كيف «يرى» العميان كالخفاش؟

نشر في 12-10-2017
آخر تحديث 12-10-2017 | 00:00
No Image Caption
يستطيع بعض العميان تحديد مواقع الأشياء بواسطة الصدى، مستخدمين طقطقة فموية للإحساس بالبيئة المحيطة بهم وفهمها. وبدأنا اليوم نفهم علم الصوت وراء هذه المهارة.
يحصل عميان كثر على المعلومات من الأصداء في البيئة المحيطة بهم، إلا أن قليلين منهم يصدرون أصواتهم الخاصة في عملية التحديد بالصدى هذه. لكن بعض هؤلاء يتمتعون بمهارة عالية، مثل دانيال كيش في كاليفورنيا، حتى إنهم يستطيعون رسم مخطط للغرفة بعد التجول فيها وهم يصدرون طقطقتهم الخاصة. كذلك بإمكانهم ركوب دراجة هوائية جبلية على درب لا يألفونه. يقول كيش: «تستطيع أن تميّز بين الشجرة والعمود أو إنسان».

ندرك سابقاً أن هذه القدرة تشمل بعض مناطق الدماغ التي تُعنى بالرؤية في حالة المبصرين. يعتقد كيش، الذي يعاني العمى منذ الولادة تقريباً، أنه يختبر الأحاسيس كما لو أنها صور. يضيف: «أمرّ بتجربة محسوسة حقاً للصورة كعرض مكاني. أشعر بالجدران، الزوايا، والأشياء».

تحليل صوتي

أجرت لور ثالر من جامعة دورهام بالمملكة المتحدة وفريقها أخيراً أول تحليل صوتي معمّق لهذه الطقطقات الفموية. فعملوا مع كيش وشخصَين آخرين يعانيان العمى ويستخدمان تقنية الصدى في تحديد المواقع.

اتضح أن الطقطقة موجات صوتية عالية التركيز تُطلق بشكل مخروطي بزاوية 60 درجة، مقارنة بنحو 120 إلى 180 درجة للأصوات خلال الكلام العادي. تذكر ثالر أن مَن يعتمدون على الصدى في تحديد مواقع الأشياء ينجحون بدون أي تخطيط مسبق في «توجيه» طقطقتهم نحو المساحة التي يشعرون بها.

علاوة على ذلك، تتمتع الطقطقة، التي تتراوح وتيرتها بين 2و4 كيلوهرتزات، بنبرة أعلى من الكلام، ربما لأن ذلك يبقي مخروط الصوت مركزاً بدقة. كذلك تبدو هذه الطقطقة قصيرة، فلا تدوم أكثر من 3 ملي-ثوانٍ، ما يحول على الأرجح دون تداخل أصدائها، وفق ثالر.

يولّد فريق ثالر اليوم طقطقة فموية اصطناعية، ويخطط لاستخدامها في أبحاثه المستقبلية. توضح هذه الباحثة: «يمكننا أن نستخدم الكمبيوتر لنرسل طقطقة نحو غرض ما آلاف المرات بغية اكتشاف كيفية تحديد شكله. لا نستطيع بالتأكيد أن نطلب من إنسان توجيه طقطقته نحو شيء آلاف المرات».

يشير أندرو كولاريك من كلية الدراسة المتقدمة في جامعة لندن: «تشكّل هذه نقطة انطلاق جيدة نحو اكتشاف ما يحدث مع هذه الطقطقة. علينا أن نحدد راهناً نوع الطقطقة الأفضل للأوضاع المختلفة».

مواقع الأشياء بالصدى

قد يساهم تعميق فهم طريقة كيش وأمثاله في تحديد مواقع الأشياء بالصدى في تعليم هذه التقنية لآخرين ممن يعانون فقدان البصر. يدير كيش جمعية World Access for Blind الخيرية التي تساعد على تعلّم هذه التقنية. يحتاج الأولاد إلى يومين إلى أربعة أيام لاكتساب هذه المهارة والبالغون إلى يوم أو يومين إضافيين، وفق كيش. يضيف: «لكل إنسان مقدرة مختلفة، إلا أن الجميع يستطيعون الوصول إلى مستوى ما من هذه التقنية المفيدة».

علاوة على ذلك، قد يؤدي ذلك إلى تطوير أنظمة سونار من الممكن استخدامها في سيارات ذاتية القيادة، وفق ثالر.

الطقطقة موجات صوتية عالية التركيز تُطلق بشكل مخروطي بزاوية 60 درجة
back to top