إيران والعقدة النووية!

نشر في 16-10-2017
آخر تحديث 16-10-2017 | 00:18
 صالح القلاب حتى لو امتلكت إيران أكبر قنبلة نووية فهل تعتقد أنها تستطيع فرض نفسها على المنطقة؟ فإسرائيل حتى بعد امتلاكها هذه القنبلة، التي بقيت تشكل عبئاً عليها، لم تستطع التفكير، حتى مجرد التفكير، في استخدامها عندما فاجأتها مصر وسورية بحرب أكتوبر 1973، والمعروف أن هذا النوع من الأسلحة الفتاكة لم يستخدم في تاريخ الحروب إلا مرة واحدة عندما استهدف الأميركيون مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين بقنبلتين ذريتين، وحسمت الأمور بوضع حد للحرب العالمية الثانية.

هناك الآن ثلاث دول في هذه المنطقة تمتلك هذا النوع من الأسلحة الفتاكة، هي إسرائيل والهند وباكستان، ويقيناً ان أياً منها لم تفكر وعلى الإطلاق في استخدام هذا النوع من القنابل، التي حلّت محلها أسلحة فتاكة كثيرة، بينها الأسلحة الكيماوية والغازات السامة، التي من المؤكد أن بشار الأسد قد استخدمها ضد الشعب السوري في خان شيخون وغيرها، وهذا غدا مثبتاً رغم نفي الروس المتواصل الذين يدل إصرارهم على هذا النفي أنهم قد يكونون متورطين في هذه الجرائم التي يبدو أنها لم تتوقف حتى الآن!

كان بإمكان إيران أن تدخل إلى المنطقة العربية بعد ثورة عام 1979 دخولاً أخوياً، وعلى أساس الخير العام والمصالح المشتركة، وتوفر كل هذه الأموال التي تنفقها على المجهود الحربي العدواني، من أجل رفع مستوى عيش المواطن الإيراني، لا بل من أجل توفير رغيف الخبز لهذا المواطن، وتوفير الملابس والدفاتر وأقلام الرصاص للأطفال الإيرانيين الذين من المفترض أنهم الأولى بهذه الأموال التي تصرف على التطلعات الإمبراطورية، وعلى التوسع في دول الجوار التي من المفترض أنها دول شقيقة يمكن أن تكون الطرق كلها بين إيران وبينها سالكة وآمنة.

إنه غير جائز أن تنفق إيران كل هذه الأموال التي تنفقها لتصبح دولة نووية، فهذا إن كان يفعله جونغ أون لابتزاز كوريا الجنوبية والأميركيين، وليعزز وضع الروس في المعادلة الدولية، فإن المفترض ألا يفكر فيه الإيرانيون حتى مجرد تفكير، لأن الدول التي يستهدفونها لديها ما هو أهم من هذه القنابل، وهو "تحريك" الأقليات القومية والمذهبية (الإيرانية)، مثل العرب الكرد والبلوش والآذاريين والشيعة الفيليين الذين يمارس ضدهم اضطهاد لا تحتمله حتى الجبال الرواسي.

وهكذا فإن الأفضل لإيران وشعبها، الذي يتضور معظمه جوعاً، أن يتم التخلص من هذه النزعة الإمبراطورية العدوانية والتوسعية، المبنية على أوهام وعقد تاريخية من المفترض أن الزمن قد تجاوزها وأصبحت مجرد خرافات بائسة لا يجوز أن تبقى تتحكم في الأجيال الإيرانية الصاعدة، ولا بعلاقات هذه الدول، التي يربطها مع شعوب هذه المنطقة، وفي طليعتها الشعب العربي، تاريخ طويل كانت حسناته أكثر كثيراً من سيئاته.

back to top