إمام: الدستور لم يُلزم بتشكيل الحكومة خلال أسبوعين إلا ببدء الفصل التشريعي وحكومة تصريف العاجل من الأمور ملزمة بحضور الجلسات

أكد في دراسة خص بها الجريدة• أنه لا يجوز القياس على هذه الحالة في أي تشكيل وزاري آخر
• التشكيل بيد الأمير الذي يعيّن الرئيس بأمر والوزراء بمرسوم... وذات سموه مصونة لا تمس

نشر في 19-11-2017
آخر تحديث 19-11-2017 | 00:00
أكد الخبير الدستوري في شؤون مجلس الأمة، المستشار شفيق إمام، عدم وضع الدستور الكويتي أي قيد زمني للتشكيل الحكومي، إلا في الحكومة التي تعقب الانتخابات العامة التي تتطلب تشكيلها خلال أسبوعين من صدور الأمر الأميري بتعيين رئيس الوزراء، وأنه لا يمكن الاجتهاد بتطبيق أحكام المادة 87 بإلزام تشكيل الحكومة خلال أسبوعين من بعد صدور الأمر الأميري بتعيين رئيس الوزراء الحالي، لأن تعيينه لم يأت بعد الانتخابات العامة.

وقال إمام في دراسة قانونية خص بها «الجريدة» إن المادة 56 من الدستور وضعت جميع القيود التي يتقيد بها تشكيل الوزارة، وقد خلت المادة من أي قيد زمني، لافتا الى أن ما نصت عليه المادة 57 من الدستور من إعادة تشكيل الوزارة عند بدء الفصل التشريعي، هو حكم خاص، شرع للخصوصية التي وردت في أولا.

ولفت إلى أن الدستور أوكل الى سمو الأمير تعيين رئيس مجلس الوزراء بأمر أميري، وتعيين الوزراء بمرسوم يعتبر في حكم الأمر الأميري، لأنه لا يعرض بطبيعة الحال على مجلس الوزراء المستقيل، وهو ما يجعل الأمر أولا وأخيرا بيد صاحب السمو، وذاته مصونة لا تمس.

وأشار إلى رسالة وجهها النائب السابق محمد جاسم الصقر إلى رئيس مجلس الأمة الراحل جاسم الخرافي عام 2007 عندما امتنعت الحكومة عن حضور الاجتماعات، وطالب الصقر بعقد الجلسات بحضور الحكومة المستقيلة لإنجاز العاجل من الأمور، فردّ عليه الخرافي بجواز ذلك، وفيما يلي نص الدراسة.

النقاش الذي دار خلال الأيام الماضية حول وجوب تشكيل الحكومة خلال أسبوعين من تاريخ قبول الاستقالة، وحول فض رئيس مجلس الامة جلسة المجلس التي لم تحضرها الحكومة المستقيلة وإعلانه أنه لن يدعو الى جلسة أخرى حتى يتم تشكيل الحكومة، أعاد الى الضوء والأذهان قضيتين اختلفت فيهما الآراء، فيما حدث في جلستي مجلس الأمة بتاريخ 5 و19/ 2 /2001 من اعتراض بعض الأعضاء على حضور الحكومة المستقيلة جلسات المجلس، وفيما حدث بتاريخ 26/ 3/ 2007 من توجيه رسالة من النائب (السابق) محمد جاسم الصقر الى رئيس مجلس الأمة الراحل محمد جاسم الخرافي، جاء فيها:

نظراً الى ما استغرقه تشكيل الحكومة من وقت، حال دون عقد المجلس لاجتماعاته لفترة قاربت الشهرين، منذ آخر اجتماع له في 19/ 2/ 2007، ولما كان هذا الرأي محل نظر، فالسلطة التشريعية هي سلطة قائمة بذاتها يتولاها الأمير ومجلس الأمة، ولا يجوز أن تكون ممارستها لصلاحياتها متوقفة على قيام الحكومة أو استقالتها.

الأمر الذي كان يمكن معه حضور من يمثل الحكومة المستقيلة اجتماعات مجلس الأمة لإنجاز العاجل من الأمور، خاصة أن الحكومة لم تستصدر مرسوما بتأجيل اجتماعات المجلس، إعمالا للمادة 106 من الدستور.

وطلب في ختامها إحالة هذه الرسالة الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لبحثها وإبداء الرأي فيها.

رد الخرافي

وقد رد عليه الرئيس الراحل برسالة، جاء فيها:

انه ليس لدي مظنة أن اجتماعات مجلس الأمة لا تصح بحضور حكومة مستقيلة، بل بالعكس، اتفق معكم على أن الحكومة المستقيلة تستطيع حضور الجلسة وإكمال النصاب، ولكن لما كانت الحكومة قد أبلغتني بعزمها على عدم حضور الجلسات التالية، فقد أعلنت في الجلسة ذاتها إلغاء جلستي 6 ،7/ 3/ 2007، كما رأيت عدم توجيه الدعوة لحضور الجلسات الى أن أبلغ بأن الحكومة ستحضر الجلسة، وذلك حرصا على وقت السادة الأعضاء.

وقد أحال الرئيس الرسالة الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية.

وإذ ذهب البعض إلى تقييد تشكيل الحكومة بقيد زمني هو أسبوعين من تاريخ تكليف رئيس مجلس الوزراء بتشكيل الحكومة من دون نص صريح يقيد من صلاحيات الأمير المطلقة في هذا الأمر، وذلك خشيه تعطيل جلسات مجلس الأمة، وقد تصديت للقضية الأولى في مقال نشر لي على صفحات جريدة القبس في عددها الصادر في 27/ 12/ 2008 أثبت فيه أنه ليس هناك قيد زمني على تشكيل الحكومة، وتصديت للقضية الثانية على صفحات الجريدة ذاتها في عددها الصادر في 5/ 2/ 2001، وقلت في هذا المقال إن حضور وزراء الحكومة المستقيلة جلسات مجلس الأمة هو أهم ما يمارسه الوزراء من عاجل الأمور، حتى لا تتعطل أعمال المجلس.

ولارتباط هاتين القضيتين، فقد آن الآوان للطلب من المحكمة الدستورية تفسير النصوص الدستورية المتعلقة بهما. وفي هذا السياق أفردنا هذه الدراسة لهاتين القضيتين وهما:

القضية الأولى: المدى الزمني لتشكيل الحكومة الجديدة

ذهب رأي لبعض الفقهاء الدستوريين الى تقييد تشكيل الحكومة بميعاد هو أسبوعان من تاريخ التكليف بتشكيلها، وهو الميعاد الذي حدده الدستور لانعقاد مجلس الأمة عند بدء الفصل التشريعي، بعد إجراء الانتخابات العامة للمجلس، ومن تاريخ إعلان نتائجها، وهو حكم خاص بهذه الحالة وحدها لا يجوز معه أن يقيد صلاحيات الأمير الدستورية في تعيين رئيس مجلس الوزراء أو تعيين الوزراء في غير هذه الحالة، وهي صلاحيات مطلقة من أي قيد زمني.

ومع تقدير دون بخس للباعث النيل لأصحاب هذا الرأي، وهو الخشية من تعطيل جلسات المجلس، إلا أن نصوص الدستور لا تحتمل هذا التفسير، وهو ما سنورده فيما يلي:

الأشكال الإجرائية لانعقاد مجلس الأمة

يحرص المشرع عند تشكيل أي مجلس أو هيئة أو لجنة على وضع القواعد والأحكام التي تحدد مددها وزمان ومكان انعقادها وكيفية توجيه الدعوة الى انعقادها، وما يرفق بالدعوة من جدول أعمال وأوراق والوقت الكافي لتوجيه هذه الدعوة قبل موعد الاجتماع، وعلنية الجلسة أو سريتها، والأعضاء الواجب حضورهم بذاتهم أو بصفاتهم لصحة الانعقاد، فضلا عن أغلبية الحضور التي لا يصح انعقاد المجلس أو الهيئة دونها، والأغلبية اللازمة لصحة القرارات التي تصدرها، وأن تؤخذ الأصوات بالطريقة المرسومة، فلا يغفل صوت من يجب أخذ صوته ومدى اعتبار صوت الرئيس مرجحا، وهو لا يكون إلا إذا نص القانون على ذلك.

وهو ما كان الدستور حريصا عليه حرصا شديدا، بالنسبة الى انعقاد مجلس الأمة، في نصوصه التي حفل بها، والتي يعنينا منها في هذه القضية المادة 83 التي حددت مدة الفصل التشريعي بـ4 سنوات، وجاءت المواد 85 و86 و87 لتحدد الأولى مدة انعقاد كل دور من الأدوار الأربعة، ولتحدد الثانية بداية انعقاد كل دور، وجاءت الثالثة باستثناء من أحكام هاتين المادتين بالنسبة الى أول اجتماع يلي الانتخابات العامة، حيث نصت المادة 87 على انه «استثناء من أحكام المادتين السابقتين، يدعو الأمير مجلس الأمة إلى أول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة، اعتُبر المجلس مدعوا للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين، مع مراعاة حكم المادة السابقة».

ومفاد هذا النص أنه جاء محددا للميعاد الذي يجب أن توجه فيه الدعوة الى أول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس، فقصره على أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، بأن أوجب أن يكون أول اجتماع لا يجاوز اليوم التالي لانقضائها بعد توجيه الدعوة إليه، وإلا اجتمع المجلس بقوة النص الدستوري في هذا اليوم، وقد استهلت هذه المادة الأحكام التي نصت عليها بأنها استثناء من الأحكام الواردة في المادتين السابقتين 85 و86، وأولاهما وضعت الحد الأدنى لمدة انعقاد كل دور من أدوار انعقاد المجلس العادية وهو 8 أشهر، ولا تجيز فض أي دور قبل اعتماد الميزانية، والثانية حددت بداية كل دور خلال شهر أكتوبر من كل عام، باعتبار هذه الأحكام هي الواجبة التطبيق في الدعوة الى أول اجتماع يلي أي دور من أدوار الانعقاد الثلاثة التالية.

استثناء

فجاءت المادة 87 سالفة الذكر، تستثني من كافة الأحكام المتقدمة سواء بالنسبة إلى بداية الدور أو مدته أو الحكم الخاص بالميزانية، وهي أمور لا يمكن للدستور أن يتوقعها عندما تجرى انتخابات للمجلس في أي وقت لتسري عليها الأحكام العامة الواردة في المادتين 85 و86، فقررت الحكم الخاص بالانتخابات العامة الوارد في المادة 87 وهو دعوة مجلس الأمة للانعقاد خلال أسبوعين من تاريخ إجراء الانتخابات.

وكان تقرير المشرع الدستوري للفترة القصيرة، التي حددتها المادة 87 من الدستور لانعقاد مجلس الأمة، وهي أسبوعان إعلاءً للإرادة الشعبية، التي عبر عنها الناخبون في اختيار من يمثلهم في هذه الانتخابات، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات وإعلان نتائجها مع فترة الدعوة لانعقاد مجلس الأمة كافيتان ليتلمس الأمير خلالها اتجاهات الرأي العام، التي يمكن أن تكون قد كشفت عنها الانتخابات، التي سبقت فترة انعقاد المجلس وهي فترة ليست بقصيرة.

تشكيل الحكومة... الأصل العام

لا تجري الدساتير البرلمانية عادة بأي قيد زمني في تشكيل الحكومة فقد يستغرق تشكيل الحكومة في بعض الدول مثل إيطاليا ستة شهور.

ولهذا جاءت المادة 56 من الدستور خلواً من أي قيد زمني لتنص على أن:

«يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء، بعد المشاورات التقليدية، ويعفيه من منصبه، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء.

ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم، ولا يزيد عدد الوزراء جميعاً على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة.

والبادي من هذا النص أن الدستور حرص على أن يكون تعيين رئيس مجلس الوزراء بأمر أميري باعتباره، كما قالت المذكرة التفسيرية للدستور، أحد الاستثناءات الثلاثة من مبدأ ممارسة الأمير لسلطاته بواسطة وزرائه، وأن المرسوم هو الأداة الدستورية لممارسة السلطات الدستورية للأمير المقررة بالدستور، للنأي بالأمير عن أي مساءلة سياسية، وذلك بالنص على أن رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه، وهم المسؤولون أمامه وأمام مجلس الأمة، وأن تعيين الوزراء بمرسوم- هو في حكم الأمر الأميري- لأن الأمير ينفرد به، فهو لا يعرض على مجلس الوزراء، الذي لا يجتمع بطبيعة الحال إلا بعد صدور المرسوم بتشكيل الوزارة وقيام الوزراء بحلف اليمين الدستورية، إذا استغرق تشكيل الحكومة مدة طويلة، فإن الأمر يعود في النهاية إلى الأمير الذي يصدر المرسوم بتشكيل الوزارة، والذي يتم التشاور معه في الوزراء المرشحين للمناصب الوزارية المختلفة، وكما جاء في المذكرة التفسيرية للدستور لتجديد الأمير الثقة بالوزراء أو لإحلال وزير جديد محل آخر أو لوضع الوزير في منصب وزاري أكثر ملاءمة من منصبه السابق، فأمر هذا التشكيل مرجعه في النهاية إلى ما يراه الأمير، وذاته مصونة لا تمس طبقاً للمادة 54 من الدستور، بما ينأى برئيس مجلس الوزراء المعين عن أي مساءلة سياسية فيما يتعلق بتحمل تبعات هذا التأخير.

ولهذا كان الأصل، وفقاً لنص هذه المادة، أن سلطة الأمير في تشكيل الحكومة لا تتقيد إلا بالقيود، التي نصت عليها هذه المادة، وهي أن يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم، وألا يزيد عددهم على ثلث أعضاء هذا المجلس، فضلاً عن « المشاورات التقليدية» التي تسبق تعيين رئيس مجلس الوزراء، والتي أوضحتها المذكرة التفسيرية فيما أوردته من إيضاحات على هذا النص بأنها المشاورات، التي يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر الشخصيات السياسية صاحبة الرأي في البلاد، وفي مقدمتها، رئيس مجلس الأمة، ورؤساء الجماعات السياسية، ورؤساء الوزارات السابقين الذين يرى رئيس الدولة من المفيد أن يستطلع رأيهم، ومن إليهم من أصحاب الرأي السياسي.

وفيما عدا هذه القيود، فإن تشكيل الوزارة لا يتقيد بأي قيد زمني، وخصوصاً في الظروف الدستورية غير الطبيعية، التي تتأزم فيها العلاقة بين السلطتين التشريعية والسلطة التنفيذية، والتي قد يدعو فيها صاحب السمو الأمير إلى مزيد من التشاور مع القيادات السياسية في البلاد، ومزيد من الوقت، كي لا تتكرر استقالة الحكومة أكثر من مرة، بما يؤثر على استقرار الحكم، وعلى إنجازات الحكومة وإنجازات المجلس.

تشكيل الوزارة في بدء الفصل التشريعي

ويستتبع انعقاد مجلس الأمة خلال أسبوعين من تاريخ إجراء الانتخابات لزوماً، أن يتم تشكيل الوزارة خلال الفترة القصيرة سالفة الذكر، إعمالاً لمادة أخرى هي المادة 57 من الدستور، التي نصت على أن:

«يعاد تشكيل الوزارة على النحو المبين بالمادة السابقة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة».

إذ يصبح تشكيل الوزارة، طبقاً لأحكام هذه المادة مقيداً بأن يتم ذلك خلال ذات الفترة، التي يدعى فيها مجلس الأمة للانعقاد عند بدء الفصل التشريعي، والتي حددتها المادة 87 من الدستور وهي خمسة عشر يوماً من تاريخ إجراء الانتخابات.

وتفسر المذكرة التفسيرية «المقصود بالفصل التشريعي الفترة التي تفصل بين انتخابات وأخرى لمجلس الأمة، سواء استكمل خلالها المجلس كل أدوار انعقاده الأربعة العادية المقررة في الدستور (نظراً لأن مدة المجلس 4 سنوات وفقاً للمادة 83)، أو لم يستكملها بسبب حل المجلس قبل أجله الدستوري العادي».

وتقول المذكرة التفسيرية للدستور في الإيضاحات، التي أوردتها على المادة 87 «يتيح هذا النص للأمير فرصة دستورية طبيعة لتجديد ثقته بالوزارة والوزراء إذا ما أدوا رسالتهم في الوزارة على النحو المرضي، أو لإحلال وزير جديد محل من لم يكن من الوزراء السابقين عند حسن ظن الأمير والأمة به، أو لوضع الوزير في منصب وزاري أكثر ملاءمة من منصبه السابق».

فالمذكرة التفسيرية للدستور تعتبر إجراء الانتخابات فرصة دستورية طبيعية – وفقاً لتعبيرها- لأن تجديد الانتخابات- كما قالت المذكرة- معناه التعرف على الجديد من رأي الأمة.

إذ يدور سجال انتخابي في الدوائر الانتخابية المختلفة، يتبارى فيه المرشحون في برامجهم الانتخابية على طرح القضايا العامة، التي تهم المواطنين، سواء في الديوانيات أو في السرادقات، التي تقام في دوائرهم الانتخابية وعلى صفحات الصحف، للفوز بثقة الناخبين.

وبذلك يكون تقييد تشكيل الحكومة بالموعد، الذي ذهب إليه الرأي السابق، هو حكم خاص بحالة تشكيل الحكومة عند بدء الفصل التشريعي بعد إجراء الانتخابات العامة، وهو استثناء من الأصل العام، ومن المقرر وفقاً للقواعد الأصولية أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه.

خلاصة ما تقدم

أولا- أن المادة 56 من الدستور وضعت جميع القيود التي يتقيد بها تشكيل الوزارة. وجاءت هذه المادة خلواً من أي قيد زمني، وهو حكم عام ومطلق يسري على عمومه، ويجري على إطلاقه، ما لم يرد ما يخصصه أو يقيد من إطلاقه.

ثانيا- أن ما نصَّت عليه المادة 57 من الدستور من إعادة تشكيل الوزارة عند بدء الفصل التشريعي، وتقييد تشكيل الوزارة تبعا لذلك بالقيد الزمني الوارد في المادة 87 من الدستور، وهو تشكيلها خلال أسبوعين من تاريخ إجراء الانتخابات العامة، هو استثناء من الحكم العام المنصوص عليه في المادة 56 سالفة الذكر.

ثالثا- من المقرر أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه، فلا يمتد هذا الاستثناء إلى غير الخصوصية التي تقرر فيها، فضلا عما في هذا التوسع من إهدار للحكم العام بحلول الاستثناء محل الحكم العام في كل تشكيل وزاري، وشرعت المادة 87 هذا القيد الزمني لتحديد أول اجتماع لمجلس الأمة في بدء الفصل التشريعي عقب إجراء الانتخابات العامة، إعلاء للإرادة الشعبية التي عبَّرت عنها هذه الانتخابات.

رابعا – أن الدستور أوكل لصاحب السمو الأمير تعيين رئيس مجلس الوزراء بأمر أميري، وتعيين الوزراء بمرسوم يعتبر في حكم الأمر الأميري، لأنه لا يعرض بطبيعة الحال على مجلس الوزراء المستقيل، يجعل الأمر أولا وأخيرا بيد صاحب السمو، وذاته مصونة الحال لا تمس.

خامسا- أنه لا خشية من تعطيل اجتماعات المجلس، وهو أمر غير وارد دستوريا، وهو ما سنقيم الدليل عليه في بحث القضية التالية، وهي قضية دستورية حضور الحكومة المستقيلة جلسات المجلس.

القضية الثانية: مدى صحة ودستورية حضور حكومة مستقيلة جلسات مجلس الأمة

إبان عملي بمجلس الأمة، طرح أحد النواب عليَّ سؤالا عقب استقالة الحكومة في 29/1/2017، فأجبت سائلي شفاهة، بأن حضور الوزراء المنتخبين هو حق أصيل لهم، وأن حضور الوزراء غير المنتخبين هو حق اكتسبوه من المادة 80 من الدستور، التي اعتبرتهم أعضاء بالمجلس، بحكم وظائفهم، وهي العضوية التي لا تزايلهم إلا بتعيين خلفاء لهم، إعمالا للمادة 103 من الدستور.

وكانت هذه الإجابة موضوع مقالي الذي نُشر على صفحات «القبس» بعددها الصادر في 5/2/2001 تحت عنوان «استقالة الحكومة وأثرها على مجلس الأمة»، وهو اليوم الذي كان محددا لانعقاد المجلس بعد هذه الاستقالة، حيث اعترض النائب المحترم السابق مشاري العصيمي على حضور الوزراء هذه الجلسة، بعد استقالة الحكومة.

وفي جلسة 19/2 ثار داخل المجلس جدل أثناء التصديق على المضبطة حول إثبات حضور وزراء الحكومة المستقيلة في مضبطة جلسة 5 فبراير (4 وزراء)، حيث تساءل النائب المحترم نفسه (السابق) مشاري العصيمي عن سبب إلغاء الرئيس جلسة الثلاثاء 6/2 إذا كانت الدعوة إلى جلسة 5/2 صحيحة دستوريا، واستطرد فقال إن أكثرية أعضاء المجلس كانوا خارج القاعة أثناء جلسة 5/2 لكنهم لم يدخلوا القاعة، لعدم صحة أو دستورية الدعوة، لأن الوزراء من غير المنتخبين فقدوا صفتهم الدستورية في حضور جلسات المجلس.

وخالفه النائب عبدالله الرومي هذا الرأي، لأن الدعوة دستورية، في رأيه، ولا يوجد نص يمنع انعقاد الجلسة أثناء استقالة الحكومة، وأن انعقادها سليم وفقا للمادة 103 من الدستور، ولا يجوز لنا كمجلس أن نتخلى عن سلطاتنا، أو أن ننتقص منها بتعليق انعقادها أو عدم انعقادها على استمرارية الحكومة.

وأطلَّ الموضوع برأسه ثانية، بعد تقديم الحكومة استقالتها في 4/3/2007، في الرسالة التي وجهها النائب (السابق) محمد جاسم الصقر في 26/3/2007 إلى رئيس مجلس الأمة الراحل محمد جاسم الخرافي، وردَّ عليه الرئيس الراحل برسالة في 28/3/2007 توكد اتفاقه في الرأي مع النائب الصقر في أن الحكومة المستقيلة تستطيع حضور الجلسة وإكمال النصاب.

هما الرسالتان اللتان أشرت إليهما في دراسة القضية الأولى والمرفقتان بهذه الدراسة.

وحيث يدور الخلاف السابق في الرأي حول المادتين 103 و116 من الدستور، والأصل التاريخي لهذه المادة الأخيرة هو نص المادة 63 من الدستور المصري لسنة 1923، والمادة 115 من مشروع دستور 1954 في مصر، مع اختلاف في بعض أحكامهما عن المادة 116، حيث كان د. عثمان خليل مقررا للجنة الخمسين التي أعدت هذا المشروع، وهو الذي صاغ نصوص دستور الكويت.

وهناك سابقة واحدة في جلسة مجلس النواب المصري في 24/2/1924، التي لم تحضرها حكومة سعد زغلول المستقيلة، فقرر المجلس تعطيل أعماله، حتى تشكل الحكومة الجديدة، لأن اجتماع المجلس من دون الحكومة غير قانوني.

والواقع أن هذه السابقة لا يمكن التعويل عليها كسابقة برلمانية، لأنها كانت تخالف مخالفة صريحة أحكام المادة 63 من دستور 1923، التي لم تكن توجب على الوزراء حضور جلسات المجلس، كما فعل دستور الكويت، بل كانت تنص في استهلالها على أن «للوزراء أن يحضروا أي المجلسين...».

لذلك، فإن موقف مجلس النواب، سالف الذكر، لا يعدو أن يكون موقفا سياسيا أملته على مجلس النواب ظروف الغليان التي كانت تعيش فيها البلاد عقب الإنذارين البريطانيين اللذين وجههما المندوب السامي البريطاني إلى الحكومة المصرية في 21 و22/2/1924 عقب اغتيال السردار البريطاني في السودان، ورفض الحكومة المصرية ما ورد فيهما من مطالب تمس استقلال البلاد، فقد كان موقف مجلس النواب المصري سياسيا يتضامن فيه مع الحكومة في موقفها الوطني، وليس موقفا دستورياً، وأزعم بأن هذه السابقة لم تتكرر طوال حياة البرلمان المصري في ظل هذا الدستور وبعده.

لذلك سوف نتناول هذه القضية على النحو التالي:

أولا: النصوص الدستورية المباشرة

ثانيا: النصوص الدستورية المساندة

ثالثا: نصوص دستورية تحتم انعقاد المجلس

أولا: النصوص الدستورية المباشرة

وهما المادتان 103 و116 من الدستور؛ ونورد تفسيرهما فيما يلي:

المادة 116 من الدستور

وتنص على أن «يسمع رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مجلس الأمة كلما طلبوا الكلام، ولهم أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو ينيبوهم عنهم، وللمجلس أن يطلب حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعلق بوزارته. ويجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها».

وأزعم من قراءة هذا النص، بأن المشرِّع الدستوري حرص حرصا شديدا على بيان المقصود منه، فلم يقصر في التعبير عن ذلك، فألفاظه واضحة المعنى في ذاتها، مكتملة المعنى، وليست مبتسرة التكوين، أو تحتمل أكثر من تأويل، أو كانت مع وضوح معناها غير متسقة مع باقي نصوص الدستور.

وأزعم أيضا بأن المعاني التي قصد إليها هذا النص هي كالتالي:

1 - من الخطأ الظن بأن هذا النص ينشئ للوزراء حقا في حضور جلسات المجلس، لأن حضور جلسات المجلس حق أصيل للوزراء المنتخبين وحق اكتسبه غير المنتخبين الذين يعتبرون أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم (مادة 80).

2 - لهذا يجب أن تفهم صيغة الوجوب التي استخدمها الدستور في تمثيل الوزارة في جلسات المجلس، فهي خطاب وجهه المشرِّع الدستوري إلى الحكومة، يفرض عليها التزاما بتمثيل الحكومة في جلسات المجلس، بحضور رئيس الوزراء أو بعض الوزراء، ما لم يطلب المجلس حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعلق بوزارته.

وإذا جاز لأعضاء مجلس الأمة المنتخبين من غير الوزراء الحرية الكاملة في الغياب عن أي جلسة من الجلسات؛ بعذر أو بغير عذر، فإن ذلك قد يكون مقبولا، لأنهم يحضرون بصفاتهم الشخصية. أما الوزراء، سواء كانوا منتخبين أو معينين، فإنهم يحضرون بصفتهم التمثيلية، فهم يمثلون السلطة التنفيذية في إطار التعاون بين السلطتين.

3 - ولعل ما قصده المشرِّع من هذا الالتزام أمرين؛ أولهما التيسير على الحكومة بالاكتفاء بهذا التمثيل بحضور وزير واحد، وفقا للتفسير المستقر عليه لعبارة «أو بعض الوزراء»، ثانيهما: التيسير على الحكومة أيضا بما ورد في هذه المادة من حق الوزير في أن يصطحب معه من يراه من كبار الموظفين أو ينيبهم عنه.

4 - وليس هناك التزام يتوقف تنفيذه على محض إرادة الملتزم، لهذا فإن هذا الالتزام يجب أن توفي به الحكومة في كل اجتماع يعقده المجلس في الزمان والمكان المقررين له، وأنه لا يجوز لها أن تتحلل من هذا الالتزام لأي سبب، وتحت أي ظرف كان، وخاصة أن النص حفل بكل هذا التيسير للحكومة في تمثيلها ولو بوزير واحد، وجواز حلول الوزراء بعضهم محل بعض في هذا التمثيل.

5 - إلا أن امتناع رئيس مجلس الوزراء والوزراء جميعا عن حضور جلسة من جلسات مجلس الأمة أمر وارد ومشروع، إذا دعت الضرورة لذلك، فالضرورات تبيح المحظورات، وهو ما قررته المذكرة التفسيرية للدستور، وهي ملزمة، شأنها شأن الدستور ذاته بجواز اجتماع المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه، إذا دعت ضرورة لذلك، وفقا لنظرية الضرورة، وبشروطها القانونية المقررة، وذلك في تفسيرها للمادة 90 التي تنص على بطلان مثل هذا الاجتماع.

لكن على الحكومة أن تحرص على حضور من يمثلها من الوزراء في جلسة المجلس، ليشرح للمجلس الضرورة التي أملت على الحكومة موقفها من عدم حضور الجلسة، أو تبعث رسالة بذلك إلى المجلس ويتخذ المجلس قراره بفض الجلسة أو الاستمرار في نظر جدول أعماله، بعد تقديره لهذه الضرورة، يحدوه في اتخاذه روح التعاون التي فرضها الدستور على جميع سلطات الدولة.

المادة 103 من الدستور

وتنص على أنه «إذا تخلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير عن منصبه، لأي سبب من الأسباب، يستمر في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تعيين خلفه».

فدلالة هذا النص واضحة في أن الوزير مستمر في منصبه، لأن تصريفه للعاجل من شؤون منصبه معناه أنه لا يزال محتفظا بهذا المنصب، وهو ما يستتبع عضويته بالمجلس التي لا تزايله إلا بتخليه نهائيا عن منصبه الوزاري فور تعيين خلفه، بل وحلف الوزير الجديد اليمين الدستورية.

الفراغ الدستوري

والقول بغير ذلك من شأنه أن يحدث فراغا دستوريا، هو غياب السلطة التشريعية، في الوقت الذي لا يستطيع معه الأمير استخدام صلاحيته الدستورية التي تنص عليها المادة 71 من الدستور في إصدار قرارات لها قوة القانون، إذا حدث ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، لأن هذه المادة قصرت حق الأمير في ذلك على الفترة فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله.

رأي د. عثمان خليل

وإلى جانب التلازم بين المنصب الوزاري، حتى في حالة استقالة الحكومة وعضوية مجلس الأمة، فإن الخبير الدستوري الراحل د. عثمان خليل يضيف إلى ذلك بجلسة المجلس المعقودة في 1/ 12/ 1964 ردا على سؤال بعض الأعضاء حول هذا الموضوع، بأن المادة 103 من الدستور صريحة في أنه إذا تخلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير عن منصبه، لأي سبب من الأسباب، يستمر في تصريف العاجل من شؤون منصبه، لحين تعيين خلفه، والمادة 116 التي توجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها. إذاً، وفقا لحكم الدستور، فإن الوزارة يجب أن تصرف الأمور العاجلة حتى تشكل الوزارة الجديدة، ومن أهم هذه الأمور ما نصَّت عليه المادة 116 من حضور جلسات مجلس الأمة، فالجلسة إذن منعقدة ومستمرة وصحيحة وفقا للدستور.

ولرأي الدكتور الراحل أهميته الكبيرة، فقد قال هذا الرأي والدستور لم يجف مداده، وهو من صاغ نصوص الدستور، وتلمس رأي أعضاء لجنة الدستور وأعضاء المجلس التأسيسي في كل نص وفي كل حكم ورد بهذه النصوص.

ثانيا: النصوص الدستورية المساندة

ويساند ويعزز هذا التفسير المبادئ والنصوص الدستورية التالية:

1 - الفصل بين السلطات

ذلك أن نظام الحكم في الكويت يقوم على أساس الفصل بين السلطات مع تعاونها، وأنه لا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها، وفقا للمادة 50 من الدستور.

ومؤدى هذه النص، أمران:

الأمر الأول: أن السلطة التشريعية هي سلطة قائمة بذاتها، يتولاها الأمير ومجلس الأمة، وفقا لأحكام المادة 51 من الدستور، لذلك فإنه لا يجوز أن تكون ممارستها لصلاحياتها متوقفة على قيام الحكومة أو استقالتها.

وليس منطقيا أو مقبولا أن يفرض الدستور جزاء على مجلس الأمة هو فض اجتماعات المجلس أو بطلان انعقاده إذا أخلَّت الحكومة بالتزامها بحضور هذه الاجتماعات، وهو خطأ الحكومة، وليس خطأ المجلس.

الأمر الثاني: أنه لا يجوز لأي سلطة النزول عن كل أو بعض اختصاصها، وفي فض جلسات مجلس الأمة لعدم حضور الحكومة المستقيلة نزول من السلطة التشريعية عن كل اختصاصاتها، بل توقف هذه السلطة تماما عن ممارسة جميع مسؤولياتها خلال فترة قد تطول، لأنه لا قيد زمنيا على تشكيل الحكومة، كما قلنا في القضية الأولى.

وغني عن البيان، أن لجان المجلس التي تستمر في أداء عملها خلال هذه الفترة هي لجان تشاورية تقدم توصيات، ولا تصدر قرارات.

٢ - مبدأ تعاون بين السلطات

وهو المبدأ الثاني الذي يقوم عليه نظام الحكم طبقا للمادة 50 من الدستور، ومن بين ما جاء في نصوص الدستور تجسيدا لمبدأ التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية نص المادة 80 من الدستور على اعتبار الوزراء غير المنتخبين أعضاء في مجلس الأمة بحكم وظائفهم.

وهي عضوية كاملة، سواء كانوا منتخبين أو غير منتخبين، فلهم حق حضور الجلسات، وفقا لأحكام هذا المادة، بل إن هذا الحضور واجب عليهم، والتزاما فرضته عليهم المادة 16 من الدستور، عدا ما ورد من استثناء بنص صريح.

وهي عضوية لا تزايلهم إلا بتعيين من يخلفهم وحلف الوزراء الجدد اليمين الدستورية، حتى لا يحدث الفراغ التشريعي الذي أشرنا إليه من قبل.

ويظل مبدأ التعاون بين السلطتنين المنصوص عليه في المادة 50 من الدستور يظلهما خلال فترة تشكيل الحكومة، وقد أقسم جميع الوزراء وأعضاء المجلس على احترام الدستور، قبل أن يتولوا أعمالهم في المجلس (المادة 91)

3 - النظام الديمقراطي

الذي نصت المادة 6 من الدستور، على أن يكون نظام الحكم في الكويت والسيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا.

وإذا كان في النظام الديمقراطي للأقلية حقوقها، فإن للأغلبية قرارها، وطبقا للمادة 56 من الدستور، فإن عدد الوزراء جميعا لا يزيد على ثلث أعضاء مجلس الأمة، فلا يجوز أن يتوقف انعقاد مجلس الأمة على حضور من يمثل الأقلية في المجلس، ولو كان وزيرا واحدا.

النصوص الدستورية المحتمة لانعقاد الجلسات

يقول المستشار شفيق إمام في «ثالثاً» إن النصوص التي توجب انعقاد الجلسات هي تجنيب الأمة الفراغ التشريعي ومثلما حرص الدستور على حماية الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت ومبادئ الحرية والمساواة التي لا يجوز اقتراح تنقيحها، ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الإمارة، أو لمزيد من ضمانات الحرية والمساواه، (المادة 175)، فجعلها أعلى من سائر النصوص الدستورية التي تقبل التنقيح.

وصل الدستور في حمايته وصونه لانتظام جلسات مجلس الأمة إلى أن أصبح هذا الانعقاد واستمراره ضرورة حتمية، حتى لو واجهت البلاد خطرا داهما على أمنها الداخلي أو الخارجي، كما يبين مما يلي:

1 - تعطيل نص في الدستور جائز وانعقاد المجلس واجب

أجاز الدستور في المادة 181 تعطيل حكم أو أكثر من نصوصه أثناء قيام الأحكام العرفية، في الوقت الذي حرم تعطيل انعقاد المجلس أثناءها، فأصبح استمرار هذا الانعقاد أسمى مرتبة من نصوص الدستور التي يجوز تعطيلها في هذه الأثناء، وهي نصوص، كما قلنا، تتمتع بالسيادة والسمو.

2 - انعقاد المجلس صحيح رغم مخالفته لنص دستوري

رغم نص الدستور على بطلان اجتماع المجلس في غير الزمان والمكان المقررين له (المادة 90)، فإن المذكرة التفسيرية للدستور، وهي ملزمة، شأنها شأن الدستور ذاته، تقرر، وبالحرف الواحد، أن «نص هذه المادة لا يمنع دستوريا من اجتماع المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه، إذا دعت ضرورة لذلك، وفقا لنظرية الضرورة، وبشروطها القانونية المقررة».

3 – تأجيل اجتماعات المجلس... حدوده

يحد الدستور من صلاحية الأمير الدستورية المنصوص عليها في المادة 106 في تأجيل اجتماعات مجلس الأمة، فلا يجيز ذلك إلا لمرة واحدة في دور الانعقاد الواحد، ولمدة لا تجاوز شهراً.

4 - حل مجلس الأمة لا يجوز لذات الأسباب مرة أخرى (المادة 107)

5 - استرداد المجلس سلطته الدستور بعد حله

يسترد مجلس الأمة- بعد حله- سلطاته الدستورية بعد شهرين من صدور مرسوم حله، مع اعتبار الحل كأن لم يكن، ويجتمع فورا، إذا لم تجري الانتخابات للمجلس الجديد في هذه الفترة (المادة 107).

6 - اجتماع مجلس الأمة بقوة الدستور

يعتبر الدستور مجلس الأمة مدعوا للاجتماع في صباح اليوم التالي لمضي فترة الأسبوعين التي حددتها المادة 87 من الدستور، إذا لم يصدر مرسوم الدعوة إلى أول اجتماع يلي الانتخابات البرلمانية العامة، في غضون هذه الفترة.

7 - إذا قرر مجلس الأمة عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، احتكم إلى الأمير في هذا الأمر، إن شاء أعفى الوزارة، وإن شاء حل المجلس، فإن قرر المجلس الجديد عدم التعاون معه مرة أخرى اعتبر رئيس مجلس الوزراء معتزلا منصبه، ويستمر المجلس الجديد (مادة 102).

فهل يتفق مع حرص الدستور على حماية وصون انعقاد مجلس الأمة واستمرار جلساته في أحلك الظروف أن يعطل اجتماعات المجلس بسبب استقالة الحكومة.

ضوابط مشاركة الحكومة المستقيلة الجلسات

وفي ختام هذه الدراسة، ومنعا للتكرار، طرحت هذه الضوابط في مقالي المنشور على صفحات «القبس» بعددها الصادر في 22/ 12/ 2008 تحت عنوان «ضوابط الممارسة السليمة لمسؤوليات مجلس الأمة بمشاركة حكومة مستقيلة».

وأضيف إلى هذا المقال أن رأي الخبير الدستوري الراحل د. عثمان خليل في جلسة مجلس الأمة المعقودة في 1/ 12/ 1964 المشار إليها في هذا الدراسة عندما قرر بأن الجلسة صحيحة وفقا للدستور بحضور الحكومة المستقيلة، أضاف بأن المسائل التي تتعلق بأشخاص الوزراء، من المناسب، ولا أقول من الواجب دستوريا، إنما من المناسب ما دام الوزير يتغير منصبه أن يرجأ البت فيها إلى جلسة تالية بعد تشكيل الوزارة.

للحكومة قائمة أو مستقيلة الاعتذار عن عدم الحضور للضرورة... وقرار فض الجلسة أو الاستمرار فيها بيد المجلس

المادة 71 من الدستور لم تواجه الفراغ الدستوري والتشريعي لأنها لم تتوقعه

تعطيل انعقاد المجلس خلال فترة تشكيل الحكومة يحدث فراغاً دستورياً وتشريعياً

حق الحكومة المستقيلة في الحضور وواجبها في ذلك مستمدان من الدستور

لا يجوز للمجلس أن يمنع الحكومة المستقيلة من حضور جلساته

لا يجوز للحكومة التحلل من حضور الجلسات ولو كانت مستقيلة

يجب أن توفي الحكومة في حضور كل اجتماعات يعقدها المجلس ولا يجوز لها أن تتحلل من هذا الالتزام لأي سبب

إذا تخلى رئيس الوزراء أو الوزير عن منصبه استمر في تصريف العاجل من الأمور وتمثيل الوزارة في جلسات المجلس
back to top