الأكراد... وتقرير المصير!

نشر في 23-08-2017
آخر تحديث 23-08-2017 | 00:19
 صالح القلاب يبدو أنه لابد من التأكيد مجدداً، ومثنى وثلاث ورباع، على أن مشكلة الأكراد، بالنسبة لحق تقرير المصير، ليست مع العرب، لا في العراق ولا في سورية، وإنما مع الإيرانيين والأتراك، على اعتبار أن الكتلتين الكرديتين الكبيرتين هما أولاً في تركيا، وثانياً في إيران، وأن المعروف هو أن كردستان العراقية غدت تنعم بحكم ذاتي فعلي لامس في حقيقة الأمر صيغة الدولة المستقلة منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي حتى الآن.

إن الدافع لهذا الكلام الآن هو أن الأيام الأخيرة شهدت تحركاً عسكرياً إيرانياً – تركياً، عنوانه الزيارة التي قام بها رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري لأنقرة، وحيث أجرى محادثات مع زميله رئيس الأركان التركي الجنرال خلوصي أكار، وصفها الرئيس رجب طيب إردوغان بأنها في غاية الأهمية، وأنه تم الاتفاق على عمل مشترك ضد ما وصفه بـ"المجموعات الإرهابية المتطرفة" في كلا البلدين، أي حزب العمال الكردستاني – التركي "P.K.K"، وحزب الحياة الحرة الكردستاني - الإيراني "Bijak"... وهنا فإن الواضح أن كل هذا قد جاء أيضاً كإنذار للزعيم مسعود البارزاني، للتراجع عن قرار "الاستفتاء"، الذي من المفترض أن يتم الـ 25 من الشهر المقبل، أو تأجيله إلى موعد آخر.

إن المعروف هو أن دولة "مهاباد" الكردية، التي أقيمت عام 1949 في كردستان – الإيرانية، التي تم اغتيالها واغتيال مؤسسها القاضي محمد في لعبة دولية قذرة، بقيت تشكل حافزاً للأكراد في كل أماكن ودول وجودهم، لمواصلة الكفاح من أجل تقرير المصير، وأغلب الظن، لا بل حقيقة، أن هذا هو سبب كل هذا الاستنفار العسكري الإيراني – التركي الأخير، وحيث ساد إحساس لدى الأتراك والإيرانيين بأن العدوى "الانفصالية" ستنتقل إلى "أكرادهم" إن تم استفتاء 25 الشهر المقبل، وإن انتهت الأمور إلى أن يصبح إقليم كردستان العراقي دولة مستقلة.

وهنا فإنه لابد من التأكيد، مجدداً، على أن العرب عموماً هم الأقل رفضاً لأن يقرر الشعب الكردي، الذي يعتبرونه شعباً شقيقاً، وهو كذلك، مصيره، وأن يقيم دولته أو دوله المستقلة، ولعل ما هو معروف في هذا المجال أن غالبية العراقيين لا يمانعون أن يأخذ الحكم الذاتي لإقليم كردستان – العراق صيغة الدولة المستقلة، لكن على أساس التفاهم المسبق على حدود هذه الدولة وعلى صلاحياتها السيادية، وأيضاً على علاقاتها المستقبلية مع الدولة الاتحادية ومع العاصمة بغداد.

وهكذا فإنه غير جائز، على الإطلاق، أن يبقى هذا الشعب هو الشعب المحروم الوحيد مما حصلت عليه شعوب المنطقة، باستثناء الشعب الفلسطيني بالطبع، وهنا فإنه لابد من إدراك أن اللجوء إلى العنف والقوة العسكرية لمواجهة تطلعات الأكراد المحقة سيؤدي إلى عنف مضاد، وخاصة بالنسبة لإيران التي هي في حقيقة الأمر لوحة فسيفسائية قومية يشكل فيها الكرد القومية الثالثة بعد الفرس والأذريين، لكنها قومية مضطهدة ومحرومة، ومصادرة كل حقوقها، وهذا لا يمكن أن يستمر ويتواصل فترة طويلة.

back to top