ما الحل في فنزويلا؟

نشر في 20-08-2017
آخر تحديث 20-08-2017 | 00:06
 ذي أتلانتك كانت معظم المحادثات في أميركا اللاتينية حتى وقت ليس ببعيد تتمحور حول كيفية الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من منصبه، إذ تتوحد هذه المنطقة غالباً في رفضها التدخل، مهما كانت السياسات متطرفة، لذلك عندما التقت 12 دولة أخيراً في ليما بالبيرو ونددت معاً بـ"تمزيق فنزويلا النظام الديمقراطي"، شكّلت هذه خطوة ديمقراطية.

كان ترامب في وقت سابق قد هدد بـ"النار والغضب" في حال استفزت كوريا الشمالية الولايات المتحدة، واعتُبرت تعليقات ترامب بشأن فنزويلا مجرد رد فعل عابر آخر لا يؤخذ على محمل الجد، ولكن حتى مع ميل ترامب إلى التفاخر، تعيد فكرة تدخل الجيش الأميركي في أميركا اللاتينية إلى الأذهان ماضياً قريباً.

لنفكّر في بنما ومن قبلها كل دولة تقريباً في أميركا الوسطى والجنوبية، حيث تشمل تأثيرات ترامب تحويل المناقشة بشأن فنزويلا من "ما علينا القيام به" إلى "ما لا يُسمح به"، فيخوض نائب الرئيس مايك بنس جولة في أميركا الجنوبية، وخلال محطته الأولى في كولومبيا أعلن الرئيس خوان مانويل سانتوس: "لا تفضل كل الدول في أميركا اللاتينية أي شكل من أشكال التدخل العسكري".

وعن هذه المسألة أخبرني البروفيسور أليخاندرو فيلاسكو: "يعتبرون بنس حليفاً والولايات المتحدة حليفاً، ولكن إذا تمكنوا من ضرب ترامب كلعبة ورقية محشوة بالسكاكر (بنياتا)، فسيحصلون أيضاً على الحلوى ويلتهمونها، وينجحون بهذه الطريقة في الترويج لفكرة الاستقلال، فكرة أنهم ليسوا خاضعين لترامب أو الولايات المتحدة".

لكن التوصل إلى توازن في السياسة الأميركية سيكون صعباً لأن الفنزويليين قد يكونون أكثر حساسية تجاه أي أعمال أميركية مفرطة العدائية.

قد تواصل إدارة ترامب أيضاً فرض العقوبات على داعمي مادورو الرفيعي الشأن، علماً أن هذه الخطوة تشكّل استمراراً للمناورات التي اتبعتها إدارة أوباما، إذ تُفرض هذه العقوبات بموجب أمر تنفيذي وتنحصر في أفراد محددين، وتمنع العقوبات أي ملكية تخضع لصلاحيات الولايات المتحدة، وتحظر على هؤلاء الأفراد التعامل مع شركات أميركية.

تقوم الخطوة التالية الأكثر تشدداً بعد العقوبات على حظر الولايات المتحدة الصادرات إلى فنزويلا، علماً أن معظمها يرتبط بالنفط، صحيح أن فنزويلا تملك بعض أكبر الاحتياطيات في العالم، إلا أنها تعتمد على الولايات المتحدة للحصول على النفط المكرر والخام الخفيف (نحو 120 ألف برميل في اليوم).

يستخدم الشعب الفنزويلي نصف هذه الكمية تقريباً، أما الباقي فيُمزج مع أنواع نفط أثقل ليُعاد تصديره غالباً إلى الولايات المتحدة، وهنا نصل إلى أحد الخيارات الأكثر خطورة، يعتمد ما تبقى من الاقتصاد الفنزويلي إلى حد كبير على 2.1 مليون برميل من النفط تصدرها فنزويلا كل يوم، وتحصل الولايات المتحدة على ثلث هذه الكمية، لذلك سيقضي حظر كل الواردات من الخام الفنزويلي على الأرجح على ما تبقى من اقتصاد البلد المحطم وسيقوّض بالكامل قطاعه النفطي المترنح.

خلال الانقلاب العسكري الفاشل للإطاحة بتشافيز في عام 2002، ظلت معظم دول أميركا اللاتينية صامتة لأن القادة لم يشاؤوا التدخل ضد رئيس منتخب ديمقراطياً، لكن الولايات المتحدة لم تخفِ دعمها الانقلاب، وعندما عاد تشافيز إلى السلطة، ادعى أن الولايات المتحدة خططت للانقلاب كي تسرق احتياطيات البلد النفطية.

أخبرني شارلز شابيرو، سفير الولايات المتحدة إلى فنزويلا آنذاك: "اتُّهمتُ بتنظيم الانقلاب"، وأضاف شابيرو، الذي يرأس اليوم مجلس الشؤون العالمية في أتلانتا، مازحاً: "لست فاعلاً إلى هذا الحد".

لم يكن لعدم تدخل الولايات المتحدة أي أهمية، وفق شابيرو، لأن تشافيز نجح في توحيد الداعمين حول رواية أن الولايات المتحدة تركّز في كل لحظة على تقويض حركته الاشتراكية، تماماً كما فعلت في دول أخرى في أميركا اللاتينية خلال الحرب الباردة. على نحو مماثل دعم "خيار ترامب العسكري" على الأرجح مادورو، وما زال خطر تمكين الولايات المتحدة مادورو قائماً في حال تبنت موقفاً بالغ العدائية، لذلك يكون الخيار الأفضل بالنسبة إلى الولايات المتحدة منح قادة أميركا اللاتينية بعض المساحة، وإلا قد يؤدي أي تدخل أميركي إلى نتائج عكسية.

أدلى مادورو بعد ملاحظات ترامب بخطاب حمل عبارة #FueraTrumpDeAmericaLatina أي "ترامب اخرج من أميركا اللاتينية"، كذلك نفذ جيشه تدريبات ومسيرات في الشوارع، ومن بين مَن انضموا إلى هذه المسيرات داعمو مادورو المتبقون، الذين ارتدوا قمصاناً حمراء ورفعوا قبضات أيديهم في الهواء، متصدين لـ"خيار ترامب العسكري".

* ويستون فيبن

* «ذي أتلانتيك»

back to top