مركّب جزيئي صغير يحول دون تسوّس أسنانك

نشر في 19-08-2017
آخر تحديث 19-08-2017 | 00:03
No Image Caption
يشير مقال في مجلة Scientific Reports بعنوان «اكتشاف بنيوي لمثبطات جزيئة صغيرة لخباثة الجراثيم المسببة للتسوس»، إلى جزيء يحول دون تسوّس الأسنان لدى الجرذان أو يوقفه.
في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، قدّمت حملة إعلانية لمعجون الأسنان Crest مواجهةً بين فريق من الأبطال الخارقين المزودين بفراشي أسنان وبين «وحوش التسوس» المخيفة، التي تسعى إلى تخريب مدينة «توثوبوليس» الهادئة المحاطة بالأسنان.

لكنّ وحوش التسوّس الشريرة الفعلية هي أنواع من البكتيريا قادرة على إنتاج أشرطة حيوية دبقة تتيح لها الالتصاق بسطح الأسنان، فتؤدي إلى تآكل المينا.

توصل أخيراً باحثون من جامعة ألاباما في بيرمينغهام الأميركية إلى تطوير جزيء يحول دون تسوّس الأسنان لدى الجرذان أو يوقفه. نُشر الاكتشاف في مقال في مجلة Scientific Reports بعنوان «اكتشاف بنيوي لمثبطات جزيئة صغيرة لخباثة الجراثيم المسببة للتسوس»، حيث كتب الباحثون: «مركبنا شبيه بدواء خالٍ من مضادات البكتيريا من السهل إنتاجه ويعرب عن فاعلية عالية في البيئة الحيوية». لذلك يشكّل «مرشحاً ممتازاً يمكن تطويره إلى أدوية علاجية تحول دون تسوس الأسنان أو تعالجه».

يعوق الجزيء المثّبط عمل إنزيم خباثة أساسي في البكتيريا الفموية، ويمكن تشبيه ذلك بعملية تخريب جزيئية شبيهة برمي مفك كبير داخل آلة لتعطيل تروسها. فبوجود هذا الجزيء، تعجز العقدية الطافرة (السبب البكتيري الرئيس لتلف الأسنان الذي يُدعى تسوس الأسنان) عن إنتاج الأشرطة الحيوية. واللافت أن عملية إعاقة الأشرطة الحيوية اللاصقة الانتقائية هذه تؤثر خصوصاً في العقدية الطافرة، وتقلل إلى حد كبير من تسوّس الأسنان لدى الجرذان التي تتناول نظاماً غذائياً يعزِّز هذا التسوّس.

ساداناندان فيلو، باحث بارز في الدراسة وبروفسور مساعد متخصّص في الكيمياء في كلية الفنون والعلوم في جامعة ألاباما في بيرمينغهام. يذكر في هذا المجال: «إذا توصلنا إلى ما يقضي انتقائياً على قدرة البكتيريا على تشكيل أشرطة حيوية، فلا شك في أننا نكون حققنا تقدماً مذهلاً».

يعاني نحو 2.3 مليار شخص حول العالم التسوّس في أسنانهم الدائمة، وفق دراسة «عبء الأمراض العالمي» عام 2015. أما الخطوات المتبعة اليوم لتفادي التسوّس، مثل استعمال غسول الفم وتنظيف الأسنان بالفرشاة، فتقضي على بكتيريا الفم كلها بوسائل كيماوية وفيزيائية، ولا تحقّق نجاحاً كبيراً.

تولّد العقدية الطافرة شريط الغلوكان الحيوي من خلال نشاط ثلاثة إنزيمات ناقلة للغليكوزيل (Gtf). يعرف العلماء بنية GtfC البلورية، واستخدم باحثو جامعة ألاباما هذه البنية للتحقق (بواسطة عمليات محاكاة على الكمبيوتر) من قدرة 500 ألف مركب شبيه بالدواء على الاندماج في موقع نشاط الإنزيم.

عمد العلماء بعد ذلك إلى شراء 90 مركباً. تتمتع هذه المركبات بدعامات مختلفة وبدت واعدة في الاختبار على الكمبيوتر، ثم اختبروا قدرتها على منع العقدية الطافرة المزروعة في المختبر من إنتاج الأشرطة الحيوية، فتبين أن سبعة منها تشكّل مثبطات فاعلة منخفضة الميكرومول. وأجرى الباحثون تجارب مكثفة على أحدها: #G43.

وسائل كيماوية

د. هوي وو، باحث بارز في الدراسة، وبرفسور متخصص في طب أسنان الأطفال، ومدير مركز ميكروبيوم في جامعة ألاباما في بيرمينغهام. يشير في هذا الشأن: «هذا الاكتشاف مثير للاهتمام، خصوصاً في مجال استهداف مجموعة من البكتيريا باستخدام وسائل كيماوية مصمّمة لتؤثر في ممرض محدد ضمن مجتمع معقد من البكتيريا. ويشكّل نجاح هذا المثبط الانتقائي البارز في بيئة الأسنان دليلاً يعزِّز فكرة أن الاستهداف الانتقائي ببكتيريا أساسية يبدو واعداً كوسيلة لتصميم علاجات جديدة. وينطبق ذلك خصوصاً على أمراض بشرية عدة لا تزال من دون علاج وتُربط تدريجياً بالبكتيريا».

يثبّط مركب #G43 نشاط إنزيمات GtfB وGtfC مع تقارب ميكرومولي من GtfB ونانومولي من GtfC. لكن #G43 لم يعق تعبير جينة gtfC ولم يؤثر في نمو العقدية الطافرة وعدد من البكتيريا الأخرى التي اختُبرت وحيويتها. بالإضافة إلى ذلك، لم يعق #G43 قدرة أنواع أخرى من العقديات الفموية على إنتاج الأشرطة الحيوية.

نموذج

في نموذج تسوّس الأسنان لدى الجرذان، أُصيبت الحيوانات التي تناولت نظاماً غذائياً يحتوي على كمية منخفضة من السكروز بالعقدية الطافرة، وعولجت أسنانها بمركب #G43 مرتين يومياً طوال أربعة أسابيع، فساهم علاج #G43 في خفض تآكل المينا وتسوّس الأسنان إلى حد كبير.

ختم الباحثون: «استخلصنا أننا باستخدامنا تصميماً بنيوياً طوّرنا مثبط أشرطة حيوية منخفض الميكرومول يستهدف إنزيمات العقدية الطافرة الناقلة للغليكوزيل من خلال الاتحاد بعوامل خباثة أساسية، ألا وهي الإنزيمات الناقلة للغليكوزيل».

المركب شبيه بدواء خالٍ من مضادات البكتيريا من السهل إنتاجه
back to top