سنخضر الخليج من جديد!

نشر في 19-08-2017
آخر تحديث 19-08-2017 | 00:10
 جري سالم الجري علوم الدين والدنيا تؤكد لنا أن شبه جزيرة العرب كانت مروجا وأنهارا، فالعنب والرمان والخزامى والريحان والتين والزيتون، كانت أجزاء لا تتجزأ من بيئتنا العربية، فأجدبت الينابيع، وخُسِفت العيون، واشتعل لهيب الشمس، واستعر مناخنا، إلى أن غدت الأراضي لا زرع ولا أزهار فيها تستجلب لنا الأمطار، فمسحت من ذاكرة الأجيال جِنان الوديان وتصاوير الجمال.

فأسماء نباتاتٍ وأعشابٍ وُئدت، ومعان أدبية حدائقية طُمست، وكأن آباءنا الأولين وأسلافنا الفصيحين لم يصفوا الهيفاء بساق البان النجدية، ولم يشبهوا الرفيقة بزرعة شقائق النعمان البغدادية، أو لم يصف الرسول القارئ للقرآن بالأترجة والمنافق بالحنظلة؟ فمن أين اكتسب بدو الصحراء هذا المخزون اللغوي الأخضر لولا تشبع عيونهم من صنوف الغصون والفروع؟ صدق الهاشمي، صلى الله عليه وسلم، حين قال "لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً، وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق"، فكيف ستعود الطرق حدائق لا خوف فيها من عطش أو جوع؟

نشرت العديد من جامعات الغرب التطورات الجيولوجية لمناخ الشرق الأوسط، فتوقعت ارتفاع نسبة الأمطار بشكل مهول، بدءاً من أقصى الجنوب العربي (الإمارات) صعودا إلى بلد المليون نخلة (العراق)، بحجة أن هذه هي الدورة الجغرافية النموذجية التي تدور على غرب آسيا، أما تفسير الفقهاء للحديث النبوي فلقد ذهب مفسرون إلى أن العرب سينكبون على التخضير.

وبحكم انهزام شجاعة شاهر المهند المسلول أمام لمسة شقراء لشاشة ذكية تطلق عشرين بالستيا من مكتبها في وزارة دفاع بموسكو أو واشنطن، استوعبنا نحن العرب أخيرا أن المجد للقلم لا السيف، فمع التحضر المفروض بالواقع من خلال انخراط الكل بتنسيقات مدنية (سلطنة- إمارة- مملكة)، ظهر بالفعل أبطال زراعة عرب من أبناء الجزيرة، بمشاريعهم الواقعية، فمن يكونون؟

أحمد بدوي، رئيس قسم الإعلام بجمعية المورينجا (البان) في السعودية، ثقف الآلاف في قناته (مفاتيح يوتيوب) عن فنون الزراعة، كما تم إنشاء رابطة النباتات والزيوت العطرية والطبية التطوعية لتوفير غالونات من الزيوت العطرية لبيت الله الحرام بتعاون مع غرفة التجارة لإطلاق حملة تجوب الخليج للتعريف بنباتاتنا شبه المنقرضة والمجهولة من كوادر وطنية، ومنهم المجتهد عبدالله التنومي، عازمين على تطبيق مشروع الحديقة القرآنية بالمدينة المنورة، لتشمل سائر المزروعات المذكورة في كتاب الله، بيد أن دبي "دار الحي" سبقتهم، أما في الكويت فقد عقد الظاهرة ناصر العازمي مع وزير البلدية والأوقاف محمد الجبري اجتماعا لتبني فكرة حديقة القرآن النباتية في منطقة الصِديق، وقد قال خلال مقابلتي له إننا مسبوقون من قطر! مناشداً المسؤولين والتجار وجميع المواطنين صب جهودنا لتخضير الكويت.

ألا يرى القارئ الكريم أنه قد حان الوقت أن نطبق ذاك الحديث ونحن في آخر الزمان، استناناً بقوله، صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها". فلنخضر الخليج من جديد!

back to top