«موسم تقاسم الأرض: سِيرةٌ في سِير» لإبراهيم الكوني

فصول من الحملات الاستيطانية على شمال إفريقيا

نشر في 22-08-2017
آخر تحديث 22-08-2017 | 00:03
صدرت عن دار «سؤال» في بيروت رواية جديدة للروائي إبراهيم الكُوني بعنوان «موسم تقاسم الأرض: سِيرةٌ في سِير»، كباكورة أُولى لملحمة روائية متسلسلة، مكونة من أجزاء عدة، تتمحور حول تاريخ الهجرات البشرية، وتحديداً الحملات الاستيطانية على شمال إفريقيا بدايةً بهجرة علّيس الفينيقية من صور اللبنانية لتضع حجر الأساس لإمبراطورية قرطاجية في شمال إفريقيا في القرن التاسع قبل المسيح.
يضيء إبراهيم الكوني (صنّفته مجلة «لير» الفرنسية كاتباً للغد بين 50 روائياً من العالم)، في روايته «موسم تقاسم الأرض: سِيرةٌ في سِير» على صراع الإنسان لغايات الاستيلاء على الأرض ونوازع التملك والإقصاء والاستغلال والجدل الداخلي الذي يحدثه ذلك كله مع قيم الحرية والحب والعمران، ويوظف الأسطورة بلغة آسرة تبعث الشجون وتفجر الأسئلة حول المأساة البشرية المستمرة والمتجددة المتمثلة في متوالية الحروب وعبث إزهاق الأرواح.

يتساءل إبراهيم الكوني في روايته: «أليس الحبّ هو الأعجوبة الوحيدة الكفيلة بأن تجعل من الطرفين المتعاديين المتعطّشين إلى إفناء بعضهما بعضاً اليوم، إخوة الأمس البعيد؟ أي سخفٍ إذاً في غزو الأرض لغاية الاستيلاء على أرضٍ هي، بجلاء، ليست سوى أرض الكلّ، تستطيع أن تحتضن الكلّ، وتهفو لأن تطعم الكلّ؟».

ويمضي في تساؤلاته: «ما ضرّ الإنسان لو أنكر الشهوة الآثمة إلى الملكيّة، فاستقبل كل قادم بالزغاريد، لأن هذا القادم ليس ضيفاً في الحقّ، ولكنه صاحب أرض استدرجته الحرية يوماً فخرج في طلبها بعيداً، ولكن الحنين خذله أخيراً فقفل راجعاً بقلبٍ باكٍ، مستجدياً أمّه الأرض، وأهل الأرض، طمعاً في غفران؟».

عالم الصحراء

ولـد الروائي إبراهيم الكوني في غدامس ليبيا عـام 1948، حيث أنهـى دراستـه الابتدائية، فيما درس الإعدادية في سبها، والثانوية في موســكو، ونال الليسانس ثم الماجستير فـي العلوم الأدبيّة والنقدية في معهـد غوركي لــلأدب العــالمـي بموسكـو (1977). وهو يجيد تسع لغات، وله 60 كتاباً.

تقلّد مناصب في وزارة الشؤون الاجتماعية في سبها وفي وزارة الإعلام والثقافة. عمل مراسلاً لوكالة الأنباء الليبية في موسكو (1975)، وكان مندوب جمعية الصداقة الليبية البولندية في وارسو (1978)، ورئيس تحرير مجلة الصداقة البولندية (1981)، ومستشاراً في السفارة الليبية في وارسو (1978)، ومستشاراً إعلامياً في المكتب الشعبي الليبي (السفارة الليبية) بسويسرا (1982)، ومستشاراً إعلامياً في المكتب الشعبي الليبي (السفارة الليبية) بموسكو (1987).

نال جوائز عدة من بينها: جائزة الدولة السويسرية عن رواية «نزيف الحجر» (1995)، وجائزة الدولة في ليبيا عن مجمل أعماله (1996)، وجائزة اللجنة اليابانية للترجمة عن رواية «التبر» (1997)، وجائزة التضامن الفرنسية مع الشعوب الأجنبية عن رواية «واو الصغرى» (2002)، وجائزة الدولة السويسرية الاستثنائية الكبرى عن مجمل الأعمال المترجمة إلى الألمانية (2005)، وجائزة الرواية العربية في المغرب (2005)، وجائزة رواية الصحراء (جامعة سبها – ليبيا 2005)، فضلاً عن وسام الفروسية الفرنسي للفنون والآداب (2006).

يقوم عمله الأدبي الروائي على عناصر محدودة وعلى عالم الصحراء بما فيه من ندرة وامتداد وقسوة وانفتاح على جوهر الكون والوجود، ويدور معظم رواياته حول جوهر العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة الصحراوية وموجوداتها وعالمها المحكوم بالحتمية والقدر الذي لا يُردّ.

من الكتاب

الجدل بين زعيم القوم وحسناء الأغراب كان السبب في كل ما حدث. الحسناء طلبت من الزعيم أن يمهلها أياماً أخرى بعد انقضاء مهلة الأربعين يوماً التي أقرّها العرف، فتردد الزعيم، قال إنه سيضطر إلى التنازل عن لقب الزعيم في ما لو خالف ناموس السلف حتى لو كان إرضاء لامرأة نزلت في دياره ضيفاً.

فحاججت الحسناء:

- يدهشني أن تتغنوا بأنكم أضياف في هذه الأرض، ثم تبنون العرف الذي لا يجيز إجازة غريب لأمد زاد عن الأربعين يوماً!

ابتسم الزعيم قبل أن يقول: «نحن لا نكتفي بأن نتغنى بأننا أضياف في هذه الأرض بل نتباهى بأننا أضياف، هل... هل قلت «أضيافاً؟» الحق أننا لسنا أضيافاً وحسب، لكننا أغراب! أغراب مثلنا مثل السيّدة المهيبة التي تواجهني الآن، ومثل الرهط الجليل الذي أقبل علينا في ركابها لأن يقيننا يقول إن كل إنسان وجد نفسه في أرض، هو غريب في هذه الأرض، وأن يكون غريباً يعني أنه مكبّل بآداب الضيافة التي توجب الاعتراف بعرف الأرض، وعدم المساس بما حرّمه الأهل الذين سبقونا إلى هذه الأرض.

الكوني يوظف الأسطورة لتفجير الأسئلة حول الحروب وعبث إزهاق الأرواح
back to top