المكسيك لن تدفع للجدار!

نشر في 23-09-2017
آخر تحديث 23-09-2017 | 00:05
 جري سالم الجري من أدلة الرعونة المتفشية في الإدارة الأميركية المندلقة، هي رغبتها في بناء سور أميركا العظيم، على نفقة جارتها المكسيك، مع الوعي التام بأن هذا لن يثير سوى الجدل والامتعاض من قبل المكسيك، حكومة وشعباً، والعالم المتحضر أجمع، لامتهان أميركا أعراف السيادة العالمية، فهل أميركا ماضية في بناء هذا السور المجسد لـ"تكبكبها" الإداري؟ وهل ستتخذ المكسيك موقفاً تصادمياً مع أخطر جار في تاريخ البشرية؟

صرح رئيس الولايات المتحدة المكسيكية بأن المكسيك لا تؤمن بالجدران... وأنها لن تدفع، وفي مقابلة انتظرها جميع الأميركان من القناة العدوة لترامب (CNN) قال (بالإنكليزية) إن "أي قرار داخل الولايات المتحدة هو قرار يمثل حكومتها هي... وما من سبيل أن تدفع المكسيك لجدار كهذا".

تصريحات سعادة الرئيس إنريكه بينيا نييتو هي دفاع عن العالم أجمع؛ فالنسر الأميركي احتاج إلى نسر آخر ليكبح جماح تنمره على سيادة الدول المتقدمة؛ ومهما كان كتاب "فن الصففة" ناجحاً من مؤلفه ترامب ما قبل الرئاسة، فلن يفلح أي دبلوماسي في إقناع حكومة بلد معين ببناء دُكان في وطن الآخر على نفقته!

ترامب أثناء حملته الانتخابية اضطر أن يخلق حالة منافسة بين الشعب الأميركي وعدو وهمي خارجي، ليسدد موجة غضب هذا الشعب بعيداً عن تصريحاته المنافية للأيديولوجية الأميركية الكفيلة بفشله في الانتخابات، فأي سياسي مبتدئ يعي ضرورة شيطنة الآخرين، ولكن بعد دخول البيت الأبيض الأقل فخامة من قصوره الأصلية، احتاج ترامب أن يفي بما كان يكرره في كل ندواته: "من سيدفع للحائط؟ الجمهور: المكسيك".

والآن يقدم إعلام ترامب اقتراحاته لتزيين الجدار أو خلق فرصة استثمارات منه، ويبالغ في طمأنة دافعي الضرائب بأن التكاليف لن تطول أموالهم، ولكن الشعب ليس على غفلة من تعاسة الحقيقة، فأسرة الجندي الأميركي المكابد في أفغانستان لا تستطيع شراء تابوت خشبي لدفنه بسبب رداءة الوضع الاقتصادي، وفضلاً عن المحللين المكسيكان الذين يؤكدون حماقة مشروع الجدار المكلف لعشرين ملياراً، فإن المهربين يدخلون بفيز وهمية أو عن طريق الطائرات أساساً.

وكل من قرأ التاريخ الصيني رأى أن سور الصين العظيم تاريخاً لم يحم الصين من أي غزوة نهائيا! فجميع الغزاة أتوا من طرق لم تخطر ببال أي حاكم من سلالة الإمبراطوريات الصينية المتعاقبة، ولعل أشهر مثال الغزو المغولي، وبعض الغزوات المتواضعة، حيث تم اختراق هذا السور بالرشوة... فهل سنرى الخيبة الأميركية العظيمة؟

back to top