التاريخ السياسي للتشكيل الحكومي 3

نشر في 13-11-2017
آخر تحديث 13-11-2017 | 00:25
 أ.د. غانم النجار مع بداية العمل بالدستور كادت تتفلش الديمقراطية، فخلال مجلس الأمة الأول الذي امتد من 1963 حتى 1967، وأنهى مدته بتمام وكمال دون نقصان، حدثت الأزمة التي كادت تعصف بالمسيرة الديمقراطية في بدايتها. حدث ذلك خلال عدة جلسات خلال نوفمبر وديسمبر 1964 ويناير 1965. فما هي تلك الأزمة؟

كانت بوادر الصدام والصراع ظاهرة مع افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث في 27 أكتوبر 1964 ، والتي قال فيها الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، بيت شعر مشهوراً "تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت فإن تولت فبالأشرار تنقاد". ولربما كان أهم من معنى بيت الشعر الطريقة التي ألقى بها رحمه الله بيت الشعر، حيث كرره عدة مرات، وكان يشير فيها بإصبعه للموجودين. كان قد استشعر بأن أزمة تلوح في الأفق.

وهكذا كان، ففي جلسة 1 ديسمبر تم قبول استقالة رئيس الوزراء الشيخ صباح السالم، رحمه الله، ومن ثم تم تأجيل الأسئلة لحين تشكيل الوزارة الجديدة. ولم تنعقد الجلسة التالية التي كان مقرراً لها 8 ديسمبر بسبب عدم اكتمال النصاب. وفي جلسة 15 ديسمبر تمت تلاوة التشكيلة الوزارية الجديدة. وهنا تحرك بعض الأعضاء مبدين اعتراضهم على التشكيل الوزاري، استناداً إلى المادة 131 من الدستور، وهي التي تمنع الجمع بين الوزارة والتجارة. وقد جرى جدل طويل وحاد، حيث طرح أصحاب الفكرة أنه لا يجوز تلاوة أسماء التشكيلة الوزارية إلا بعد استبعاد الذين لا تنطبق عليهم المادة المذكورة. بينما كان رأي الخبير الدستوري د. عثمان خليل عثمان وكذلك رأي رئيس المجلس عبدالعزيز الصقر، رحمهما الله، أنه لابد من أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد الذين انضموا مؤخراً للحكومة ومن ثم يتم التعديل لاحقاً.

احتد النقاش واحتدم، وحاول رئيس المجلس بكل طاقته أن يبين عدم دستورية منع الوزراء الجدد من أداء اليمين الدستورية، وانضم إليه لاحقاً وزير المالية ونائب رئيس الوزراء حينذاك الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، حيث قال: "إما أن نحلف اليمين الدستورية ونرد على الكلمات التي تقال، أو أن نترك الجلسة لأنه ليس في بقائنا فائدة".

إلا أن النقاش تحول إلى تراشق بألفاظ غير لائقة.

بالطبع المعركة كانت لها أطراف داخل المجلس كما خارج المجلس، وتشابك علاقات قوة معقدة، إلا أن محور ارتكازها كان التشكيل الحكومي.

وفي اللحظة التي قرر فيها رئيس المجلس دعوة أعضاء الحكومة الجدد لأداء اليمين الدستورية، فوجئ بانسحاب أكثر من نصف أعضاء المجلس المنتخبين، ما أدى إلى فقدان الجلسة نصابها، ومن ثم لم يعد بالإمكان للوزراء الجدد الذين انضموا إلى التشكيل الجديد أن يؤدوا اليمين الدستورية، مما أدى إلى رفع الجلسة ليوم آخر. وللحديث بقية.

back to top