الغانم يدعو لممارسة الضغط السياسي على الكنيست الإسرائيلي

خلال كلمته أمام الاتحاد البرلماني الدولي في مؤتمره الـ ١٣٧ المنعقد في سان بطرسبرغ

نشر في 17-10-2017
آخر تحديث 17-10-2017 | 00:05
طالب الرئيس الغانم أعضاء الاتحاد البرلماني الدولي بضرورة تفعيل سلطة الاتحاد، ككيان يضم ممثلي شعوب العالم المتطلعة إلى الحرية والكرامة والعدل.
أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم ضرورة أن يتحول الاتحاد البرلماني الدولي الى سلطة اخلاقية لها حق الانتقاد المباشر والتنبيه والتحذير والإنذار والتجميد، إزاء كل من لا يلتزم بمبادئ الاتحاد.

جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس مجلس الأمة، أمس، أمام الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في مؤتمره الـ ١٣٧ المنعقد في سان بطرسبرغ بروسيا الاتحادية.

وطالب بضرورة ممارسة كل أنواع الضغط السياسي والأخلاقي على الكنيست الإسرائيلي، وإلى تفعيل سلطة الاتحاد، ككيان يضم ممثلي شعوب العالم المتطلعة الى الحرية والكرامة والعدل لاتخاذ الإجراءات التي تحفظ لهذا الاتحاد هيبته وعدالته وسمعته، وتحافظ على مبادئه.

من جهة أخرى، تطرق الغانم في كلمته إلى المأساة الإنسانية لمسلمي الروهينغا، التي وصفها بـ «الكارثة التي جسدت المثال الصارخ لرفض الآخر، لمجرد انه مختلف عرقيا او دينيا او ثقافيا».

وقال إنه برغم النداءات والاستنكارات المتتالية من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا تزال تلك الأزمة تتصاعد والعالم يتفرج.

وكان البند الطارئ المتعلق بالروهينغا، الذي قدمه البرلمان الكويتي وبرلمانات دول أخرى قد حصل أمس الأول على أغلبية ساحقة من أصوات أعضاء الاتحاد، وأدرج على جدول أعمال المؤتمر.

وجاء في نص كلمة الغانم: «أحيي الجمعية العامة للاتحاد على اختيار موضوع التعددية الثقافية والسلام، من خلال حوار الأديان والأعراق، موضوعا للمناقشة العامة في هذه الدورة»، مضيفا أن «أهمية هذا الموضوع محل النقاش، تزايدت في السنوات الأخيرة، خاصة مع صعود ظاهرتي الإرهاب والتعصب دينيا، والتطرف اليميني سياسيا، وهما ظاهرتان شكلتا نكوصا وتراجعا في الوعي الإنساني العالمي، قياسا بما تحقق من نجاحات وتقدم مع نهايات القرن العشرين».

وتابع: «لكن برغم التقدم الذي أحرزه الإنسان خلال العقود الماضية، ما زالت هناك بؤر تتجسد فيها كل البدائيات والغرائزيات والنزعات المتوحشة، ولعل آخر حلقات السقوط تمثلت في الأزمة الإنسانية المروعة لأقلية الروهينغا في ميانمار، تلك الكارثة التي جسدت المثال الصارخ لرفض الآخر، لمجرد أنه مختلف عرقيا او دينيا او ثقافيا، وبرغم النداءات والاستنكارات المتتالية من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لا تزال تلك الأزمة تتصاعد والعالم يتفرج، وإن كنا مدينين بالشكر لاعضاء الاتحاد على الموقف الرائع الذي اتخذوه بالتصويت بشكل كاسح للبند الطارئ المتعلق بالروهينغا».

وقال الغانم: «إذا ما ذكرت كلمة احتلال على سبيل المثال، فما هو النموذج الذي سيتم استدعاؤه تلقائيا عند كل انسان يسكن هذا الكوكب، ومن الذي لا يزال يمارس هذه الكلمة القميئة القديمة عمليا، أنا متأكد أن نقطة جغرافية واحدة هي التي سيتم التفكير بها لأول وهلة، انها فلسطين، ليس غيرها، فهي الأرض العتيقة وأرض الديانات والأنبياء، والجرح المفتوح، القاتل والمقتول».

واستطرد: «هناك تتجسد كلمة احتلال، ليس بوصفها مناقضة لكل مفاهيم التعددية الثقافية والدينية والعرقية، والذي هو محل نقاشنا اليوم، بل بوصفها إلغاء تاما ونهائيا للآخر من جذوره، اذا نحن لا نتحدث عن كيان يمارس تفرقة وتمييزا عنصريا ودينيا فحسب، بل عن كيان يلغي هذا الآخر من الأساس ويعتبره بلا حق ويرفض حتى الاعتراف بوجوده كحقيقة ديمغرافية».

حراس السلام

وقال: «تصف ورقتكم التعريفية التي وزعت قبل أشهر والمتعلقة بنقاشنا اليوم، برلمانيي العالم بأنهم حراس السلام، وأنا أتساءل هنا: كيف لحارس أن يمارس مهامه، وهو مجرد من سلاحه، بل ومن قدرته حتى على تسجيل مخالفة إزاء أي خرق، وهنا يتحول الحارس الى متفرج، وبالتبعية الى متواطئ بالصمت، وشاهد زور، وهذا ما لا نريده لاتحادكم الموقر».

وتابع: «نحن نتفهم إيمان البعض ورغبته بعدم تحويل الاتحاد البرلماني الدولي الى محكمة، لكنني، ولتعذروني، لا أتفهم في المقابل أن يكون البديل، هو تحولنا الى منتدى للكلام والفضفضة والتنظير»، متسائلاً: «أليس هناك طريق آخر؟ أن يتحول كياننا مثلا، الى سلطة أخلاقية، لها حق الانتقاد المباشر والتنبيه والتحذير والإنذار والتجميد، إزاء كل من لا يلتزم بمبادئ اتحادنا، أين نحن من كل تلك الاجراءات، التي تشكل ضغطا حقيقيا على كل من يتجرأ على خرق الاجماع العالمي؟».

وأضاف: «وعندما أقول الاجماع العالمي، فأنا أتحدث عما اتفقنا عليه جميعنا منذ عام 1945، أتحدث عن ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف الحقوقية، ومواثيق القانون الدولى، وأخيرا مبادئ نظامنا الأساسي في الاتحاد البرلماني الدولي، ونحن لا نطالب باجراءات انفعالية، بل نطالب بممارسة سلطتنا الأخلاقية، إزاء ملف صارخ وواضح وقديم ومزمن، اتفقت كل قرارات الشرعية الدولية على انه يمثل انتهاكا واضحا لمبادئها الإنسانية الجامعة».

واستطرد: «أن تحتل اراضي ليست لك، وتمارس الاستيطان في مدن وقرى مملوكة لغيرك، وأن تمارس القتل والاغتصاب ضد شعب اعزل طوال 70 عاما، وأن تمنع أصحاب الديانات الأخرى من ممارسة شعائرهم في مقدساتهم، وهذه ليست قضايا ملتبسة ومحل خلاف، بل هي ممارسات شديدة الوضوح، وتنطوي على قدر كبير من التوحش، وتناقض كل ما يدعو إليه الانسان المتطلع الى السكن في كوكب يسوده العدل والكرامة الإنسانية».

وقال الغانم: «أحتاج الى ساعات وساعات، لأسرد الشواهد العملية على استمرار الكيان الإسرائيلي الغاصب في انتهاك كل قرارات الشرعية الدولية، ولكن لا بأس من مثال واحد قريب، مجلس الامن الدولي، وبتركيبته المتنوعة، قام في ديسمبر من العام الماضي وبإجماع أعضائه، بإصدار القرار رقم 2334 والقاضي بضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وبدلا من انصياع إسرائيل لهذا القرار قام الكنيست، الذي هو عضو بيننا الآن، في السادس من فبراير هذا العام، بالمصادقة على قانون تنظيم الاستيطان، الذي يشرعن وبأثر رجعي بناء ما يقارب أربعة آلاف مسكن استيطاني في 16 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية».

وتساءل: «إذا لم يكن هذا هو العبث، والاستهتار، والتجاهل المطلق لقرارات الشرعية الدولية، فكيف يكون شكل العبث اذاً؟ ومن هنا أجدد الدعوة -وسنظل نجددها في كل مناسبة دون كلل أو ملل- إلى ضرورة ممارسة كل أنواع الضغط السياسي والأخلاقي على الكنيست الإسرائيلي، وإلى تفعيل سلطة اتحادنا ككيان يضم ممثلي شعوب العالم المتطلعة الى الحرية والكرامة والعدل، لاتخاذ الإجراءات التي تحفظ لهذا الاتحاد هيبته وعدالته وسمعته، وتحافظ على مبادئه».

وقال الغانم في الختام: «لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للسيد صابر تشودري على حسن ادارته للاتحاد طوال فترة رئاسته، وعلى ما أظهره من حكمة وخبرة في تولي مقاليد الاتحاد، وأقول له: أتعبت من بعدك».

مشاركات جادة

من جانبه، وصف النائب محمد الدلال مؤتمر اتحاد البرلمان الدولي المنعقد في روسيا الاتحادية بالمتميز، نظرا لمشاركة الوفود البرلمانية غير المسبوقة من حيث عدد البرلمانات المشاركة، فهو المؤتمر الأكثر حضوراً من رؤساء البرلمانات والبرلمانيين من مختلف الدول، بمشاركة اكثر من ٩٠ رئيس برلمان، مؤكداً ان روسيا الاتحادية «أعطت المؤتمر زخماً كبيراً بحضور الرئيس بوتين، وكذلك نجاح التنظيم وما قدم فيه من قضايا لتطوير العمل البرلماني».

وقال الدلال، في تصريح صحافي، إن هناك فعاليات مهمة في هذا المؤتمر البرلماني الدولي تتعلق بتطوير عمل البرلمانات ودعمها وتعزيزها، مشيرا الى ان هناك مشاركات جادة من الوفود البرلمانية في هذا المؤتمر.

وأضاف أن مشاركة اعضاء وفد الشعبة البرلمانية الكويتي كانت محل اهتمام في العديد من الاجتماعات لبحث قضايا عديدة، منها دعم المرأة في العمل البرلماني، وكذلك الشباب، بالإضافة الى احترام الأديان والثقافات المختلفة.

وأوضح أن مشاركة الوفد البرلماني الكويتي برئاسة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم كانت فاعلة في الكثير من القضايا، مبينا: «شاركنا في عدة جلسات تتعلق بالمؤتمر، وبالأخص الجلسات التنسيقية الأولى للبرلمانين العرب والإسلاميين».

ولفت الى مشاركته في اللجنة المكلفة ببحث الطلب المقدم من وفد الشعبة البرلمانية الكويتي، إلى جانب ٦ طلبات من دول اخرى في ما يخص نصرة مسلمي الروهينغا وميانمار.

وأضاف: «توصلنا من خلال النقاش للاتفاق على دمجها بطلب واحد بحيث تدرج على جدول الاعمال ضمن البنود الطارئة، وبالفعل تشكيل لجنة مصغرة لإعادة صياغة طلب وقف مجازر الروهينغا، وبهذا كانت ثمرة الموافقة عليه من خلال التصويت الذي جرى مساء الاحد الماضي».

وختم الدلال تصريحه بأن موقف دولة الكويت ثابت وواضح من الجانب الإنساني، فهي دوماً سباقة في دعم القضايا الانسانية على المستوى البرلماني والرسمي والشعبي، لأنها بلد الانسانية ويهمها وقف ما يحصل من مجازر بحق مسلمي الروهينغا وميانمار.

المطالبات الكويتية

من جهتها، أكدت النائب صفاء الهاشم ان وجود الكويت في اجتماع اتحاد البرلمان الدولي أعطى قيمة مضافة عالية وثقلا سياسيا لأدوار الاتحاد، لأن طلب البرلمان الكويتي واضح وصريح في حفظ المبادئ الانسانية الاساسية وتجميد عضوية منتهكيها، معربة عن سعادتها لما لاقته من كم القبول للمطالبات الكويتية، وقوة الكلمة الكويتية التي طرحها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم بشكل دفع كل دول العالم الى استحسانها والتصفيق تشجيعا وتأييدا لمضامينها.

وشددت على مطلب أن يكون للبرلمان الدولي الأنياب اللازمة لإيقاف انتهاكات برلمانات الدول، عبر تعديل النظام الأساسي بمادة واحدة، تخول للاتحاد فرض عقوبات على بعض الدول اذا تجاوزت الحدود المسموح بها، قائلة: «لا نريده منتدى أو حفلا لشرب الشاي أو القهوة».

وفي تعليق لها على ما يتداول عند بعض الأوساط من ان مشاركات الوفود النيابية هي للتصييف والسياحة، قالت إن المشاركة النيابية في المحافل الدولية لها مدى متنامٍ لتفعيل الدبلوماسية البرلمانية الكويتية، بعكس ما يثار.

وأكدت أن هذه الأهمية اكتسبتها الكويت بوجود سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد المعروف بقائد الانسانية وقيادته لحل كل الأزمات المضرة، ليكفل للشعوب سلامتها وسعادتها وكرامتها بحكمة شديدة.

المأساة الإنسانية

من جهته أشار النائب يوسف الفصالة الى أهمية كلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وما حملت من مضامين رئيسية في مقدمتها وقف المأساة الانسانية التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا، ووقف انتهاكات الكنيست الاسرائيلي تجاه الفلسطينيين، مع تعظيم دور اتحاد البرلمان الدولي بأدوات فاعلة وتحركات جادة ضدة تلك الانتهاكات.

وأوضح الفضالة أنه «طوال فترة اجتماعاتنا من الأسبوعين الماضيين عملنا لتوحيد الصفوف بين وفود مختلف الدول، لضمان التأييد لتحركات ايقاف ممارسات الكنيست الاسرائيلي، عبر تجميد عضويته في اتحاد البرلمان الدولي، حتى يلتزم وحكومته بتطبيق قرارات الامم المتحدة».

ولفت الفضالة إلى ما لاقاه الوفد الكويتي من تفاعل إيجابي ازاء مطالبات تعديل النظام الأساسي لتجميد عضوية منتهكي المبادئ الاساسية للاتحاد.

موقف الكويت ثابت وواضح من الجانب الإنساني الدلال

تعظيم دور الاتحاد بأدوات فاعلة ضد الانتهاكات الفضالة
back to top