ترامب... بانتظار الأفعال!

نشر في 22-09-2017
آخر تحديث 22-09-2017 | 00:24
 صالح القلاب حتى لو لم يقل دونالد ترامب، في خطابه العاصف بالجمعية العمومية للأمم المتحدة، إلا الذي قاله عن كوريا الشمالية وإيران وسورية وفنزويلا، فإنه كاف ليعرف العالم أننا أمام نمط جديد من الرؤساء الأميركيين، وأن الفرق بين هذا الرئيس والذي سبقه، أي باراك أوباما، كالفرق بين السماء والأرض، وأنه على قادة وأنظمة هذه الدول "المارقة"، التي تحدث عنها، أن يأخذوا الأمور بجدية متناهية، فالواضح أن أميركا قررت مع هذه الإدارة الجديدة العودة إلى معادلة القطب الكوني الأوحد، وإلى أنه قد تكون هناك دول عظمى، ولكن إلى جانب دولة كبرى واحدة ووحيدة.

ما كان من الممكن أن يقول أوباما هذا الذي قاله ترامب، ويهدد كوريا الشمالية بتدميرها بالكامل، لو أن هذا الرئيس الكوري الشمالي "الصاروخي" ظهر في عهده، لا بل إن أغلب الظن أن الرئيس الأميركي السابق بدل أن يهز قبضته أمام أنف "دكتاتور" قاتل لم "يَجُد" الزمان بمثله، سيبادر إلى إسكاته بـ "رشوة" بمليارات الدولارات، كما حصل سابقاً، سواء من الولايات المتحدة مباشرة أو من كوريا الجنوبية أو اليابان، أو أي دولة ترفع شعار "ابعد عن الشر وغني له".

لقد هدد ترامب كوريا الشمالية بالويل والثبور وعظائم الأمور، وسط "همهمات" قاعة لم تسمع مثل هذا الكلام إلا في عهد سابق بعيد، عندما "خلع" الرئيس السوفياتي الأسبق نيكيتا خروتشوف حذاءه ووضعه فوق منصة الخطابة التي وقف خلفها، وهدد وتوعد، ويومها كانت الحرب الباردة بين الغرب والشرق في ذروتها، وكان على رأس كوبا خلال أزمة الصواريخ المعروفة فيدل كاسترو، الذي لا تجوز المقارنة بينه وبين كيم جونغ إيل، فالأول ثائر أممي معاد لأميركا والاستعمار العالمي، والثاني طفل مدلل و"مدلع"، والواضح أنه يعاني عقداً كثيرة جعلته يعدم أحد جنرالات جيشه، وهو أحد أقاربه، بقذيفة مدفع مضاد للطائرات!

في هذا الخطاب الذي تردد صداه ليس في قاعة اجتماعات الأمم المتحدة، وإنما في العالم كله، والذي استغرق 41 دقيقة، وصف ترامب إيران بـ"الدكتاتورية الفاسدة"، وأنها دولة لا تصدر إلا الإرهاب، وأنها هي التي جعلت بشار الأسد دكتاتوراً، وأن حكومتها حولت بلداً غنياً وذا تاريخ وثقافة عريقين إلى دولة مارقة مرهقة اقتصادياً، وتصدر بشكل أساس العنف وتسفك الدماء وتنشر الفوضى.

وقال: "لقد حان الوقت لأن ينضم إلينا العالم بأسره في المطالبة بأن توقف الحكومة الإيرانية سعيها خلف الموت والدمار"، وبالطبع فإن الرئيس الأميركي لم ينس هذا النظام السوري الذي وصفه بأنه "نظام دموي وإجرامي"، وأنه استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه.

والمهم أن ترامب، الذي لم ينس فنزويلا، التي وصف نظامها الجديد بأنه "دكتاتورية اشتراكية"، والذي تحاشى أي كلام مباشر ضد روسيا أو الصين، أشعر العالم كله بأن الولايات المتحدة في هذا العهد هي غير الولايات المتحدة السابقة، وهكذا فإنه لابد من القول إن المهم هو الأفعال لا الأقوال، وإن ما يهمنا في هذه المنطقة المضطربة هو وضع حد لما تفعله إيران في العراق وسورية ولبنان واليمن، وهو وضع حد فعلي لكل هذه العربدة الإيرانية.

back to top