امرأة عربية رئيسة لدولة... هل يتحقق؟!

نشر في 02-10-2017
آخر تحديث 02-10-2017 | 00:12
 د. عبدالحميد الأنصاري مر خبر تولي حليمة يعقوب، وهي سيدة مسلمة، منصب رئاسة سنغافورة، لمدة 6 سنوات، دون ردود أفعال معارضة عندنا، من الهيئات الدينية، والخطباء الذين كانوا يتصدرون وسائل الإعلام، مستنكرين هذا التصرف، باعتباره مخالفا لثوابت الشريعة التي تحرم تولية المرأة رئاسة الدولة، لحديث «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».

السيدة حليمة حاصلة على الدكتوراه في مجال القانون، ولها خبرات طويلة في إدارة الشؤون العامة، وشغلت مناصب وزارية، وكانت رئيسة للبرلمان السنغافوري لمدة 3 سنوات، وتنتمي إلى أقلية عرقية ملاوية مسلمة، تشكل 14 في المئة من سكان سنغافورة، البالغ عددهم 6 ملايين، وتقدر مساحتها بـ710 كم، وتعد رابع أكبر مركز مالي في العالم.

تأتي أهمية هذا الخبر، أولاً: من كونها أول حدث لتولي امرأة مسلمة منصب رئاسة الدولة، دون أي اعتراض من جهات دينية معتبرة، لا من داخل سنغافورة ولا من خارجها، وثانيا: لجهة أن مجتمعاتنا العربية بالذات، لديها حساسية مفرطة، لأي قضية متعلقة بمشاركة المرأة في الشأن العام، وبخاصة المناصب القيادية، وهذا يثير عدة تساؤلات مهمة، على صعيد حقوق المرأة السياسية في العالمين: العربي والإسلامي:

1 - هل حصل تطور في الوعي العام العربي والإسلامي في مجال حقوق المرأة السياسية؟!

2 - كيف تصل المرأة إلى مناصب قيادية عليا في المجتمعات الإسلامية غير العربية، مثل: تركيا، تانسو تشيلر (رئاسة الوزارة 1993 - 1995) وباكستان، بي نظير بوتو (رئاسة الوزارة 1988-1996) وبنغلاديش، البيجوم خالدة ضياء (رئاسة الوزارة 1991-1996 و2001-2006) والشيخة حسينة (رئاسة الوزارة 1996-2001 و2009) وإندونيسيا، ميغاواتي سوكارنو (رئاسة الدولة 2001-2004) والسنغال، مامي مادور (رئاسة الوزارة 2001-2002) وكوسوفو، عاطفة يحيى آغا (رئاسة الجمهورية 2011-2016) ولا نجد امرأة عربية واحدة وصلت إلى هذه المناصب في مجتمعاتنا؟

دعونا نطرح تساؤلاً حول تفسير حالة الممانعة العربية تجاه تولي المرأة العربية مناصب قيادية عليا، مثل: رئاسة الدولة أو رئاسة الوزارة، في المجتمعات العربية: هل يرجع ذلك إلى الخطاب الديني السائد، المحذر من تولية المرأة ولايات عامة، استناداً إلى اعتبارات دينية، أو إلى الثقافة المجتمعية المتأثرة بأعراف وتقاليد قبلية غير متحضرة، لا ترى أهلية المرأة لهذه المناصب القيادية، أو إلى السلطة السياسية، التي تمالئ مجتمعها المحافظ، والمؤسسة الدينية، لأسباب سياسية، أو إلى التشريعات السائدة المتحيزة، المانعة من تولية المرأة العربية هذه المناصب العليا؟

السوابق التاريخية على امتداد أكثر من قرن، تشهد لصالح السلطة السياسية في كل القرارات المتعلقة بحقوق المرأة، بدءاً بتعليمها في مدارس نظامية، مروراً بعملها الوظيفي خارج بيتها، وصولاً إلى حقوقها السياسية في التصويت والترشح في الانتخابات البرلمانية، وتعيينها في مقاعد وزارية، فقد كانت هناك، وعلى مر التاريخ، قيادات سياسية منفتحة على حقوق المرأة ومتقدمة على حركة مجتمعاتها، حسمت خيارات تاريخية لصالح إنصاف المرأة في مجتمعات محكومة بمواريث عشائرية، معززة بفتاوى، لا ترى أهلية المرأة، خارج بيتها، والنماذج التاريخية كثيرة، في: مصر، سورية، تونس، المغرب، الأردن، البحرين، قطر، الكويت، الإمارات، عمان، والسعودية مؤخراً، بالسماح للمرأة بالقيادة.

وعلى الرغم من أن القرآن الكريم مدح حكم الملكة «بلقيس» القائم على الشورى، وعرضه بصورة منصفة، وهناك فتاوى لكبار علماء الإسلام، سنة وشيعة، بأن الإسلام لا يقف ضد رئاسة المرأة للدولة، وأن الحديث الذي يستند إليه المانعون، لا ينطبق على نظام الحكم الحديث، القائم على الفصل بين السلطات وتوازنها، فإن واقع المجتمعات العربية يناهض هذا التوجه.

فكل المجتمعات البشرية صححت نظرتها للمرأة، وأنصفت نساءها، فمتى تصحح مجتمعاتنا نظرتها وتنصف نساءها؟ وما السبيل إلى قطيعة معرفية مع مواريث قبلية متحاملة على المرأة؟ وإلى متى تظل مجتمعاتنا محكومة بأعراف متخلفة في معاملة نصفها الأفضل؟! ومتى تتم مراجعة التشريعات والمناهج والكتب التراثية المتحيزة؟!

أخيراً: هل نتصور وصول امرأة عربية إلى رئاسة الدولة أو الوزارة، خلال العقد القادم؟!

* كاتب قطري

back to top