السعودية والتوجه المبارك!

نشر في 23-10-2017
آخر تحديث 23-10-2017 | 00:18
 صالح القلاب حطت قبل أيام، الأربعاء الماضي، في مطار بغداد، أول طائرة ركاب سعودية منذ 21 عاما، ولعلها مصادفة سعيدة أن يتوجه في اليوم ذاته رئيس الأركان العراقي الفريق أول عثمان الغانمي، على رأس وفد عسكري عالي المستوى، إلى الرياض، استجابة لدعوة رسمية، وحيث قام رئيس الوزراء بزيارة جديدة لهذه الدولة الشقيقة، وصفت بأنها في غاية الأهمية، وحقيقة إن هذا يدل على أن السياسة التي اتبعتها المملكة العربية السعودية بالانفتاح على العراق العظيم، الذي بدونه لا عروبة، والذي هو بلا العروبة يتحول إلى دولة هامشية ومجالاً حيوياً، وعلى الصعد كافة، لإيران المجاورة التي ولشديد الأسف قد تحولت إلى دولة توسعية بغطاء مذهبي بغيض، بدأ العراقيون يدركون أهدافه السياسية التي لم تعد خافية على أي كان، وخاصة في هذه المنطقة التي غدت مرجلاً يغلي بالاضطرابات المدمرة.

لقد جاءت مبادرة تعبيد الطرق مع العراق، جدار الأمة العربية الشرقي، من الرياض بتوجيهات ملزمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أطال الله عمره، وقد ثبت أن الأشقاء في بلاد الرافدين، شعباً وحكومة وأحزاباً وانتماءات مذهبية، كانوا بانتظار هذه الخطوة، وهكذا فقد تيقن الجميع، السعوديون والعراقيون، بأنهم جناحان لأمة واحدة، وأن هذه الأمة تصبح مقعدة وكسيحة إذا ابتعد هذان الجناحان عن بعضهما، ولعل ما يثبت هذا هو الحالة التي أصبح العرب عليها ليس خلال الفترة منذ عام 2003 وإنما قبل ذلك، عندما ركبت شياطين الفرقة من اتخذ قرار غزو الكويت عام 1980.

والمفترض في ضوء هذا التقارب "الاستراتيجي" الصادق بين قطبين عربيين رئيسيين، أنه لا علاج لداء المذهبية والطائفية الذي تفشى كثيراً في الجسد العربي خلال السنوات الأخيرة إلا الالتزام القومي الأصيل الصادق والبعيد عن المناورات والألاعيب السياسية والمصالح الآنية، فالنكوص العروبي هو البيئة التي تنتعش فيها هذه الأمراض القاتلة فعلاً التي جعلت سورية، قلب العروبة النابض حقاً وفعلاً، تتمزق مذهبياً وعلى هذا النحو، وجعلت الغزاة يتناهشونها بحجج باطلة وسخيفة، بينها حماية مراقد آل البيت الذين هم جذر هذه الأمة العظيمة التي بقيت محمية بقلوب وسيوف العرب منذ أن أصبحت دمشق عاصمة أول دولة عربية هي أول من ركب جنودها البحار عندما كان معاوية بن أبي سفيان والياً في عهد أمير المؤمنين العظيم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، الذي حرّم على العرب والمسلمين سَبي المرأة العربية.

وهنا وبدون أي تعصب فإنه بالإمكان القول إن هذا "النفس" العروبي هو الذي أنهى حالة الارتباك التي عاشها العراق العظيم منذ الغزو الأميركي عام 2003، وهو الذي حسم الأمور بالسرعة التي حُسمت بها، وهو الذي حال دون التدخلات الخارجية المتدثرة بالبراقع الطائفية، وهو الذي سيمنع افناء الأشقاء الأكراد الذين سيعطيهم حقوقهم طالما أن مشكلة هؤلاء الأساسية مع أمم دول الجوار الأخرى وليس مع العرب الذين كانوا يعتبرون صلاح الدين الأيوبي أحد أكبر رموز أمتهم وأحد الخلفاء الراشدين.

علينا أن نتفاءل، فالعراق بدأ ينهض فعلاً من كبوة نتمنى أن تكون عابرة، والمؤكد أن المملكة العربية السعودية عندما اتخذت أول خطوة في هذا الاتجاه الصحيح، فلأنها تعرف أن بلاد الرافدين هي الجدار الشرقي لهذه الأمة، وأن استمرار حالة الانحدار هذه، التي وصل إليها العرب، ستؤدي إلى الدمار الشامل.

back to top