التقاعد المُبكّر

نشر في 09-10-2017
آخر تحديث 09-10-2017 | 00:08
اقتراح "التقاعد المبكر" لن يحل أزمة البطالة، وإلا لكانت دول كثيرة متقدمة قد اكتشفت ذلك قبلنا بزمن طويل، بل إنه سيتسبب مستقبلاً في عجز ميزانية مؤسسة التأمينات الاجتماعية وربما إفلاسها، كما سيؤدي إلى تفريغ الأجهزة والمؤسسات العامة من ذوي الكفاءة والخبرة سواء عن طريق طلب التقاعد المبكر، أو بالإحالة إلى التقاعد.
 د. بدر الديحاني من المتوقع أن يطرح للتصويت داخل المجلس في الأسابيع القليلة القادمة، اقتراح بقانون يتعلق بتعديل قانون التأمينات الاجتماعية من أجل خفض سن التقاعد للعاملين في القطاعين الحكومي والخاص "تقاعد مُبكّر"، إذ إن هناك طلبا مقدما من عدد من الأعضاء، كما نشر في وسائل الإعلام، لإعطاء صفة الاستعجال لمناقشة تقرير اللجنة المالية والاقتصادية بهذا الشأن. والتعديل المقترح يستهدف، بحسب تصريحات مقدم الاقتراح العضو علي الدقباسي، معالجة مشكلة المُعطّلين عن العمل (البطالة)، مع أنه من غير المعروف ما هي الدراسات العلمية التي استند إليها بهذا الشأن.

لا جدال بأن مشكلة المُعطّلين عن العمل أو (البطالة) هي أزمة وطنية كبيرة قادمة سبق أن تطرقنا لها في هذه الزاوية في أكثر من مقال، وهي تحتاج إلى دراسات علمية، ثم وقفة جادة ومسؤولة من قِبل الحكومة والمجلس معاً، بحيث ينتج عن ذلك وضع سياسة عامة لها أهداف واضحة وطويلة المدى تُبنى على عملية إصلاح اقتصادي ومالي لمعالجة الاختلالات الهيكلية الجوهرية في اقتصادنا الوطني ذي الطبيعة الريعية؛ كي يتحول تدريجياً إلى اقتصاد منتج، وهو الأمر الذي سينشأ عنه وجود قطاع خاص إنتاجي، يحل محل القطاع الخاص الحالي ذي الطبيعة الطفيلية، ويكون باستطاعته، على الدوام، توفير فرص عمل للقادمين الجدد لسوق العمل، أي الشباب الذين من المتوقع أن يبلغ عددهم (450) ألفا خلال خمس عشرة سنة القادمة.

بكلمات أخرى، فإن أزمة المُعطلين عن العمل (البطالة) قادمة وبقوة، وهي تتطلب إرادة سياسية، ووقفة جادة وشجاعة ومسؤولية من أجل تغيير السياسات الاقتصادية الواردة في "الوثيقة الاقتصادية والمالية" التي أعلنتها الحكومة قبل مدة، وتعمل حالياً، بكل هدوء، على تنفيذ ما ورد فيها، ثم استبدالها بسياسات عامة جديدة ونوعية تفضي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني والجهاز الإداري للدولة على أسس علمية وإدارية سليمة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى فتح خطوط إنتاج جديدة، وخلق فرص عمل للعمالة الوطنية.

أما اقتراح "التقاعد المبكر" فلن يحل أزمة المُعطّلين عن العمل (البطالة)، وإلا لكانت دول كثيرة متقدمة قد اكتشفت ذلك قبلنا بزمن طويل، بل إنه سيتسبب مستقبلاً في عجز ميزانية مؤسسة التأمينات الاجتماعية وربما إفلاسها، كما سيؤدي إلى تفريغ الأجهزة والمؤسسات العامة من ذوي الكفاءة والخبرة سواء عن طريق طلب التقاعد المبكر، أو بالإحالة إلى التقاعد لبلوغ السن القانونية متى ما شاء المسؤول ذلك، هذا ناهيك عما يسببه التقاعد في سن مُبكرة من مشاكل نفسية واجتماعية واقتصادية.

back to top