الإهمال العاطفي في الطفولة... كيف تُميِّزه لدى مَن تحب؟

نشر في 12-10-2017
آخر تحديث 12-10-2017 | 00:00
No Image Caption
يعيش في عالمنا اليوم أشخاص مميزون لا يملكون أدنى فكرة عن أنهم تعرّضوا للإهمال العاطفي في طفولتهم. يعطون من أنفسهم، ويهتمّون بالآخرين، ويحاولون أن يشعروا بأنهم ينتمون إليهم، أو يحاولون أن يشعروا بكل بساطة. لكن سعيهم هذا يخيب غالباً.
بين جيراننا، وأصدقائنا، وإخوتنا، وأخواتنا، وأزواجنا، وزوجاتنا من يعانون بصمت، مواجهين طيفاً من الماضي يعجزون عن فهمه أو تحديده.

ثمة سبب يجعل تمييز الإهمال العاطفي في الطفولة أمراً صعباً: يبقى في الخلفية في أمور لم تُقل وخطوات لم تُتخذ. لا يرتبط هذا الإهمال بشيء حدث، بل بغياب هذا الشيء، ما يمنحه في الواقع تأثيراً أكبر.

يشبه العيش مع إهمال عاطفي في الطفولة تجهل إصابتك به العيش في علبة. يشكّل هذا الإهمال سحابة تهيم فوقك، وتثقل كاهلك، وتعوق تقدمك. يمتصّ الفرحَ والطاقةَ من حياتك ويتركك وحيداً حائراً، مهما بلغ عدد المحيطين بك. فتتساءل سراً في أعماقك عن هويتك وعما إذا كنت مهماً في نظر أحد ما.

ماذا تود أن تتناول على العشاء؟

«لا آبه، اختر ما تشاء».

لا شك في أن هذا صعب بالنسبة إليك.

«كلا، لا بأس. أنا بخير».

ما أخبارك؟

«لا جديد. ماذا عنك؟».

أسئلة قد تطرحها على أحد المقربين منك فتكون إجاباته كما وردت أعلاه. عندما يترعرع إنسان تهتم لأمره من دون دعم واهتمام عاطفيين (إهمال عاطفي في الطفولة)، تشعر بطرائق عدة بأنك مقرّب إليه، وبطرائق أخرى بأنكما متباعدان كثيراً. صحيح أنك تحبه، إلا أنك تحسّ أن علاقتكما غير مكتملة. ثمة خطب ما فيها.

ولكن كيف يمكن أن يكون شخصان مرتبطين ومنفصلين في آن؟ كيف يمكن أن يكونا متحابين ومتباعدين في الوقت عينه؟ يعود ذلك إلى أن هذا الإنسان يدفع بمشاعره بعيداً كي يتمكّن من التعامل مع مرحلة الطفولة في أسرته. وعندما يكبر، يواصل حياته من دون أن يتمكّن من التعامل مع مشاعره بشكل سليم. وهكذا لا يعرف حين يصبح بالغاً ما يشعر به، أو يحتاج إليه، أو يريده. لا يدرك حتى أن هذه مسألة مهمة.

إذا كنت تعرف شخصاً ينطبق عليه هذا الوصف، تشعر على الأرجح بالحيرة في التعاطي معه. إن كان هو يجهل ما يعانيه، فكيف لك أنت أن تعلم؟

5 إشارات إلى الإهمال العاطفي في الطفولة

• يقف إلى جانبك كلما احتجت إليه، إلا أنه قلما يطلب منك شيئاً. يستطيع هذا الشخص، الذي يتمتع بالاكتفاء الذاتي والاستقلالية، معالجة شتى المسائل بمفرده، وهذا ما يفضله.

• تميل المحادثات إلى اتجاهك. ترغب في سماع المزيد عن حياة هذا الإنسان الشخصية، إلا أن أسئلتك تصطدم عموماً بمحاولته إعادة تركيز الانتباه عليك.

• يتمتّع هذا الإنسان بمرونة عالية. لا يعبّر كثيراً عما يفضله، ويبدو عموماً أنه يجهل ما يرده أو يحبه.

• تشعر بأنه يحيط نفسه بدرع واقية. تحاول أحياناً بذل جهد أكبر للتواصل معه عاطفياً، إلا أنك تشعر بأن هذه مهمة مستحيلة نوعاً ما، كما لو أن محاولتك هذه تزعجه أو تزيد المسافات بينكما.

• يتفادى المناقشات التي تشمل المشاعر، ويظهر عليه الاستياء عند أقل تعبير عن المشاعر. يبدو أن الدموع، والغضب، والألم، وربما الفرح تسبب له ازعاجاً واضحاً.

إذا لاحظتَ هذه العوامل الخمسة في حالة صديقك، أو أحد أفراد عائلتك، أو شريك حياتك، فلا شك في أنك تواجه وضعاً حرجاً.

يدفعك قلبك إلى مد يدك عبر هذه الهوة، إلا أنك تظن أن هذا الشخص لن يبادلك بالمثل. أو ربما تعتقد أيضاً أن هذه خطوة خاطئة (نظراً إلى الإشارة الرابعة). يعود إحساسك هذا على الأرجح إلى أن هذا الشخص شيّد سوراً لحماية نفسه، ويقف هذا السور حاجزاً بينكما.

3 خطوات لتخترق السور

• عندما تلاحظ أن الشخص يحوّل التركيز باتجاهك، أشر إلى هذه المسألة بطريقة عابرة من دون أي انتقاد: «لحظةً! طرحتُ عليك سؤالاً وها قد عدنا فجأة إلى التحدث عني. هل تدرك أنك تقوم بذلك غالباً؟».

• استخدم التقنية ذاتها عندما يرفض الشخص التعبير عما يفضله: «أنت مرن جداً، لماذا؟».

• انتهز أية فرصة لتخبر هذا الشخص أنك قرأت مقالاً يبدو أنه يصفه. واقترح عليه أن يطلع على بعض المعلومات الواردة في هذا المقال عن الإهمال العاطفي.

ربما يرفض هذا الشخص التفسير الوارد هنا إن لم يكن مستعداً. في المقابل، قد يشعر براحة كبيرة. في الحالتين، تكون قدمت له أمرين حُرم منهما في نشأته: تنبهت لمعاناته وأكّدتها له.

ولا شك في أن هاتين الخطوتين تنمان عن حب واهتمام حقيقيين.

* يونيس ويب

الإهمال العاطفي في الطفولة يشبه سحابة تهيم فوقك وتعوق تقدمك
back to top