الصندوق السيادي بحاجة إلى ثورة مهنية للتعامل معه

غياب الشفافية خلق الجدل حول ربحيته أو خسارته... والنفط بات عاجزاً عن تغطية النفقات العامة
• لابد أن تصبح إيراداته من دون أي مساس بأصله المصدر المستدام لتمويل المالية العامة

نشر في 18-11-2017
آخر تحديث 18-11-2017 | 18:40
No Image Caption
فالمؤكد أن النفط بات عاجزاً عن تغطية نفقات عامة تضاعفت 5 مرات في 17 سنة بسبب عدم الالتزام بالمبدأ العام بشقيه.
قال تقرير الشال الأسبوعي إن المبدأ العام والصحيح وراء تأسيس الصناديق السيادي ينقسم إلى شقين: الأول هو أنه مهما كان مبرر الفائض في موازين أي دولة، فإنه أمر لا يمكن ضمان استدامته، والثاني هو تقييد إنفاق ذلك الفائض بترحيله إلى تلك الصناديق، حتى لا يخرب تنافسية الاقتصاد نتيجة الهدر في الإنفاق.

وتنقسم دول الفائض ذات الصناديق السيادية إلى صنفين: الصنف الأول يشمل دول الفائض المصدرة لسلع مصنعة، وربما خدمات متفوقة، مثل الصين واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية، والصنف الثاني الذي يعنينا هو صنف دول صادرات السلعة الخام الوحيدة (النفط)، وهي الدول التي يفترض أن تكون أكثر حصافة في احترام المبدأ العام وراء إنشاء الصناديق بشقيه.

وتجربة الدول النفطية في احترام المبدأ العام بشقيه وراء إنشاء صناديقها السيادية، اختلفت بشدة، إذ راوحت من بين الالتزام التام به في حالة النرويج، الذي بلغ حجم صندوقها نحو تريليون دولار أميركي في أقل من نصف وقت تأسيس الصناديق الأخرى، إلى جانب شفافية وحصافة إدارته وحصر تمويله للنفقات العامة بما لا يزيد عن 4 في المئة، ومنع استثمار أمواله في الداخل، إلى النقيض، أو فنزويلا التي خالفت كامل المبدأ وفقدت كل شيء.

ذلك كله نعرض له من باب المقارنة، بعد جدل عقيم دار في الكويت، أخيراً حول ما إذا كان صندوقنا السيادي خسر أم ربح في السنة المالية 2016/2017. ذلك الجدل دليل على غياب الشفافية وغياب الهدف، وهو أمر سيثير الكثير من ذلك النوع من الجدل العقيم في المستقبل، بينما الظروف تغيرت بشكل جوهري بما يتطلب ثورة مهنية في التعامل معه.

أول المتطلبات هو تغيير جوهري في وظيفته، فالمؤكد أن النفط بات عاجزاً عن تغطية نفقات عامة تضاعفت 5 مرات في 17 سنة بسبب عدم الالتزام بالمبدأ العام بشقيه، ولابد أن تصبح إيرادات الصندوق -من دون أي مساس بأصله- المصدر المستدام لتمويل المالية العامة.

ثاني المتطلبات هو الشفافية، وأقصى ما يحدث حالياً هو عرض الحالة المالية مرة واحدة في السنة على مجلس الأمة، وبإجماليات لا يمكن الجزم بصحتها، ولا يمكن الحكم على تحقيقها لهدفها.

وثالث المتطلبات، وهو مثار جدل، يتمثل في كيفية احتساب الأرباح والخسائر، وفيما إذا كانت تشمل الالتزامات أي القروض وأي متطلبات أخرى مثل تنامي ما يذهب للتأمينات، مع عمل إسقاطات على تأثير تلك الالتزامات في المستقبل، عندما تضاف التزامات سداد القروض وفوائدها إلى أرقام الإنفاق العام، ووظيفة صندوق التقاعد بحاجة إلى تحقيق تدفقات نقدية حرة ومستدامة. وفي غياب كل ما تقدم، لن يكون الوقت الضائع في جدل عقيم هو أكبر التكاليف، وإنما سيل من المفاجآت غير السارة في المستقبل.

back to top