بأي كلفة تفوز ميركل بولاية رابعة؟

نشر في 28-09-2017
آخر تحديث 28-09-2017 | 00:09
 شبيغل ستشغل ميركل منصب المستشار الألماني لولاية رابعة، إلا أن لفوزها يوم الأحد كلفة كبيرة، إذ بات الشعبويون اليمينيون ثالث أقوى حزب في البرلمان، ومن المرجح أن تُضطر إلى خوض مفاوضات معقدة لتشكّل الحكومة الجديدة.

حققت ميركل نتائج مذهلة عندما انتُخبت قبل أربع سنوات، إلا أن عمليات المسح الأخيرة أظهرت بوضوح أن المحافظين الذين يدعمونها لن يتمكنوا من تكرار هذا الانتصار، ولكن مَن كان يتوقع تراجعاً مماثلاً؟ راقب الاتحاد الديمقراطي المسيحي برئاسة ميركل ونظيره البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي نتائجهما المشتركة، وهي تنخفض بأكثر من ثماني نقاط مئوية، علماً أن هذا أداؤهما الأسوأ منذ عام 1949.

تستطيع ميركل الاحتفاظ بمنصبها كمستشارة، وهكذا حققت "هدفها الاستراتيجي"، على حد تعبيرها، ولكن لهذا الهدف كلفة باهظة، فقد عاقب الناخبون بقسوة أحزاب الائتلاف الحاكم الحالي مع خسارة المحافظين برئاسة ميركل عشرات المقاعد في البرلمان. في المقابل سيدخل حزب "البديل لألمانيا" الشعبوي اليمين البرلمان راهناً مع نتاج كبيرة قوية، ونتيجة لذلك ستواجه ميركل صعوبة بالغة في بناء ائتلاف حاكم يبقى مستقراً طوال السنوات الأربع التالية. ستُضطر ميركل التي لا تُعتبر من أفضل خطباء العالم، إلى مواجهة حزب "البديل لألمانيا" يومياً، كذلك على المحافظين أن يسألوا أنفسهم عن الدور الذي أدوه هم في انتصار هذا الحزب، وماذا يمكنهم القيام به لاستمالة الناخبين المستائين مجدداً؟ هجر أكثر من مليون ناخب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي ودعموا حزب "البديل لألمانيا"، ويؤكد معظمهم أن سياسات المستشارة بشأن اللاجئين كانت السبب وراء تصويتهم لمنافسها اليميني.

يملك رئيس الاتحاد الاجتماعي المسيحي فكرة واضحة عن الطريقة الفضلى للحد من فرص حزب "البديل لألمانيا" لتحقيق المزيد من التقدّم، يريد أن يستخدم "مواقف جلية" بغية إقفال "الجناح اليميني المفتوح" في الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، لكن هذا التعهد بدفع المحافظين إلى اليمين قد يؤدي أيضاً إلى تشققات جديدة بين هذين الاتحادين.

الائتلاف الحاكم

لم يفوّت المسؤولون الديمقراطيون الاجتماعيون أي فرصة لإعلان أنهم لا يرغبون في مواصلة الاضطلاع بدور شركاء ميركل الثانويين في الائتلاف الحاكم، فمن الناحية الحسابية من الممكن للأحزاب أن تحكم معاً، حسبما ذكر المرشح الديمقراطي الاجتماعي لمنصب المستشار مارتن شولتز باستياء واضح يوم الأحد، ولكن من الناحية السياسية، هذا مستحيل.

حاول عدد قليل من ممثلي الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بمن فيهم أنجيلا ميركل نفسها خلال مناقشة متلفزة بين أبرز المرشحين مساء يوم الأحد، إثارة مسألة مسؤولية الديمقراطيين الاجتماعيين السياسية تجاه الدولة بفتور، ولكن يبدو أن مسار ميركل الوحيد للفوز بالأكثرية يبقى تشكيل ائتلاف مع الديمقراطيين الأحرار والخضر.

لكن تشكيل ائتلاف حاكم يضم أربعة أحزاب مختلفة (الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي، والحزب الديمقراطي الحر، والخضر) لن يكون مهمة سهلة، فمن السياسات بشأن اللاجئين إلى حماية المناخ والعملة الأوروبية المشتركة، ثمة خلافات كثيرة على هذه الأحزاب مناقشتها. رغم ذلك عبّر قادة الاتحاد الديمقراطي المسيحي عن راحتهم عشية الانتخابات لتحقيق الحزب الديمقراطي الحر والخضر كليهما نتائج جيدة، فقد يسهّل هذا على الحزبين تقبّل المسؤولية التي تترافق مع المشاركة في الحكومة.

مَن سيخلف ميركل؟ نظراً إلى النتائج الضعيفة التي حصدتها، قد يُطرح هذا السؤال في وقت أبكر من المتوقع سابقاً. ستواجه ميركل على الأرجح مناقشة داخل حزبها عن توجهه المستقبلي، ولا يعود ذلك إلى الاتحاد الاجتماعي المسيحي فحسب، فلا شك أن قادة الحزب الشبان والطموحين، أمثال ينس شبان، سيسألون عن الاتجاه الذي يجب أن يسلكه الحزب ليعاود الاقتراب من نتائج الانتخابات التي حققها في الماضي.

إذاً، وسمت الأمسية، التي ضمنت فيها أنجيلا ميركل ولايتها الرابعة كمستشارة ألمانيا، على الأرجح بداية مناقشة مَن سيخلفها ذات يوم في هذا المنصب.

* فيليب ويتروك

* «دير شبيغل»

back to top