زبدة الهرج: سفاهة إعلامية

نشر في 12-08-2017
آخر تحديث 12-08-2017 | 00:07
 حمد الهزاع قدر الكويت أن تكون بين مطرقة الوقوف على الحياد بين الإخوة المتخاصمين لنزع فتيل الأزمة وتهدئة النفوس ولم الشمل، وسندان التخوين الذي يوجهه إليها مهرجو الإعلام من ضعاف النظر وقليلي الحيلة... إلى أن ظهر لنا إعلامي "يتنطط" على الطريقة الأراجوزية ليذكّرنا بمواقف السعودية والإمارات والبحرين ومصر من احتلال الكويت، وكأننا، شعباً وقائداً وحكومة، تنكّرنا للموقف المشرف للدول الشقيقة والصديقة إبان الغزو العراقي الغاشم، وهو وغيره يدركون أننا نحفظ الود والجميل والإحسان والمعروف في قلوبنا، ولا يمكن أن ننسى دور السعودية العظيم في تحرير دولة الكويت، بعد الله سبحانه... إلا أن هذا المهرج يريد من حكومتنا أن تقف مع الدول الأربع وتقاطع قطر وتشن عليها حرباً شعواء وتلعنها لعناً، وترجمها رجماً، لتحظى برضا قلمه وتمجيد كلماته ويمنحها وسام الوفاء مع صك الغفران لتكون في نظره قد سددت الدين الذي في رقبتها للدول الأربع.

لو أرادت حكومة الكويت أن تتخذ سبيل المقاطعة وسحب سفيرها من الدوحة لاتخذته منذ زمن بعيد عندما نذرت قناة الجزيرة نفسها للدفاع عن صدام حسين، وسخّرت برامجها للهجوم المستمر على دولة الكويت في كل شاردة وواردة، وعلى الرغم من تلك الإساءات المتكررة التي كانت تبث من قلب الدوحة فإن الكويت لم تُعر الإعلام السفيه أي اهتمام وتحملت طعن الرماح وصمت الأشقاء في قطر، ووضعت روابط الأخوة ووحدة الخليج نصب عينيها، وشتان ما بين الغزو العراقي والأزمة الخليجية.

وهنا أريد أن أذكّر هذا الإعلامي، الذي تناسى عاداتنا وتقاليدنا، بأن من مكارم الأخلاق التي تعلمناها من الإسلام، والتي تربينا عليها، ألا نمنّ على أحد عندما نمد إليه يد العون والمساعدة، وأن نجعل عملنا صادقاً لوجه الله، ومن غير رياء ولا فخر، ومن يمنن يحبط عمله في الدنيا والآخرة... راجع سورة البقرة (264) عسى أن تفهم معناها فتستغفر ربك.

هل تعلم أيها الإعلامي المهرج أن حكام الكويت الذين تولوا سدة الحكم، ومن ورائهم أبناء الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي، لا يتطرقون في أحاديثهم إلى دور دولة الكويت العظيم في الماضي تجاه دول مجلس التعاون الخليج العربي، بل إن أغلبية الشعب الكويتي لم تعلم مدى فضل الكويت على أشقائها الخليجيين إلا عندما احتل وطنها، حيث إن الإخوة الخليجيين الشرفاء هم من أخبروهم بمناقب الكويت ومواقفها تجاههم في السابق.

أيها الإعلامي المفلس، منذ الأزل وحكام الكويت يملكون من الشجاعة والحكمة والحلم والصبر ما لا يدركه عقلك الصغير، لذلك أراد أمير الإنسانية أن يكون الصديق والشقيق والأب الحنون الذي يحتضن بين جنباته أبناءه الخليجيين ويحمل همومهم وآلامهم ووحدة صفهم، وقد شاهد العالم أجمع كيف تحرك، حفظه الله ورعاه، منذ بداية الأزمة وتحمل مشقة التنقل بين الدول الخليجية وهو صائم، وما خطابه الأخير الذي تطرق فيه إلى الأزمة الخليجية ببعيد، وكيف كان متاثراً وحزيناً على ما آلت إليه الأوضاع في البيت الخليجي الواحد.

إن دعم مبادرة صاحب السمو، حفظه الله ورعاه، لإنهاء الأزمة الخليجية من قبل دول العالم إنما هو بسبب المكانة الكبيرة التي حظي بها سموه من قبل رؤساء الدول، وإن سموه لم يشتر رضا العالم بالمال أو "حب الخشوم"، ولكن فرضه بتواضعه وإنسانيته ومواقفه الكبيرة والكثيرة تجاه دول العالم، لاسيما الدول المنكوبة والمحتاجة، فزرع الخير وحصد الاحترام والتقدير ونال الثقة، ولن نذكّر أحداً بفضل الكويت عليه.

ثم أما بعد...

إن نفخ الإعلام الفاسد في كير الأزمة الخليجية سيحرق المنطقة برمتها، ولن تهدأ الأوضاع إذا ما تُرِك سفهاء الأحلام والإعلام يسرحون ويمرحون بهذه الطريقة، ومن يرد الصلح ورأب الصدع ونزع فتيل الأزمة فعليه أن يلجم أفواه الإعلام الشريرة... "نحن في قارب واحد".

back to top