كيفية إنهاء الحرب في شرق أوكرانيا

نشر في 10-11-2017
آخر تحديث 10-11-2017 | 00:03
 المجلس الأطلسي رغم المخاوف من أن يتخلى ترامب عن أوكرانيا بغية إعادة ضبط العلاقات مع موسكو، اتخذت الإدارة الأميركية موقفاً واضحاً يعتبر أن إقامة علاقات أفضل مع روسيا مستحيلة من دون حل الأزمة الأوكرانية. كذلك طوّر مسؤولو الإدارة استراتيجية متماسكة منطقية هدفها التوصل إلى حل دبلوماسي، وعيّنوا دبلوماسياً قديراً، كورت فولكر، لتطبيقها.

في المقابل أدرك بوتين أن العقوبات لن تُرفع مجاناً وأن تفكيك الوحدة عبر الأطلسي ليست بالسهولة المتوقعة، وعلاوة على ذلك عليه اليوم تقبّل احتمال أن تمد الولايات المتحدة أوكرانيا بمزيد من الأسلحة الدفاعية، مما يصعّب شن أي هجوم جديد من دون المخاطرة بالتعرض لخسائر كبيرة، علماً أن هذه مسألة حساسة بالنسبة إلى بوتين في روسيا.

إذاً يبدو أن استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة بدأت تثمر، وقد يشكّل اقتراح بوتين نشر قوات لحفظ السلام في شهر سبتمبر إشارة إلى أنه يبحث عن وسائل للحد من خسائره. قد لا يتخذ بوتين قراره قبل الانتخابات الرئاسية الروسية عام 2018، ولكن حتى بعد الانتخابات لا نعلم يقيناً ما إذا كان سيعيد لأوكرانيا سيطرتها الكاملة على دونيتس أو قد يميل إلى تجميد الصراع وإنشاء دولة دمية أخرى مثل ترانسنيستريا.

يكمن التحدي في إقناع بوتين باختيار المسار الصحيح: تطبيق اتفاقية مينسك بالكامل. علينا أن نمتحنه على طاولة المفاوضات باقتراح قوة حفظ سلام متينة تعيد إلى أوكرانيا سيطرتها الكاملة على دونيتس، مظهرين له في الوقت عينه أن كلفة استمرار الاحتلال سترتفع لا محالة بمرور الوقت.

يجب أن يُحدَّد تفويض قوة حفظ السلام بوضوح وبطريقة تتيح لها تطبيق اتفاقية مينسك بكامل أوجهها لا حماية مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا فحسب، كما اقترح بوتين، ويلزم أن تحظى هذه القوة بالقدرة على التجوّل في الأراضي المحتلة كافةً، فضلاً عن صلاحية ضبط كامل الحدود الدولية، وتشكّل هذه خطوة بدهية بغية منع استمرار نقل الأسلحة الروسية عبر الحدود والحؤول دون عودة الرجال الخضر الصغار أو "المتطوعين" بعد رحيلهم، بالإضافة إلى ذلك ينبغي منح هذه القوة صلاحية فرض وقف لإطلاق النار وسحب كل الأسلحة الثقيلة، وتطبيق القانون والنظام، وضمان أمن المدنيين، بمن فيهم اللاجئون والمهجرون العائدون. ومن الضروري أيضاً أن تشرف على إنشاء إدارة مدنية مؤقتة تابعة للأمم المتحدة تعيد إرساء الحوكمة الفاعلة، وتعد العدة للانتخابات، وتسهّل العودة إلى السيادة الأوكرانية.

لن نحقق أياً من هذه الخطوات إن لم نضغط على بوتين ونحمله على التفاوض بجدية، فعلى الإدارة الأميركية أن تلتزم بتصريحاتها المتكررة عن تزويد أوكرانيا بأسلحة دفاعية، فيبدو أن القادة العسكريين الأوكرانيين مهتمون على الأمد القصير بتجهيزات غير فتاكة مثل المزيد من رادارات رصد مصادر النيران، وطائرات الاستطلاع من دون طيار، والآليات المدرعة، ووسائل الاتصال الآمنة. ولكن إذا رفضت روسيا التهدئة، فقد يحتاجون إلى أنظمة فتاكة، مثل الأسلحة المضادة للدبابات، لتشكّل وسيلة ردع إضافية في وجه أي اعتداءات روسية جديدة، وقد يكون تسليم هذه الأسلحة مرتبطاً بالتطورات على الأرض.

لا يهدف مدّ أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة إلى تشجيع الحكومة على السعي إلى تحقيق انتصار عسكري لأن كييف تدرك أن هذا مستحيل. على العكس، الغاية الرئيسة مساعدة أوكرانيا في حماية قواتها والحد من الخسائر، وردع روسيا برفع كلفة أي اعتداء إضافي، وزيادة الضغط على روسيا ودفعها إلى التفاوض بجدية بشأن تطبيق اتفاقية مينسك.

هل يكون كل هذا كافياً لتبديل حسابات بوتين؟ ما من خطوات تضمن ذلك، إلا أنها قد تحدث فارقاً، وحتى لو لم تبدل العقوبات الأكثر تشدداً والمساعدة الأمنية المتنامية حسابات بوتين بشأن دونيتس، فإنها تصعب عليه زعزعة الاستقرار في أوكرانيا، وفي تحليل أخير تبقى القوة الكبرى في وجه طموحات بوتين في دونيتس نجاح أوكرانيا في التحوّل إلى مجتمع ديمقراطي مزدهر.

* ألكسندر فيرشبو

back to top