جمال الدين: الإدارة العامة أول ضحايا «الحوكمة» وأول المقاومين لها

الطبيعة الريعية للاقتصاد الكويتي تشكل بيئة حاضنة للفساد ومقاومة للحوكمة

نشر في 12-10-2017
آخر تحديث 12-10-2017 | 00:06
أكد مدير الإدارة الاقتصادية في غرفة تجارة وصناعة الكويت المستشار ماجد بدر جمال الدين ان حوكمة الهيئات العامة في الكويت تواجه تحديات تضعف فعاليتها وتحد من قدرتها على تحقيق اهدافها. وقال جمال الدين في ورقة بعنوان «حوكمة الهيئات العامة في الكويت... مقاربة نقدية» قدمها في مؤتمر الحوكمة في الكويت - الاطار التشريعي والمالي والاداري الذي نظمته لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة بالتعاون مع ديوان المحاسبة امس، ان الادارة العامة الكويتية بوضعها الراهن ستكون اول ضحايا الحوكمة الصحيحة.
وعدد جمال الدين اهم التحديات الهيكلية التي تواجه الحوكمة في الكويت وهي الهويات الصغرى، والاقتصاد الريعي، وضعف الادارة العامة، والنظام التعليمي، مشددا على ضرورة تحرر قياديي الهيئات العامة من تدخلات السياسيين، وأن على القياديين ان يكونوا اكثر جرأة في التصدي للضغوط.
وأشار الى ان الطبيعة الريعية للاقتصاد الكويتي تشكل بيئة حاضنة للفساد ومقاومة للحوكمة، مؤكدا انه لا معنى للحوكمة خارج اطار دولة المواطنة المتساوية.
وفيما يلي نص الكلمة:
الحديث عن الحوكمة في جوهره هو حديث عن العدالة والرقابة والمساءلة، موضحا أن ارتباط الحكم الرشيد بالحكم الديمقراطي قد أعاد تعريف كل منها.

وقال إن انشاء الهيئات العامة قد تمَّ في ظل غياب الأسس الواضحة لاستحداثها، ما أدى الى خلق العديد من المعوقات التي تضعف فعالية الحوكمة وتحد من قدرتها على تحقيق أهدافها.

مفهوم وحدود الاستقلال الإداري والمالي

تتمتع الهيئات العامة بدرجات مختلفة من الاستقلال الاداري والمالي، وفق الغاية من انشائها، والوظيفة التي تقوم بها. ويعني الاستقلال الاداري – بمفهومنا – حق الهيئات العامة في التصرف واكتساب الحقوق، وتحمل الالتزامات، واتخاذ القرارات من دون الحاجة الى المصادقة عليها من الوزير المختص. كما يعني أن تتولى هذه الهيئات وضع اللوائح الداخلية اللازمة لتنظيم عملها وشؤون موظفيها، واصدار اللوائح والتعليمات للمتعاملين معها والخاضعين لرقابتها. ويعني الاستقلال المالي – بدوره – أن يكون للهيئة العامة ميزانية خاصة تصدر وفق قواعد يحددها قانون انشائها، وأن تكون مواردها المالية كافية لتمويل نفقاتها وانشطتها.

إن منح الهيئة العامة استقلالاً مالياً وادارياً لا يعني على الاطلاق انها اصبحت جزيرة منفصلة. فالمادة 133 من الدستور تؤكد – كما رأينا – على الموازنة بين مفهوم الاستقلال ومفهوم الرقابة والتوجيه، وتترك للتشريعات أن تضع هذه الموازنة في اطارها السليم من دون تعارض او تناقض بين المفهومين، ومن دون أن ينفي أحدهما الآخر. غير ان التشريعات الكويتية لم تتصدَّ لهذه المهمة أو لم تنجح بها، الأمر الذي أدى – في حالات كثيرة – الى فهم خاطئ أو ملتبس لمضمون وحدود مفهوم الاستقلالية ومفهوم الرقابة والتوجيه في آن معاً ومن المؤكد أن ينعكس ذلك سلباً على اداء العديد من الهيئات العامة.

إن الوزير المختص يمارس على الأجهزة الحكومية التابعة له سلطة رئاسية مباشرة، أما سلطته على الهيئات العامة فهي سلطة وصائية. والفارق بين السلطتين هو أن السلطة الوصائية أضيق حدوداً وأضعف وسيلة من السلطة الرئاسية، إذ لا يمكن ممارستها إلا بناء على نص قانوني صريح، وفي حدود هذا النص. وبالتالي، لا يمتلك الوزير توجيه أوامر أو تعليمات ملزمة إلى الهيئات العامة المستقلة الخاضعة لوصايته، لأن هذا من سمات التبعية الإدارية والتراتب الرئاسي التي لا تتفق مع الاستقلال الإداري والمالي.

من هنا، لابد للتشريعات المعنية المختلفة أن تبين تفاصيل السلطة الوصائية التي يمارسها الوزير المختص، بما في ذلك عزل القائمين على الهيئات العامة الذي يجب أن يبتعد عن الشخصانية وعن الضغوط السياسية، وأن يتم استناداً إلى معايير موضوعية محددة ومعلنة سلفاً.

الأنماط الإدارية غير الملائمة:

في البداية، اختارت التشريعات الكويتية لإدارة الهيئات العامة نمطا يقوم على مجلس إدارة يرأسه الوزير المختص، وتتألف اغلبيته من أعضاء معينين بحكم وظائفهم الحكومية، مع أقلية متواضعة يتمثل فيها ذوو الخبرة والاختصاص من العاملين في القطاع الخاص أو خارجه. ومن الواضح أن هذا النمط يعطي الوزير المختص سلطة رئاسية غير مباشرة إن صح التعبير، ويضع أغلبية أعضاء مجلس الإدارة من موظفي الحكومة في حرج من طرح آراء أو اتخاذ مواقف لا تتفق مع آراء ومواقف رئيس المجلس (الوزير)، الأمر الذي يجرح استقلالية الهيئات العامة. وقد تلمّس المشرّع الكويتي هذه الحقيقة، فحاول الحد من آثارها، وطوّر هذا النمط بحيث يرأس الهيئة العامة شخص غير الوزير المختص.

ومع تسارع وتزايد إنشاء الهيئات العامة المستقلة، توجهت التشريعات الكويتية نحو نمط جديد لإدارة هذه الهيئات من قبل أشخاص متفرغين بالكامل. وسواء كان الدافع إلى هذا المنحى دافعاً سياسياً يتمثل في إقصاء القطاع الخاص أم لم يكن، فإنه قد حرم إدارة الهيئة العامة من خبرة و"تحرر" ممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص. كما أن عدم وضوح مسألة توزيع السلطات بين مجالس الإدارة المتفرغة والإدارة التنفيذية قد أثار نزاعات حادة حول الاختصاصات والصلاحيات، أساءت إلى أداء ومصداقية بعض هذه الهيئات. غير أن عدم نجاح نمط الأعضاء المتفرغين في الكويت يجب ألا يعيدنا إلى نمط رئاسة الوزير المختص، لما فيه من تضييق على الاستقلالية.

اختيار القيادات:

من المعروف أن رفع أداء مؤسسات الدولة يعتمد على اختيار قياداتها تبعاً لأسسٍ موضوعية وشفافة من الكفاءة والمساواة، مع توفير الأجواء الملائمة للنهوض بمسؤوليتها.

واقع الحال أن الجهات الكويتية المختصة لا تملك – في الوقت الحاضر – معلومات منظمة عن الأشخاص المؤهلين لتولي إدارة الهيئات العامة، كما أنه لا توجد أسس واضحة يستند إليها الاختيار. بل إن عملية الاختيار غالباً ما تتم بعيداً عن الأسس العلمية، استناداً الى المعرفة الشخصية، وفي إطار التوازنات السياسية والمجتمعية المرغوبة، وهذا الأسلوب في الاختيار ليس مقتصراً على مجالس إدارات الهيئات العامة فحسب، وإنما يتعداه – غالباً - إلى اختيار قيادات اجهزتها التنفيذية.

إننا نعرف دور التوازنات السياسية والمجتمعية والقرابة والصداقة، ونعرف تماماً أنه من المتعذر إلغاء هذا الواقع بسرعة وبمجرد اصدار مراسيم بذلك. كل ما نأمله وندعو إليه حالياً هو ترشيد هذه الممارسة من خلال اشتراط الكفاءة العالية في كل الأحوال، ومن خلال المفاضلة بين أكثر من مرشح كفء.

ومن جهة أخرى، يجب أن نحرر القياديين في الهيئات العامة عموماً، وفي الرقابية منها على وجه الخصوص، من التجاذبات والضغوط السياسية. وبالمقابل، لا بد لهؤلاء القياديين من أن يتمتعوا بقدر كاف من الشجاعة يضع حداً للضغوط والتدخلات النافذة.

إغفال البعد التنموي في المساءلة:

المساءلة هي خضوع الهيئات العامة للمحاسبة عن أعمالها وأدائها. بمعنى أن المساءلة لا تقف عند حدود الالتزام بالقوانين واللوائح والنظم، بل تمتد إلى أبعاد أعمق مثل وضع الاستراتيجيات، وتحديد الأهداف، وتقصي مدى تحقيقها في حدود الموازانات المعتمدة، ووفق الشروط والأساليب والمدد المحددة. علماً أن الرقابة لا يمكن أن تكون كافية من دون وضوح كامل في توزيع الصلاحيات، وأن المساءلة لا يمكن أن تكون عادلة من دون نظام واضح وفاعل ومعلن.

وبصورة عامة، يمكننا القول إن القوانين المنظمة لعمل الجهات الرقابية في الكويت تركز جل اهتمامها على مدى التزام الهيئات العامة باللوائح والأنظمة والاعتمادات والإجراءات في الجوانب المالية والإدارية والتنظيمية، أما المساءلة عن الخطة والاستراتيجية وتحقيق الأهداف فما زالت تعاني من إغفال شبه كامل. وهذا ما دعا أحدهم الى القول إن حوكمة الهيئات العامة في الكويت أشبه بمن تتساقط من جيبه مئات الدنانير وهو منهمك بالبحث عن "العشرة فلوس" التي وقعت من يده.

علاقة الهيئات الرقابية بالجهات التي تخضع لرقابتها:

من أهم شروط فاعلية ونجاح الأجهزة الرقابية وانظمتها هو قدرة هذه الأجهزة على خلق جو من الثقة المتبادلة بينها وبين الهيئات والجهات التي تخضع لرقابتها وتقوم بتقييم أدائها. ولإيجاد جو الثقة هذا ينبغي أن يتم التقييم انطلاقاً من مبدأ التصحيح والإصلاح واعتماد الموضوعية والحياد، وليس من باب تصيّد الأخطاء والتمسك بالشكليات. ذلك أن عملية التقييم لا تهدف الى التشكيك والتشهير وزعزعة الثقة في الهيئات العامة، بل تهدف الى توضيح الحقائق التي تساعد على كشف أوجه الخلل والعمل على إصلاحها، كما تساعد على خلق أجواء الثقة والانفتاح، والحد من احتمالات التدخلات والضغوط السياسية.

الحق في الاطلاع

الشفافية هي أن يكون لكل شخص "الحق في الاطلاع" على المعلومات والآليات المتعلقة بإصدار القرار والشفافية – بهذا المعنى – تعتبر شرطاً ضرورياً لتحسين وتطوير طرق العمل وتعزيز المعايير الأخلاقية، ما يساعد على محاربة الفساد وبث الثقة في الهيئات العامة. غير أن هذه الأهمية البالغة للشفافية لا تحول دون تفهمنا لحاجة الهيئة العامة الى الاحتفاظ بقدر من "الخصوصية" التي تساعدها في التحرك لتحقيق أهدافها. وغالباً ما يتم رسم خطوط تشكل حدوداً لمبدأ الشفافية والحق في الاطلاع. وهي حدود يرسمها احترام خصوصية الأفراد وحرياتهم، كما يرسمها احترام مفهوم المصلحة العامة ومقتضياتها. ونخلص من ذلك إلى ما خلصت إليه كثير من الدول، حول ضرورة أن يكون لدينا اطار تشريعي ينظم حدود وآليات "الحق في الاطلاع"، ويقيم توازناً عادلاً بين تفعيل مبدأ الشفافية من جهة، وحق الهيئات العامة في حجب المعلومات في حالات معينة من جهة ثانية، على أن تبقى سلطة البت في طلب الحصول على المعلومات منوطة في نهاية الأمر بقرار صادر عن جهة محايدة ومستقلة تماماً عن الهيئة العامة المعنية.

الجزء الثاني - التحديات البنيوية والهيكلية

يحاول هذا الجزء أن يرصد – بكثير من الإنجاز وقليل من الشفافية – بعض الظواهر والسمات المجتمعية والثقافية والاقتصادية، التي نعتقد أنها نجحت حتى الآن في تطويق جهود وأجهزة الحوكمة في الكويت، وفي تجاوز العديد من قواعدها وأهدافها. وإذا كان "الكثير من الإيجاز" يفرضه ضيق الوقت، فإن "القليل من الشفافية" في هذا الجزء تفرضه اعتبارات لا تخفى عليكم، وليس بينها -بالطبع – أننا في حضرة مجلس الأمة.

الاقتصاد الريعي والنمط التنموي:

من أهم النتائج التي انتهت إليها الدراسات عن علاقة الفساد بالتنمية والأداء التنموي، أن الاقتصادات الريعية - التي ترتفع فيها درجة الاعتماد على إنتاج وتصدير المواد الخام - هي اقتصادات تخلق بيئة حاضنة للفساد. وأن الفساد الإداري والمالي يزداد حجماً وانتشاراً كلما ازدادت هيمنة القطاع العام، وكلما ارتفعت نسبة الانفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. كما يوجد ارتباط مماثل بين الفساد وكلٍ من حجم دعم الأسعار، وتضخم الجهاز الحكومي، والأداء الاقتصادي المتعثر.

إذا، الطبيعة الريعية للاقتصاد الكويتي والسمات العديدة الناجمة عنها أو المصاحبة لها تشكل بيئة حاضنة للفساد، مقاومة للحوكمة. غير أن المشكلة الحقيقية – في اعتقادنا - ليست في "الريع" بحد ذاته، ولكن في كفاءة توظيفه، وفي عدالة توزيعه. والدول التي تراوغ في تطبيق القانون بعدل وحزم، هي الدول التي ينتشر فيها الفساد سواء كان اقتصادها ريعياً أو لم يكن. وإذا كان من أهداف مؤتمرنا هذا أن يتقصى مدى نجاح الحوكمة وأجهزتها الرقابية في تقليل الهدر ومكافحة الفساد، فإن من مسؤوليته – أيضاً – أن يتحرى دور الهدر والفساد في احباط جهود الحوكمة وأجهزتها.

من جهة أخرى، أكدت ورقة نشرت عام 2013 عن العلاقة بين الحوكمة والنمو الاقتصادي (مقاساً بحجم الناتج القومي الإجمالي) في دول مجلس التعاون الخليجي، أنه على الرغم من تبني هذه الدول للكثير من الأنظمة واللوائح وقيامها بإنشاء العديد من هيئات الرقابة، فإن أداءها في مؤشرات الحوكمة ما زال دون المستوى المقبول، وما زال من الصعب الحديث فيها عن علاقة إيجابية بين النمو الاقتصادي وتحسّن مؤشرات الحوكمة العالمية.

تغيير جذري للنظام التعليمي

ثمة إجماع على أن النظام التعليمي في الكويت يحتاج إلى «تغيير» جذري يتناول فلسفته ومناهجه ومؤسساته، ويشمل كل مراحله وأنواعه وأطرافه، ليقضي على بطالة الخريجين السافرة والمقنّعة، وينهي أزمة ندرة الاختصاصيين والمهنيين. وهما الظاهرتان اللتان تتعايشان جنباً إلى جنب في مخرجات نظامنا التعليمي. ويذكر طوني بلير في تقريره عن الرؤية المستقبلية لدولة الكويت أنه «رغم الارتفاع النسبي لمعدل الانفاق الحكومي على تعليم المواطن الكويتي، فإن نظام التعليم في الكويت قد أخفق في تعزيز التوجه نحو الأداء المتميز، كما أخفق في توفير رأس المال البشري المطلوب لسوق عمل تقوم على المنافسة والقطاع الخاص».

إن نظام التعليم في الكويت، الذي يخرج أعداداً متزايدة من حملة الشهادات، ودفعات متواضعة من المتعلمين، يشكل ضغوطاً مرهقة على الحوكمة بمعظم مبادئها وأجهزتها. فمن المحال أن تأخذ من المرء أكثر مما يملك، ومن المستحيل أن تبني حكماً رشيداً على نظام تعليمي قاصر، تشكل مخرجاته غالبية الجهاز الحكومي الذي يفترض به أن يقود الإصلاح والتغيير، وأن يصمم وينفذ نظام الحوكمة ويدير أجهزته.

كلمة السر في نجاح الحوكمة

في يناير 2012، رفعت «اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية» تقريرها إلى حضرة صاحب السمو أمير البلاد -حفظه الله ورعاه-. وقد انتهى التقرير إلى القول إن جذور الأزمة الاقتصادية تعود بالدرجة الأولى إلى ضعف الكفاءة التنفيذية للحكومة. وفصّل التقرير أسباب هذا الضعف فذكر، ترهل الحجم، وتدني الإنتاجية، وعدم الانضباط الوظيفي، واختلال مفاهيم العمل والإنتاج والابداع، وتواضع الكفاءات والقدرات الإدارية وعجزها عن قيادة عملية الإصلاح. كما تحدث التقرير بكل شفافية عن: تداخل السلطات والاختصاصات، وتنازل الحكومة عن بعض سلطاتها الدستورية تفادياً لاستخدام الأدوات الرقابية النيابية، وتعدد الطبقات الرقابية التي لم تنجح في الحد من الفساد ولكنها نجحت في تعطيل المشاريع.

إذا، كلمة السر في نجاح الحوكمة هي كفاءة الإدارة العامة، بمعنى أننا حتى لو نجحنا بتوفير التوافق السياسي المطلوب لإقرار برنامج الإصلاح، سيبقى نجاح هذا الإصلاح موضع شك حقيقي ومبرر.

إن الإدارة العامة الكويتية بوضعها الراهن ستكون أولى «ضحايا « تطبيق الحوكمة وقواعدها وتفعيل أجهزتها بشكل صحيح، ومن الطبيعي - إذا – أن تكون هذه الإدارة (بوضعها الحالي) هي أول المقاومين لهذه الحوكمة إخفاء لأمراضها ودفاعاً عن امتيازاتها. والاشكالية المربكة هنا أن الإدارة العامة (بوضعها الحالي) هي بالذات المسؤولة عن نجاح الحوكمة وتشكيل أجهزتها.

الهويات الصغرى

في الكويت، كما في كل دول العالم، يحمل المواطن إلى جانب هويته الوطنية هويات صغرى عدة تعطي الأوطان تنوعاً وألواناً. وفي الكويت، كما في معظم الدول العربية والإسلامية الأخرى، نجد أن هذه الهويات الصغرى يمكن أن تؤثر على تطبيق مبادئ «دولة المواطنة» المتمثلة بالمساواة، والعدالة، والديمقراطية... وهي المبادئ التي تمثل روح ومنطلق أعمدة الحوكمة التسعة.

إن «الهويات الصغرى» تفرض في الكويت حماية مبالغاً فيها لأبناء العائلة أو القبيلة، أو الطائفة، أو الحزب، ظالمين أو مظلومين. وهذا ما يؤثر سلباً على احترام القانون ومؤسسات الدولة. بل إن بعض القيم المجتمعية السائدة تجعل من هذه الحماية واجباً يتعرض من لا يلتزم به الى لوم وتأنيب من يشاركونه هويته الصغيرة. كما أننا نلاحظ تسامحاً مجتمعياً واضحاً تجاه بعض صور الفساد كالرشوة، والتزوير، وإخفاء الحقيقة، والتجاوز على أملاك الدولة... وقد سبق لمنتدى الخليج للتنمية» أن أكد في العديد من توصياته على أن لا معنى للحوكمة أو الحكم الصالح خارج إطار دولة المواطنة المتساوية. وهي توصية تجمع عليها المؤسسات الدولية كافة المعنية بالحوكمة.

نحتاج إلى تشريعات توازن بين مفهوم الاستقلال ومفهوم الرقابة والتوجيه عملاً بالمادة 133 من الدستور

مخرجات نظام التعليم في الكويت تشكل ضغوطاً مرهقة على قواعد الحوكمة وأجهزتها

يجب أن نحرر قياديي الهيئات العامة من تدخلات السياسيين وعلى القياديين أن يكونوا أكثر جرأة في التصدي للضغوط

يجب ألا نكتفي ببحث مدى نجاح الحوكمة في مواجهة الهدر والفساد
back to top