من هو الإرهابي؟

نشر في 23-10-2017
آخر تحديث 23-10-2017 | 00:20
 أ.د. غانم النجار الحادث الإرهابي الأخير في لاس فيغاس، الذي أودى بحياة ٥٨ شخصاً وجرح العشرات، هل قلت إرهابي؟! وصفت وسائل الإعلام مرتكبه، ستيفن بادوك، تارة بـ "الرجل ذي البندقية" (the gunman)، أو "مطلق الرصاص" (the shooter K) هكذا، وكان أسوأ ما قيل فيه إنه مجنون. حقيقة الأمر هي أن الرجل ليس لديه أي سجل إجرامي، أو نفسي أو عقلي، كما أن وضعه المادي ممتاز. جمع قطع سلاح كثيرة خلال سنة كاملة، اشتراها من عدة ولايات مختلفة، لم ينتبه له أحد، بل تمكن من تحويل سلاح عادي إلى سلاح أوتوماتيكي قادر على القتل من مسافة بعيدة. لم ترد صفة إرهابي أو حتى مجرم في كل التغطيات الإعلامية على ستيفن بادوك. حياته نموذجية بالنسبة لرجل أميركي أبيض، والأهم أنه وجه رصاصة إلى جمهور الموسيقى الشعبية "كنتري ميوزيك"، وهي الموسيقى التي يلتف حولها البيض بالدرجة الأولى، ويعشش فيها اليمين المتطرف وأنصار ترامب.

إن كانت هناك أرقام قياسية لأفراد قتلوا أشخاصاً بمفردهم فإن بادوك يحتل المرتبة الأولى أميركياً، والثانية عالمياً، بعد أندريه بريفيك النرويجي، الذي قتل بمفرده نحو ٧٧ شخصاً نرويجياً أغلبهم من الشباب في صيف ٢٠١١. بريفيك الذي يقضي عقوبته في السجن كانت له آراء متطرفة نشرها على موقعه في الإنترنت. أما بادوك الأميركي فليس له أي رأي منشور أو غير منشور، وحتى القريبون منه لا يعرفون لماذا فعل ذلك، ولا "إف بي آي"، أما الرئيس ترامب فوصفه بالمجنون، مع أنه لا يوجد أي دليل على جنونه.

إن لم يوصف "بريفيك" و"بادوك" و"تم ماكفيه"، الذي فجر المبنى الفدرالي في أوكلاهوما محدثاً أضراراً اقتصادية، وقاتلاً عدداً كبيراً من الناس الأبرياء، بالإرهابيين فمن يا ترى يوصف بالإرهابي؟

النقاش في أميركا تحول من مكافحة الأرهاب إلى كيفية التعامل مع الحالة السائبة للتسلح، ومدى تناقض ذلك مع المادة الثانية من الدستور، التي تعطي الناس حق الاحتفاظ بالسلاح لحماية أنفسهم لدرجة الثورة على الحكومة، ودور الجمعية الوطنية للبنادق، كأقوى جماعة ضغط سياسية تمنع الحد من التسلح والاحتفاظ بالسلاح.

ألا يطرح ذلك سؤالاً مشروعاً حول مشاريع وذهنية التعميم، ووصم الناس بالإرهاب من سحنات مغايرة لسحنة بادوك أو ماكفيه أو غيرهما، ألا يطرح سؤالاً بأن الإرهاب غير مقتصر على فئة أو عرق أو دين، وسؤالاً مشروعاً آخر: ماذا يا ترى لو كان ستيفين بادوك مسلماً، أو شرق أوسطياً؟ كيف كانت التغطية الإعلامية؟ وكيف كان سيوصف؟

back to top