في نفسية أطفالها؟! ألسنا نتغنى بمكانة الأم، ونردد أن لها حقوقاً ثلاثة لا واحداً؟!

ثالثاً: المبرر الأمني:

يثير البعض مخاوف أمنية من فتح الباب أمام تجنيس أبناء المواطنة من أب أجنبي، فيخشى أن يصل أبناء هذا الرجل، إذا تم تجنيسهم، إلى مناصب المسؤولية.

وهي مخاوف لا أساس لها، فأبناء المواطنة من أب أجنبي ليسوا أقل ولاء وانتماء إلى وطنهم، من إخوانهم المواطنين، بل إن الاعتبارات الأمنية، تلزم المسارعة إلى تجنيس هؤلاء وإدماجهم.

رابعاً: الخوف على الهوية الوطنية

يخافون على الهوية إذا تم تجنيس أبناء المواطنة من أب أجنبي كون المواطنين "أقلية" وسط محيط بشري خليط من 200 جنسية!

وهو مبرر واهٍ لأن متطلب تصحيح الخلل السكاني وتعزيز الهوية يوجب تجنيسهم، فهم الرافد الأثمن ثقافياً، والأسلم أمنياً، في تحصين الجبهة الداخلية، وتصحيح التركيبة السكانية.

حقوق أبناء الخليجية المتزوجة من غير مواطن:

رغم أن التشريعات الخليجية نصت على حقوقهم في التعليم والعلاج والتوظيف، فإن الواقع المعيشي يغاير التشريعات، لاعتبارات:

- أن بعض هذه الحقوق تعترضها صعوبات عملية، كما في مسألة الفرص الوظيفية، إذ تشكل أكبر عقبة أمامهم، لعدم وجود آلية قانونية ملزمة لجهة التوظيف.

- تختلف وضعية أبناء المتزوجة من خليجي عن أبناء المتزوجة من غير خليجي، فأبناء الأب الخليجي يتمتعون بحقوق عديدة، كونه يستظل بمظلة قانون مجلس التعاون.

- أن هناك حقوقاً غير معترف بها لأبناء المتزوجة من غير خليجي، نذكر منها:

1- تجديد الإقامة ونظام الكفالة: تعاني الأم الخليجية من إجراءات الحصول على إقامة أبنائها وزوجها، فأبناؤها وزوجها يقيمون على كفالتها، ومطالبون بتجديد إقامتهم، ودفع رسومها سنويا.

2- عقبة الزواج: يعد الزواج من العقبات التي تواجه هؤلاء الأبناء، نظراً للنظرة المجتمعية التفضيلية للتزاوج ممن آباؤهم مواطنون .

3- المنح الدراسية للخارج.

4- حق الإرث: لا يحق لهم توريث أمهاتهم، في العقارات والأراضي المملوكة لها.

توصيات:

الأولى: التأكيد على حق المرأة الخليجية بمنح جنسيتها لأبنائها.

الثانية: تعميم منح "بطاقة الإقامة الدائمة" لأبناء الخليجية المتزوجة من غير مواطن التي تكفل معاملتهم معاملة المواطنين في التعليم والخدمات الصحية، والأولوية في التعيين في الوظائف العامة (العسكرية والمدنية) والحق في التملك العقاري، وفي ممارسة أنشطة تجارية بدون شريك مواطن، وقد صادق مجلس الوزراء القطري 2017/8/2 على مشروع قانون، يمنح بطاقة الإقامة الدائمة لـ3 فئات، من غير القطريين: أبناء القطرية المتزوجة من غير قطري، والذين أدوا خدمات جليلة، وأصحاب الكفاءات الخاصة التي تحتاجها الدولة.

هذه خلاصة ورقة قدمت إلى منتدى واقع المواطنة الخليجية المتزوجة من غير مواطن، بتنظيم لحملة إنصاف بمقر الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، في الكويت نوفمبر 2017.

* كاتب قطري

back to top