هذا الكتاب ممنوع!

نشر في 15-10-2017
آخر تحديث 15-10-2017 | 00:15
فى عرف الحكومة أن الإفساح عن رواية أو كتاب "مزعج" لا يرقى إلى إقالة وزير، وأن التغيير الوزاري أو استقالة حكومة بأكملها يستدعيان حدثاً أكبر وقضية من العيار الثقيل.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

ديوان الخدمة المدنية قرر منع استخدام الموظفين للسخانات والمايكرويف في مقار العمل، الطريف أن نقابة الديوان ردت على القرار بأن هناك موظفين تستدعي حالتهم الصحية الأكل بسبب أمراض السكر والضغط!

***

قرأت خبراً لوكيل التخطيط والتنمية المعرفية في وزارة الإعلام يزف فيه إجازة 3 كتب بينها رواية الزميلة أروى الوقيان الموسومة "فلتكوني بخير"، فخرجت بانطباع أن المسؤول أراد إيصال رسالة مفادها أن لجنة الرقابة على الكتب، ولجنة التظلمات في الوزارة تريدان تخفيف قيود الرقابة على الكتب في القادم من الزمن، خصوصا أن معرض الكويت للكتاب على الأبواب، إضافة إلى قتامة الأجواء الرقابية السابقة التي نحرت الكثير من الروايات، ولم تتم إجازتها خوفا من أزمات سياسية تحدث في قاعة البرلمان!

ففي عرف الحكومة أن الإفساح عن رواية أو كتاب "مزعج" لا يرقى إلى إقالة وزير، وأن التغيير الوزاري أو استقالة حكومة بأكملها يستدعيان حدثا أكبر مثل "الداو كيميكال" أو التحويلات المالية الخارجية أو أي قضية من العيار الثقيل.

الرقابة على الكتب مزعجة، وكلفت الكويت سمعتها في المحافل الثقافية الخارجية، فبات ينظر إلى وضعنا الثقافي على أن ثمة انتكاسة كبيرة تحدث بعد عصر ذهبي ناطح بجدارة بلداناً كلبنان ومصر في فترات سابقة، وفي يقيني أن كثيرا من القوانين المجحفة يتم إقرارها مجاملة للقوى المتأسلمة، ولا يتم تطبيقها إلا تحت ظروف مواتية، ومن بين ذلك قانون المطبوعات.

فتارة تُمنع الكتب وتارة تُفسح وتُباع تحت راية القانون ذاته، لكن بحسب مقايضة قوى التشدد للحكومة لتحقيق مصالح ضيقة لا علاقة لها بالمشهد الثقافي، فيذهب كُتَّاب بارزون ومؤلفات جادة ورصينه قُرباناً لتفادي تعديل وزاري!!

أُشفِق على الكُتَّاب والروائيين الذين يمثلون رصيدا ثقافيا للكويت، فهؤلاء يحترقون أثناء الكتابة– وأنا أعني هذه الكلمة– فيأتي من هم أقل منهم ثقافة ليقيموا إنتاجهم الأدبي، ويقرروا قتله بكلمة "غير مُجاز" خوفا من أزمة سياسية.

لجنة الرقابة، ولجنة التظلمات بحاجة إلى تعديل عضويتهما، إذ تجب زيادة جرعة المحكمين من خارج الوزارة حتى تقترب من الحياد، كما يجب أن تكون شروط اختيار أعضاء اللجنتين شفافة وواضحة الأسس، وهذان الشرطان وربما غيرهما يساهمان في إضفاء مزيد من المهنية على عملهما.

لا عزاء لأهل الفكر والقلم، فتعديل قانون المطبوعات مع التركيبة السياسية السائدة شبه مستحيل، فهؤلاء هم من شرعوا القانون السُبة وهو البصمة الوراثية، وقبلها الإعلام الإلكتروني؛ المطبوعات والمرئي والمسموع وإعدام المُسيء، فسياسيونا احترفوا اقتناص مواقع السيطرة ولا تعنيهم الثقافة والمثقفين في شيء.

نعم لا عزاء لكم- أيها المثقفون- سوى الفضاء الإلكتروني وجوائز "البوكر"، والنشر خارج الكويت إلى أن تأتي حكومة تضع الثقافة كرؤية دولة كما كانت في عهود سابقة.

ليس أمامكم سوى الاستمرار في الكتابة والتأليف والنشر... هذا قدركم.

back to top