مريم فخر الدين... برنسيسة السينما (1 - 5)

فتاة الغلاف تتحول إلى نجمة سينمائية في «ليلة غرام»
طالبة المدرسة الألمانية تمتهن كي الملابس قبل التمثيل

نشر في 12-11-2017
آخر تحديث 12-11-2017 | 00:00
مريم فخر الدين نجمة استثنائية، ونهر متدفق بالرومانسية والأحلام، وشريط من الذكريات لفنانة اشتهرت بتلقائيتها المثيرة للدهشة، والصادمة أحياناً، منذ تحولت عام 1951 من فتاة غلاف إلى أيقونة سينمائية، لتلعب المصادفة دورها في حياة ابنة مهندس مصري، وأم مجرية، وتحصد الكثير من البطولات في مسيرة قاربت 400 فيلم، وتقترن بألقاب «الأميرة إنجي» و«البرنسيسة» و«الأم الجميلة» لتدخل قلوب الملايين من عشاق الفن السابع... وفي 5حلقات مسلسلة تنشر «الجريدة» سيرة مختصرة لبرنسيسة السينما المصرية
في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، كان حلم دخول «البلاتوه» يراود الكثيرات من الفتيات، بل إن بعضهن ترددن على مكاتب شركات الإنتاج، ليجدن فرصة للوقوف أمام الكاميرا في دور قصير، بينما اختلف الأمر مع مريم محمد فخر الدين ابنة مهندس الري، وسعت إليها الأضواء والشهرة، وطرق بابها كبار المنتجين والمخرجين، لتصبح من أهم الممثلات في تاريخ السينما العربية.

عرفت «الفتاة الحسناء» طريق البطولات السينمائية، منذ فيلمها الأول «ليلة غرام» عام 1951، للمخرج أحمد بدرخان، وشاركها البطولة الوجه الجديد ـ آنذاك ـ جمال فارس مع حسين رياض ومحمود المليجي والفنانة علوية جميل وكوكبة من الممثلين، ولفتت الأنظار بدور ميلودرامي لفتاة تربت في أحد الملاجئ، وغادرته لتعمل ممرضة، وتبحث عن أبويها الحقيقيين.

كتب «ليلة غرام» شهادة ميلاد نجمة جديدة، وتصدرت مريم فخر الدين المشهد السينمائي مع نجمات أخريات، وتقاسمت مع بعضهن أدوار البطولة، مثل فاتن حمامة وهند رستم في فيلم «لا أنام» عام 1959 للمخرج صلاح أبوسيف، عن قصة للأديب إحسان عبدالقدوس، فيما لعبت دورها الشهير «الأميرة إنجي» في فيلم «رد قلبي» 1958 للمخرج عزالدين ذو الفقار، وقصة الأديب يوسف السباعي.

في هذه الفترة، اعتمدت السينما على الروايات الأدبية، سواء العربية أو المترجمة، وانتقلت شخصياتها إلى الشاشة، ومنها شخصية الأرستقراطية «إنجي» التي أحبت ابن الجنايني، وجسدتها مريم فخر الدين، وشاركها البطولة شكري سرحان وحسين رياض وهند رستم وصلاح ذوالفقار وكمال ياسين، والوجهان الجديدان أحمد مظهر ورشدي أباظة، فيما قامت بدور الزوجة، التي تتعرض لمكيدة من ابنة زوجها في «لا أنام» وهو الفيلم الذي ضم كوكبة من النجوم، منهم فاتن حمامة ويحيى شاهين وعمر الشريف وعماد حمدي.

لم تنحصر أدوار مريم في الأداء الميلودرامي، وربما ودعتها بعد أفلامها الثلاثة الأولى، فقد ظهرت ملامح السينما الواقعية في منتصف الخمسينيات، وعبرت عنها أفلام مثل «رد قلبي» كشريط سينمائي ينتقد فترة ما قبل ثورة يوليو 1952، ويكشف المكتسبات الجديدة، التي طرأت على المجتمع المصري.

ألمحت فخر الدين إلى بدايتها مع السينما، وتعاملها مع كبار المخرجين مثل صلاح أبوسيف وأحمد بدرخان وعز الدين ذوالفقار، لافتة إلى أن حظ جيلها كان أفضل من الأجيال السابقة، إذ تطورت صناعة السينما بشكل كبير، وصارت هناك موضوعات ذات مضامين عميقة، وتراجعت السطحية وتزييف الواقع، لاسيما بعد انتقال روائع الأدب إلى الشاشة، مثل روايات نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وإحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعي.

ابنة المهندس

التقى المهندس الشاب محمد فخر الدين، بفتاة مجرية تدعى «باولا»، أثناء سفره إلى الخارج في بداية الثلاثينيات، وبعد أن تزوجها، استقر بهما الحال في مصر، وتحديداً في مدينة الفيوم (جنوب القاهرة)، وفي الثامن من سبتمبر عام 1933 أنجبا ابنتهما مريم، ثم بعد عامين شقيقها يوسف الذي عمل لاحقاً بالتمثيل، وانتقلت الأسرة إلى القاهرة، وتلقت الفتاة تعليمها في المدرسة الألمانية في حي باب اللوق (وسط القاهرة)، وأظهرت تفوقاً في دراستها، وحصلت على شهادة تعادل البكالوريا «الثانوية العامة» وأجادت سبع لغات، منها الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية.

انتمت مريم فخر الدين إلى أسرة متوسطة، وعاشت حياة آمنة، وأخذت من والدها صراحته وحزمه، ومن أمها جمالها وتقديسها للحياة الزوجية، ودائماً كانت الابنة تفكر، كيف لفتاة مجرية أن تتزوج من شاب مصري، وتترك بلدها وأهلها لتعيش معه حتى آخر العمر، وأدركت أن العاطفة التي ربطت بين والديها، تغلبت على اختلاف الطبائع والتقاليد بينهما، بل إن السيدة «باولا» بعد رحيل زوجها، ظلت في مصر، حتى رحلت عن عمر يناهز 95 عاماً.

رحل والد مريم عام 1953، قبل أن تنجب ابنتها إيمان بشهر واحد، فيما رحلت والدتها عام 2001، ووقتها لم يكن للنجمة الكبيرة دخل ثابت، وندر ظهورها على الشاشة، فذهبت إلى موظف المعاشات، ليوقف معاش أمها، فسألها: أليس لوالدتك أطفال قصَّر، فقالت: أمي ماتت وعمرها 95 سنة، وحين علم أنها ابنتها الوحيدة وليست متزوجة، قال، إن من حقها أن تصرف هذا المعاش، وقدره 500 جنيه، واضطرت النجمة إلى فتح حساب في البنك، وكانت تدخر المبلغ لشهرين أو ثلاثة، ثم تسحب منه ما تحتاجه، واستمر ذلك حتى ودعت الحياة والشهرة والأضواء في 3 نوفمبر 2014.

مريم ويوسف

عن ذكريات الطفولة والصبا، تقول مريم: «تربيت في بيت لا يسمح للفتاة أن تضحك أو تبكي بصوت عال، وكان والدي دائم السفر بحكم عمله كمهندس للري، ويعشق القراءة في كل مجالات المعرفة، وقد تعلمت منه الكثير، وأيضاً من أمي، أذكر عندما كنت أطلب منها «مصروفاً» قبل ذهابي للمدرسة، ترد قائلة: وماذا فعلت حتى تأخذي نقوداً؟ وتطلب مني كي الزي المدرسي الخاص بي، وتعطيني «تعريفة» وكذلك إذا قمت بكي قميص أخي يوسف، و«قرش صاغ» لكي قميص والدي». (التعريفة وقرش الصاغ من العملات المصرية القديمة).

كانت الأم بوصفها أجنبية، ترى أن الحصول على المال، لابد أن يكون مقابل عمل، بينما الأب يرى أنه المسؤول عن الإنفاق على بيته، وتلبية جميع مطالب الأسرة، وحينها كان يتقاضى راتباً كبيراً قدره 60 جنيهاً، واتبع أسلوباً حازماً في تربية مريم ويوسف، فحين بلغت ابنته الثالثة عشر من عمرها، منعها من نزول البحر في إجازة الصيف، والرد على الهاتف، وعدم الخروج من المنزل بمفردها.

تعلمت مريم منذ طفولتها، آداب الحديث، وأن تطيع والديها، ولا تسبب أي نوع من الإزعاج داخل المنزل، والالتزام بمواعيد الاستيقاظ والنوم، ومساعدة أمها في شؤون الطهي، وترتيب الغرف، الأمر الذي جعلها فيما بعد زوجة مثالية، رغم تعدد زيجاتها، وانفصالها لأسباب لا تتعلق بواجباتها كزوجة وأم، بل لخلافات من نوع آخر، واعتزازها بذاتها، وعدم قبول الإساءة من أي شخص.

أما علاقتها بشقيقها الأصغر يوسف، فقد بدأت بغيرة طفولية من المولود الجديد، لاسيما بعد الاهتمام الزائد به، وحرص أبويها على راحته، ونومه على سريرها، لتنتقل مؤقتاً لغرفة أخرى، إلى حين إحضار سرير آخر، بل توهمت أن إلحاقها بالمدرسة الألمانية، يمهد لطردها من المنزل، حتى تتفرغ الأسرة لرعاية الطفل الرضيع.

بمرور الوقت، تحول هذا العداء إلى نوع من التوأمة بين مريم وشقيقها، بل إنه كان يستشيرها في أموره الشخصية، ويستجيب لوجهات نظرها، وبعد أن صارت نجمة سينمائية، أقنعته أن يشاركها التمثيل في فيلم «رحلة غرامية» 1957، ليلعب دور شقيقها على الشاشة، وحصل على أجر 100 جنيه، وكان الفيلم من إخراج زوجها ـ آنذاك ـ محمود ذوالفقار.

لم يحظ يوسف فخر الدين بنجومية شقيقته، وقام الفتى الوسيم ببطولة فيلم واحد «حماتي ملاك» 1959 مع الراحلة ماري منيب، وإسماعيل ياسين وآمال فريد، وبعدها قام بأدوار رئيسية مع نجوم مثل رشدي أباظة وشكري سرحان وأحمد رمزي، وقدم عشرات الأفلام مثل «الشجعان الثلاثة» و«البنات والصيف» و«إحنا التلامذة».

تزوج يوسف من الممثلة نادية سيف النصر، وعاش معها قصة حب قصيرة، فقد باغتها الموت إثر حادث سير عام 1974، ودفعه الحزن والاكتئاب إلى اعتزال التمثيل والأضواء، والهجرة إلى اليونان، وهناك تزوج من سيدة يونانية، ليكرر تجربة والده الذي تزوج من مجرية، وجاء إلى مصر في زيارة خاطفة عام 1997، للاطمئنان على صحة شقيقته «مريم» ثم عاد إلى منفاه الاختياري، وبقى هناك حتى رحيله في 27 ديسمبر 2002.

فتاة الغلاف

لم تصدق التلميذة الصغيرة معلماتها في المدرسة الألمانية بحي باب اللوق في القاهرة، حين سمعتهن يتهامسن حول جمالها وطلتها الأرستقراطية، وذات يوم تجمعن حولها، وقدمن لها صورة لملكة جمال العالم ـ آنذاك ـ وبيانات كاملة عن مقاييسها ووزنها، وتنبأن لها بأنها ستصبح مثلها، وتبهر الأنظار بأنوثتها الطاغية، واكتفت الطفلة بالابتسام، واستأذنت منهن بالانصراف.

كان هذا اليوم فارقاً في حياتها، فحين عادت إلى المنزل، دخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب، وتطلعت إلى المرآة، محاولة أن تكتشف ما رأته عيون معلماتها، وظنت أنهن يبالغن في الأمر، فهناك آلاف التلميذات غيرها، يتمتعن بمسحة من الجمال، وأن هذا ليس مبرراً، لتصبح ملكة جمال العالم.

بعد سنوات قليلة، تحققت النبوءة، ولعبت المصادفة دورها في حياة الفتاة ذات الستة عشر ربيعاً، عندما اقترب موعد عيد ميلادها، وطلبت من أمها الذهاب إلى استديو تصوير شهير لتلتقط بعض الصور التذكارية، لتضعها في إطار، وتعلقها على جدار غرفتها، ووافقت الأم بشرط ألا تخبر والدها، لأنه سيرفض الأمر، وأن يذهبا إلى الاستوديو بعد سفره في رحلة عمل.

كانت مغامرة خطيرة من السيدة «باولا» لكنها لم تقدر العواقب التي ستحدث من اصطحاب ابنتها إلى استوديو تصوير، وظنت أن الأمر سينتهي بصورة تعلقها مريم على جدار غرفتها، ولن تسبب إزعاجاً لزوجها، لاسيما أنها قادرة على إقناعه أنها مجرد هدية بسيطة لابنتهما في عيد ميلادها.

وهناك أقنعها المصور الفوتوغرافي «واينبرغ» بأن تشارك ابنتها في مسابقة «فتاة الغلاف» التي تنظمها إحدى المجلات الفرنسية «إيماغ» وأن الصورة ستكون مجانية، بينما إذا رفضت هذا العرض، ستدفع خمسة جنيهات لست صور، ووافقت الأم على الفكرة، ووقتها كانت المجلة تصدر من مؤسسة «دار الهلال» المصرية، وبالفعل اختيرت كأفضل وجه من بين مئات المتسابقات، وفازت بالجائزة الأولى، وقدرها 250 جنيهاً، وكان مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت.

استشاط الأب غضباً، وعنف زوجته المجرية، وألقى بشيك الجائزة على الأرض، ودبت الخصومة بينهما أياماً، بينما قامت «فتاة الغلاف» بصرف الشيك من البنك، واشترت ملابس جديدة لها ولشقيقها يوسف، وبعض الهدايا لأبيها وأمها، ومنها مناديل حريرية، لم يستعملها والدها طيلة حياته، وبعد رحيله وجدتها كما هي، وحينها أدركت أنه لم يكن راضياً تماماً عن اشتغالها بالسينما، لكنه خضع بعد زواجها من المخرج محمود ذوالفقار.

لفتت صورة الفائزة في مسابقة «أجمل وجه» أنظار المنتجين والمخرجين، لاسيما بعد أن نشرتها «دار الهلال» على أغلفة إصداراتها الأخرى مثل «المصور» و«الكواكب» وطرق باب المهندس محمد فخر الدين نجوم بحجم أنور وجدي وحسين صدقي، ليقنعاه بالموافقة على اشتغال ابنته بالتمثيل، لكنه رفض طلبهما، وحسب قول مريم إنه طردهما.

لم تفكر «فتاة الغلاف» أن فوزها بالجائزة، سيمهد لدخولها إلى عالم الأضواء والشهرة، وكانت علاقتها بالسينما تقتصر على مشاهدة بعض الأفلام لنجمات مثل ليلى مراد وصباح وليلى فوزي، والنجوم أنور وجدي وحسين صدقي ونجيب الريحاني، وكانت تتابع أخبارهم في المجلات الفنية، ولكن لم يخطر على بالها، أنها ستصبح يوماً نجمة سينمائية.

كان والد مريم، قد غضب من مشاركتها في هذه المسابقة، وظن أنها سحابة عابرة، وسينتهي الأمر بزواجها من رجل مناسب، لكنه شعر بالقلق على مستقبل ابنته، حين طرق بابه نجوم أهل الفن، وحينها أدرك أن الخطر لايزال قائماً، وعليه أن يزوجها في أقرب وقت، ويستريح من هذا العناء، ولكن تصاريف القدر كانت أقوى من مهندس الري.

الطريف أن عروضاً أخرى، انهالت على «فتاة الغلاف» وتقدم إليها من يطلبون الزواج، وبينهم شباب ورجال وعجائز أثرياء، لكنها رفضتهم جميعاً، وفضلت الاشتغال في السينما، فراراً من زيجة لا ترغبها، وبذلك وضعت والدها في مواقف محرجة، وتحول لقب «أجمل وجه» إلى سلسلة من المتاعب الأسرية، وصدامات مع الطامعين والفضوليين.

عن هذه الفترة، تقول مريم: «لم أجد مهرباً من هذه العروض المغرضة ـ إلى أن تسوق لي الشخص الذي يريدني لذاتي لا لجمالي، وأشعر نحوه بالحب ـ إلا في الاشتغال بالسينما، فهي مهنة شريفة، ويتوقف مدى الشرف فيها على الفتاة نفسها، واشترطت ألا يكون بين مناظر الأفلام ما يدعو أحداً من الأبطال لتقبيلي، وبذلك ابتكرت تقليداً جديداً للممثلات، حتى أقصي عن أذهان الجمهور تلك الأفكار الشائعة عن الممثلات، وعن السينما ذاتها».

الزائر الغامض

فكرت مريم كيف تقنع والدها بقرار اشتغالها في السينما، ولم يطل تفكيرها، فذات يوم طرق بابهم المخرج الشاب أحمد بدرخان، ومعه رواية « لقيطة» للأديب ذائع الصيت ـ آنذاك ـ محمد عبدالحليم عبدالله، ونسخة من سيناريو فيلم «ليلة غرام» المأخوذ عن الرواية، ورحب المهندس بضيفه، فقد كان صديقاً لوالده، وبعد جلسة طويلة، غادر الضيف تاركاً «الرواية والسيناريو» فوق منضدة الصالون.

لم تدرك الفتاة الحسناء، سر هذا الزائر الغامض، وتفاصيل جلسته الطويلة مع والدها، وفي بادئ الأمر ظنت أنه جاء ليطلب الزواج منها، أو أنه ضيف عابر، لكنها رأت والدها يحمل كتاباً وبعض الأوراق، ويدخل إلى غرفة مكتبه، ويغلق عليه الباب.

تفاصيل أكثر ترويها مريم: «كان والد بدرخان، صديقاً لأبي، ولديه قطعة أرض، ويستشيره بشأن رعايتها وشؤون المياه والري، وعندما أتى أحمد بدرخان، قال لوالدي: «أنا مخرج، وأريد مريم تمثل معي في هذه الرواية» ولأن والدي مثقف ويعشق القراءة، طلب منه أن يترك الرواية والسيناريو ليقرأهما، وبعدها يخبره بقراره النهائي».

أبدى المهندس إعجابه بالرواية والسيناريو، وقال لابنته: إذا قمت بتمثيل هذا الدور ستكونين قدوة، وتقدمين نصيحة للناس، فقالت: حاضر، وكانت لا ترفض طلباً لأبيها أو أمها، وجاء المخرج أحمد بدرخان، وخطف «فتاة الغلاف» لتدخل «البلاتوه» لأول مرة، وتقف أمام الكاميرا، وتنجح في اختبار الأداء، وتؤدي دور البطولة أمام كبار النجمات والنجوم في هذا الوقت.

قالت مريم في أحد حواراتها: « لقد أحببت التمثيل أكثر من أي شيء، وحرصت أن تظل صورتي في إطار محترم، فلم أشارك في أفلام مبتذلة أو رخيصة، ولم أجر وراء المادة، بل إنني أكره الفلوس، وأشعر أنني لو هبطت عليّ ثروة، سوف تنقل حياتي إلى الأسوأ، وسوف يتمرد أولادي على حياتهم».

الجميلة... والمليونير

لاحقت المتاعب مريم فخر الدين، بعد فوزها بجائزة «فتاة الغلاف» وعكرت صفو حياتها، واتجهت إليها عيون الطامعين والفضوليين، وانهالت عليها عروض الزواج والاشتغال في السينما، وصار عليها أن تختار بين العش الهادئ أو الأضواء والشهرة.

عن تلك الفترة، كتبت النجمة الصاعدة بتوقيعها في عدد أول يوليو 1951 من مجلة حواء المصرية، أنها اشتغلت في السينما فراراً من الزواج، لافتة أنها لن تتزوج لمنفعة مادية، بل ترجو الزواج الذي يحقق لها السعادة والطمأنينة والاستقرار، حتى لو كان في كنف شاب فقير، مادام مثقفاً، وكريم الخلق والعنصر.

تابعت فخر الدين: «وتقدم لي رجل في الخمسين، راح يغدقني بالهدايا التي أحضرها من مختلف أرجاء أوروبا، لكنني رفضتها، فساق إليّ بها من يعز عليّ أن أصدهم، فلم أجد بداً من قبولها، وأنا أؤكد لهم أنني لن أرتضي بالعجوز المتصابي زوجاً، لكنه أبى أن يخجل من رفضي، وأعطى «الشبكة» لوالدي، ووعد بأن يترك لي مجالاً للتفكير».

طمع المليونير في صمت الفتاة الصغيرة، وظن أنها ستقبل الزواج منه، فدعاها وأسرتها إلى العشاء في أحد المطاعم الفاخرة، وهناك تلقى صدمة قاسية، حين فوجئ بأن مريم ترد «الشبكة» على مرأى ومسمع من الجميع، وفي غمرة الضجة التي أعقبت هذا الفعل المباغت، انسحبت الجميلة من المكان.

في الحلقة المقبلة:

ـ «الشك القاتل» ينتهي في ليلة زفاف النجمة الصاعدةـ بطلة «حكاية حب» تعلن إفلاسها بسبب فنجان قهوة

زائر غامض يخطف ابنة المهندس من بيتها إلى «البلاتوه»

في فيلم «رد قلبي» جسدت دور «الأميرة إنجي» التي أحبت ابن الجنايني

كانت متفوقة في دراستها وأجادت سبع لغات

قدمت روايات نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي

أقنعت شقيقها يوسف بالتمثيل معها في فيلم «رحلة غرامية»
back to top