الحق في المعرفة

نشر في 10-10-2017
آخر تحديث 10-10-2017 | 00:27
 طلال الشريدة إن الحق في المعرفة هو حق دستوري، وإن كان المشرع لم ينص عليه صراحة فإن ذلك لا يمنع من ثبوته، إذ لا لزوم للنص صراحة على هذا الحق طالما ان جميع الحقوق لا يمكن ان تمارس من دونه، فالنص العام يشمل اجزاءه بحكم اللزوم العقلي، كما ان هذا الحق يقع في نطاق الحقوق العامة التي افرد لها الدستور الكويتي الباب الثالث منه، اكبارا لها وتقديرا لأهميتها وإعلاء لشأنها، وأحاطها بسياج من الضمانات كافلا بذلك حمايتها، ويؤيد ذلك ان الربط بين النصوص الدستورية، كثيراً ما ينتج حقوقا لم ينص عليها صراحة، لكن يدل على ثبوتها ما يتصل بها من الحقوق بوصفها من توابعها ولوازمها، وكثيرا ما تفضي فروع بعض المسائل التي نظمها القانون الى الأصل العام الدستوري الذي يجمعها، ولا يمكن ان توجد الفروع إلا من خلال فهم الأصول واستنباط ما وراءها من المبادئ والمثل العليا.

والحق في المعرفة هو أحد تجليات الحق في الحياة، بحسبان أنه جزء ومكون اساسي تتضمنه كافة المواد التي تنص عليها الدستور كحق الحرية الشخصية (م30 من الدستور) والحق في محاكمة عادلة (34م من الدستور) وحرية المراسلات (39م من الدستور)، كما انه يعزز ويحمي الصحافة (م37 من الدستور) وحرية المراسلات (م39 من الدستور)، كما يعزز ويحمي حقوقاً أخرى كالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، او يدعم الدفاع عن الحق في ممارسة الحقوق الأخرى، او يحد ويمنع الانتهاكات للحقوق الأخرى بتوفير مجال الرقابة والمحاسبة الموضوعية.

لذا فإن الأصل في المعلومات التي تحتفظ بها الجهات الحكومية ان تكون مكشوفة ومتاحة للجميع، ويحق لكل مواطن ان يطلع عليها وان يطلب تزويده بنسخ منها لان الدولة والجهات الحكومية لا تحتفظ بهذه المعلومات لنفسها، بل تحتفظ بها نيابة عن الامة مصدر السلطات جميعا.

وحرية الاطلاع على المعلومات التي تحتفظ بها الجهات الحكومية هي إحدى لوازم نص المادة السادسة من الدستور، والتي نصت على ان «نظام الحكم ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا».

كما ان حرية المعلومات مطلب أساسي لاي دولة تريد بناء ديمقراطية حقيقية على ارضيها، وعلى ذلك جرى قضاء المحكمة الدستورية، حيث قضت بأن «الحريات العامة إنما يرتبط بعضها ببعض برباط وثيق، بحيث اذا تعطلت احداها تعطلت سائر الحريات الأخرى، فهي تتساند جميعا وتتضافر ولا يجوز تجزئتها او فصلها او عزلها عن بعضها، كما ان ضمانها في مجموع عناصرها ومكوناتها لازم، وهي في حياة الأمم أداة لارتقائها وتقدمها، ومن الدعامات الأساسية التي لا يقوم اي نظام ديمقراطي من دونها، كما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها، دعما لتفاعل مواطنيها معها، بما يكفل توثيق روابطها، وتطوير بنياتها، وتعميق حرياتها.

فالديمقراطية من حيث الجوهر تتعلق بقدرة الافراد على المشاركة بشكل فاعل في صنع القرارات، والمشاركة في صنع القرارات لها وسائل عديدة، من ابرزها حرية الرأي والتعبير، وحق المواطن في ان يخاطب السلطات العامة فيقول رأيه في مسلكها بكل حرية ودون قيود، ويستمد المواطن هذا الحق مباشرة من نص المادة الخامسة والاربعين من الدستور، والتي نصت على ان «لكل فرد ان يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه».

كما أن كشف المعلومات هو إحدى اهم وسائل مكافحة الفساد، فقليل من الضوء كفيل بأن يقتل الكثير من الجراثيم، وقد أثبتت التجارب في الكويت ان رقابة الرأي العام أشد رهبة في نفوس الفاسدين من القانون.

back to top