خطوات لتحسين مستوى تقدير الذات

نشر في 08-09-2017
آخر تحديث 08-09-2017 | 00:00
No Image Caption
حين يواجه أحد أصدقائك مشكلة أو وضعاً صعباً في أي مجال من حياته، ستميل على الأرجح إلى مواساته وستشرح له أن الانتكاسات والإخفاقات جزء من الحياة. لكن تخيّل للحظة أنك الشخص الذي يحتاج إلى المواساة والدعم! من الملاحظ أن الإنسان يكون قاسياً مع نفسه في المواقف التي يبدي فيها تساهلاً واضحاً حين تتعلق المشكلة بشخص آخر.
ظهر أخيراً مجال جديد مرتبط بالتعاطف مع الذات ومستوحى من الممارسات البوذية. تركّز هذه المقاربة على تطوير حسّ ذاتي على اعتبار أنّ المصاعب والتجارب الفاشلة تدخل في خانة الأسباب التي تبرر التساهل مع الذات بدل المبالغة في النقد الذاتي.

من جهة، يكون الإنسان صارماً مع نفسه لأنه يظن أن النقد الذاتي يمنعه من الوقوع ضحية الكسل والتساهل الفائق. لكن يبدو أنّ العكس صحيح! بعد أكثر من مليون سنة من التطور، أصبح دماغ الإنسان مبرمجاً كي يهاجم أية مشكلة يواجهها. نشأ هذا السلوك منذ الحقبة التي كانت فيها المخاطر التي تهدد نجاحنا جسدية بطبيعتها. اليوم، لا تتعلق المشكلة الفعلية بذواتنا بل بالمفهوم الذي نحمله عن نفسنا.

أصبح هذا المفهوم محاصراً وضيقاً لأننا نؤدي دور المهاجِم والمهاجَم في آن ونبالغ في انتقاد نفسنا. ربما يمهّد هذا الوضع لزيادة الضغط النفسي وترسّخ الاكتئاب في حياتنا.

من الناحية الإيجابية، يمكن تبنّي سلوك يقوم على التعاطف مع الذات من خلال تطبيق تقنيات بسيطة. يعرف معظم الناس أسس التصرف بأسلوب لطيف ينمّ عن الاهتمام والتفهم لكنهم ليسوا معتادين على التصرف بالطريقة نفسها مع ذواتهم.

اهتمّ بنفسك

يجب أن تبدأ بمصادقة نفسك. تقضي الخطوة الأولى بالتنبه إلى تفاصيل تصرفاتك بكل بساطة: كيف تتكلم مع نفسك حين تواجه المشاكل أو يسوء وضعك العام؟ أي نوع من الكلمات تختار وأية نبرة تستعمل؟ يحتاج البعض إلى تدوين يومياته لمراقبة سلوكه، بينما يفضّل البعض الآخر التركيز على تصرفاته من وقت إلى آخر خلال اليوم.

عموماً، يجد الناس في عمر الخمسين وما فوق صعوبة في استيعاب مستوى تقديرهم لنفسهم فيما يستعدون للانتقال إلى {سنواتهم الذهبية}، أي حين يتراجع التركيز على العوامل التي تثبت قيمة الذات في الحياة كالتقدم المهني. لكن من الناحية الإيجابية، يسهل أن يقدّر الناس حقيقة وضعهم ومزاياهم في عمر الستين مقارنةً بسن المراهقة مثلاً.

بعد التخبط فترة طويلة بما يكفي، ستدرك تدريجاً أن الحياة ليست مثالية وأنك استخلصتَ دروساً كثيرة من إخفاقاتك وسرعان ما تتساءل عما جعلك تقسو على نفسك لهذه الدرجة.

في فترات الضغط النفسي أو التشكيك في الذات، يقترح الخبراء {اللمس} كتقنية فاعلة لإطلاق رد فعل التعاطف: يجب أن تعانق نفسك إذاً أو تضع يدك على قلبك كي تشعر بالدفء وتستعيد الهدوء الذي تحتاج إليه. ربما تبدو لك هذه الحركة غريبة أو محرجة للوهلة الأولى، لكن لا يتفاعل الجسم بالطريقة نفسها. من المعروف أن الثدييات عموماً تتلقى المواساة فطرياً عن طريق الاحتكاك الجسدي، وتشير البحوث إلى قدرة اللمسة على تخفيف مشاعر الانزعاج والضيق وتهدئة الإجهاد والتعب على مستوى القلب والأوعية الدموية.

خذ المبادرة واسترجع الراحة

أشارت إحدى الدراسات إلى زيادة مستوى هرمون الكورتيزول المرتبط بالضغط النفسي في الجسم حين يتراجع تقدير الذات لدى الراشدين الأكبر سناً إذا كانوا يشعرون بالحزن أو القلق أو الوحدة. يؤدي هذا الوضع إلى مجموعة من المشاكل الصحية كأمراض القلب والأوعية الدموية. لكن ذكرت الدراسة عينها أيضاً أن تحسين مستوى تقدير الذات لدى المسنين ربما يحميهم من المشاكل النفسية والصحية. يشكّل التطوع طريقة ممتازة كي يشعر الشخص بمنفعته ويحارب شعور الوحدة. حين يتعرّض أي فرد لإصابة حادة ويشعر بالعزلة والعجز بسبب وضعه المستجدّ، يمكنه أن يستفيد دوماً من الانضمام إلى جماعات الدعم لتبادل التجارب والضحك وإغناء اليوميات بطريقة مثمرة.

اللطف مفتاح النجاح

يتحدث الخبراء عن أهمية تحمّل نتائج تصرفاتنا في الظروف كافة. العقل مصمم كي يضع الاستراتيجيات الفاعلة ويحلل الخيارات المحتملة لتحقيق الأهداف المنشودة. حين نلوم الآخرين على أخطائنا ونشعر بالعجز، سنظن أننا لا نملك أي خيارات. يمكنك أن تستفيد من تدوين لائحة بنشاطات تُشعرِك بالسعادة (كالاهتمام بالحديقة أو الاتصال بصديق مقرّب...) أو يمكن أن تنظّم نشاطاً تحبه كل يوم. برز رابط بين العواطف والأفكار! بعبارة أخرى، إذا كنت غارقاً في سيل من العواطف السلبية، ستميل إلى رؤية الحوادث التي تعيشها من منظور تشاؤمي.

يمكنك أن تتحكم بحياتك وعواطفك بنفسك من خلال التركيز على احترام الذات بدل السعي المتواصل إلى إرضاء الآخرين. يجب أن تبدأ مثلاً برفض 80% من الخدمات التي يطلبها الآخرون منك. يعكس هذا السلوك البسيط مستوىً من التعاطف مع الذات ويعطي دفعة من الطاقة الإيجابية. مع مرور الوقت، ستسمح لك هذه المقاربة بالتركيز على إتمام أهم الأهداف في نظرك.

يجب أن تكون القدرة على تقبّل الإخفاقات والاعتراف بالعيوب الشخصية جزءاً من التصرف البشري الطبيعي. حين تدرك قيمتك الحقيقية، تشعر بأنك غير مضطر إلى إحباط الآخرين كي تهتم بنفسك. لكن يتعلق التعاطف الحقيقي بالتعبير عن اهتمامٍ صادق بالذات. حين تفشل أو تتخبّط لأي سبب من الأسباب، سيكون المسار نحو تطوير الذات أفضل طريقة للمضي قدماً!

في فترات الضغط النفسي يجب أن تعانق نفسك
back to top