لماذا الإصرار على التخلف؟

نشر في 01-08-2017
آخر تحديث 01-08-2017 | 00:09
ترى أين تلك الصيحات التي كان يتردد صداها في شوارع المدن العربية «من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر»؟ أين تلك الأحزاب التي حملت «رسالة خالدة» ضاعت وسط غبار معارك ومغامرات طائشة، وتلاشت الوحدة العربية وياليتها تلاشت فقط، بل انحدرنا إلى مرحلة التشرذم، فغدا الوطن أوطاناً، والشعب شعوباً، وجرفت أنهار الأحقاد أمتنا العربية إلى الدرك الأسفل من التخلف؟
 يوسف عبدالله العنيزي نعم قد يقول البعض إنه كلام مُعادٌ، وحتى مفرداته مكررة، والموضوع قد تم طرحه من خلال العديد من المقالات، وتناولته أقلام نخبة من الكتاب وأصحاب الرأى، لا على صفحات جريدتنا الغراء فحسب، بل على كل صفحات صحفنا الرائعة، لكنّ هناك تساؤلاً يطرح نفسه: ألا يستحق هذا الموضوع المزيد من تسليط الأضواء والمناداة بإيقاف هذا النزيف الذي يعانيه عالمنا العربي، فلا شك أن هناك أجيالاً تنظر إلينا وتتساءل: ترى ماذا "نورثهم"؟! مدناً مدمرة، شوارع فقدت ملامحها، منازل هجرها أهلها فغدت سكناً للغربان، بنية تحتية كان لها مكان، ثم، وهو الاخطر، كماً هائلاً من الكراهية المتأصلة في الوجدان... مخازن أسلحة وقنابل وسيارات مفخخة؟! هل نزرع في عقولهم الإصرار على عدم قبول الرأي الآخر، فأما أن تكون معي أو أنت عدوي، ولا مكان لنا تحت الشمس معاً، فأنا ومن بعدي الطوفان؟!

ترى أين تلك الصيحات التي كان يتردد صداها في شوارع المدن العربية "من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر"؟ أين تلك الأحزاب التي حملت "رسالة خالدة" ضاعت وسط غبار معارك ومغامرات طائشة، وتلاشت الوحدة العربية وياليتها تلاشت فقط، بل انحدرنا إلى مرحلة التشرذم، فغدا الوطن أوطاناً، والشعب شعوباً، وجرفت أنهار الأحقاد أمتنا العربية إلى الدرك الأسفل من التخلف، كانت هناك دول وممالك وأنظمة اتهمت بالفساد، فقامت الثورات الشعبية والحركات العسكرية ونزلت الجماهير العربية إلى الشوارع لتهتف من الأعماق "بالروح، بالدم، نفديك يا زعيم"، وبعد فترة من الزمن، طالت أو قصرت، نزلت الجماهير في الشوارع نفسها تطارد الزعيم من "زنقة إلى زنقة" والذي لم يجد أمامه إلا أنابيب المجاري، وآخر اختفى في حفرة تحت الأرض، وثالث تم سحبه من كرسي الرئاسة إلى غياهب السجون... يالها من نهايات مؤلمة، وما زلنا نصر على التخلف، لم تردعنا تلك الآلاف من الأرواح التي أزهقت، والملايين التي شردت، والحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات بين بعض الدول العربية، حتى انتشرت فيها الأمراض والأوبئة، ولعله أكثر إيلاماً عندما يطل علينا بعض زعماء ما يسمى بالمعارضة، وهم يحرضون العالم والدول الكبرى على ضرب بلادهم وتملأ نفوسهم السعادة عندما تنقل إلينا الأخبار هجمات وغارات تقوم بها القوات الأجنبية لضرب بعض المدن والمطارات العربية... فهل وصلنا إلى هذا الدرك من التخلف؟ ثم أين قضيتنا الأولى وأين اضحت؟

ونقتبس بعض الأبيات من قصيدة "حديث الروح " لشاعر باكستان الكبير محمد إقبال:

وفي التوحيدِ للهِمم اتحادٌ

ولن تبنوا العلا متفرقينا

ألمْ يُبعثْ لأمتكم نبيٌ

يوحدكم على نهج الوئامِ

ومصحفكم وقبلتكم جميعاً

منار للأخوَّةِ والسلامِِ

وفوق الكلِّ رحمنٌ رحيمٌ

إله واحد رب الأنامِ

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه

***

قادتنا... هل نستحق منكم هذا؟

في الأيام القليلة الماضية فقدت إحدى قريباتنا ابنها الذي لم يتجاوز العشرين من عمره في حادث سير أليم بأحد شوارع البلاد التي تلتهم البشر... أقيم العزاء في ديوانية أحد الأقرباء، وقد استقبلنا بعض الإخوة الكرام من البحرين الحبيبة، أتوا لتقديم واجب العزاء نظراً للروابط العائلية، فجزاهم الله كل خير، جلست بجانبهم للاستفسار عن رحلتهم بالسيارة في ظل هذا الجو الملتهب، وقد أفادوا بأنهم سيتركون سيارتهم في الكويت للمغادرة إلى الدوحة لتقديم العزاء في مجلس العزاء الذي يقام هناك، وسيلتقون ببعض الأقارب أيضا القادمين إلى الدوحة من الإمارات والسعودية وأيضاً عبر الكويت.

كان بجانبي أحد كبار السن، وكم تألمت وأنا أرى دمعة قد فرت من مقلتيه اللتين أضناهما الألم، قائلاً: ماذا حدث لكم ثلاثة مجالس عزاء في عائلة واحدة وفي ثلاث مدن؟! هل وصلتم إلى تقطيع الأرحام التي أمر الله بها أن توصل بين العائلات والأقارب؟ ترى من ينفخ تحت نار الفتنة؟ قادتنا: أيرضيكم هذا؟! ولكن نقول: حمداً لك ربي على أن جعلت بلدي الكويت صلة نور وصلة رحم بين أهلنا... حفظ الله دول مجلس التعاون وأهلها.

back to top