حديث النفس

نشر في 22-10-2017
آخر تحديث 22-10-2017 | 00:20
 محمد الوشيحي من أكثر تصرفات الرجال بشاعة، في نظري، استجداء عواطف الناس، واستثارة شفقتهم، والظهور بلباس المظلومية، مع دمعتين، ولحظات صمت، وإطراقة، وقلب مكسور... لزوم التراجيديا.

المثير للضحك، أو القرف، أن غالبية الباحثين عن شفقة الناس وعطفهم، عادةً ما يكونون هم الظلمة الفسقة الفجرة، فتجد ثرياً فاحش الثراء، نهب من ثروات بلده ما يرهق ظهور الجمال، وغصت البنوك بأموالٍ تثير شفقتك على قارون رب المال! ثم يظهر هذا الكائن في وسائل الإعلام بحزن وإطراقة، ويتحدث "على حدود البكي" كما تقول فيروز، وكيف ظلمته الدولة، فسامحها، وحاربته، فسامحها، وقست عليه، فسامحها، والمسامح كريم، يا عيني، وهي بلده أولاً وأخيراً، وهئ هئ هئ.

أو تجد سياسياً حاصلاً على الميدالية الذهبية في بطولة اللعب بالبيضة والحجر، يداهن الحكومة صباحاً، والمعارضة مساءً، ويأخذ من هذه ما يشبع بطنه من الخدمات والمناصب والصفقات، ويأخذ من أولئك ما يشبع غروره من السمعة والصيت، ثم يظهر في الندوات أو التجمعات أو في قاعة البرلمان بثياب الأتقياء الزاهدين، وهئ هئ هئ.

أثار هذا الحديث في نفسي، ما قرأته من تعليقات في صفحتي على "سناب شات"، على صورة وضعتها، عبارة عن منظر مسائي للكويت بأضواء الأبراج، وكتبت عليها شطراً من قصيدة أحمد مطر الشهيرة "أنا يا كويتُ... قد اكتويتُ"، فانهمرت التعليقات الحزينة، المتعاطفة، المتألمة على حالي! وتحول الموضوع، فجأة، من شفقتي أنا على البلد، إلى شفقة الناس عليّ. وهي شفقة لا محل لها ولا معنى ولا داعٍ. أقول ذلك طبعاً بعد أن أشكر مشاعرهم الطيبة، لكن مثلي لا يبحث عن الشفقة، ولا يحترم من يستثيرها ويستجديها.

back to top