جزيئات واعدة ضدّ السرطان

نشر في 17-09-2017
آخر تحديث 17-09-2017 | 00:03
No Image Caption
بالنسبة إلى البروفسور ألكسندر إيغرمونت، رئيس معهد «غوستاف روسو»، أول مركز أوروبي لمعالجة السرطان، لم يكن الوضع تفاؤلياً يوماً بقدر ما هو عليه راهناً وسيكون العلاج المناعي ضدّ السرطان علاج المستقبل بحسب رأيه.

الخلايا الصبغية

يُعتبر «فك تشنجات» جهاز المناعة موضوعاً تقنياً. اكتشف العلماء بدايةً أنهم يستطيعون زيادة عدد اللمفاويات وتنشيطها علماً بأنها تتولى الدفاع عن الجسم ضد الاعتداءات. هكذا نجحوا في إنشاء «ترسانة» مضادة للسرطان، ثم اكتشفوا كيفية مساعدة اللمفاويات على تحديد آليات الاحتماء من الأورام والانتقال إلى الهجوم.

تحقق أول الإنجازات على مستوى سرطان الخلايا الصبغية الذي يصيب البشرة. يقول البروفسور إيغرمونت المتخصص بهذا المرض: «حين ترأستُ المعهد، كانت نسبة النجاة خلال فترة خمس سنوات تبلغ %4. لكن بفضل العلاج المناعي الأكثر تقدماً اليوم، يبقى نصف المرضى أحياء بعد خمس سنوات من بدء العلاج. وإذا ظلوا أحياء بعد هذه المدة، يرتفع احتمال أن يعيشوا لعشر سنوات. حتى أنّ الشفاء أصبح ممكناً في هذا النوع من السرطان: يتوقف نمو الأورام النقيلية أو تختفي نهائياً في بعض الحالات. كذلك، يمكن أن يحسّن العلاج المناعي سرطان الخلايا الصبغية الموضعي وبدأ احتمال الانتكاسة يتراجع بشكل ملحوظ. ترتبط هذه النتائج المدهشة بثلاث جزئيات تُستعمَل وحدها أو مجتمعةً».

في الولايات المتحدة، حصل الأطباء على إذن باستعمال هذه العلاجات المبتكرة لمعالجة سرطان الكلى والمثانة، أو حتى أورام الأنف والأذن والحنجرة. ويُفترض أن تُعالَج إصابات أخرى بهذه الطريقة قريباً، من بينها ورم الظهارة المتوسطة وأورام المعدة وبعض أشكال السرطان في القولون والمستقيم.

40 دواء

ثمة أربعون دواءً جديداً من فئة العلاجات المناعية قيد التطوير، ويقوم قطاع الأدوية كله باستثماراته في هذا المجال. يتوقع البروفسور إيغرمونت مستقبلاً واعداً جداً: «يجب أن نقوم باكتشافات كثيرة بعد لكني واثق من أننا سننجح في التحكم بالسرطان خلال القرن الواحد والعشرين عبر إزالة الأورام أو كبح نموها لفترات طويلة».

لكن هل يجب أن نتناسى تاريخ العلاجات المستهدفة التي ارتكزت على المعطيات الوراثية وبدت واعدة بعد عام 2000؟ يجيب البروفسور إيغرمونت: «لنقل إن العلاجَين سيكمّلان بعضهما. تستمر البحوث في المجال الوراثي أيضاً. خلال فترة طويلة، كنا نظنّ أن إيجاد أدوية تستهدف طفرات معينة سيكون كافياً لحل المشكلة. لكن على مرّ السنين، أدرك الباحثون أن الوضع أكثر تعقيداً. حتى لو بدت النتائج واعدة في البداية، لم تكن تدوم طويلاً: سرعان ما ينتكس وضع معظم المرضى».

آثار جانبية قابلة للتغيير

رغم الجو التفاؤلي السائد، يدرك البروفسور إيغرمونت أن العلاج المناعي يبقى محدوداً. ربما يفيد نصف المصابين بسرطان الخلايا الصبغية، لكنه لا يعالج أكثر من %25 من المصابين بأشكال أخرى من السرطان. إنها نتيجة غامضة.

اليوم يركّز العلماء حول العالم على هذه المسألة ويحاولون فهم ما يجعل بعض المرضى يواجه آثاراً جانبية. تتفاوت الحالات بحسب الجزيئات المستعملة وتختلف سمّية العلاجات الجديدة عن تلك التي يسببها العلاج الكيماوي. لا يحصل في هذه الحالة تساقط للشعر أو غثيان أو التهاب. لكن يستهدف جهاز المناعة بعد فك تشنجاته الخلايا السليمة أحياناً، ما يسبب أمراض المناعة الذاتية المحتملة كافة.

تطرح الكلفة مشكلة أخرى لأن سعر الجزيئات الفاعلة خيالي. لذا قد لا يتمكّن المرضى من الحصول على هذه العلاجات المبتكرة. أصبحت المصاعب ملموسة في هذا المجال. يدرك أطباء السرطان في معهد البروفسور إيغرمونت مدى فاعلية العلاج المناعي لمحاربة سرطان المثانة وبدأوا يستعملون الجزيئات الفاعلة ضد سرطان الخلايا الصبغية، لكن لا يُسمَح لهم حتى الآن بوصف العلاج للمرضى.

لا تزال المفاوضات بين الدولة والمختبرات في بدايتها وسيمرّ وقت طويل قبل طرح العلاجات في السوق وتعديل الأسعار.

بانتظار حصول تقدّم في هذا الموضوع، ينتظر مرضى السرطان الحلول ولا شك في أن هذا الانتظار سيكلّفهم الكثير!

الأطباء في الولايات المتحدة حصلوا على إذن باستعمال العلاجات المبتكرة لمعالجة سرطاني الكلى والمثانة
back to top