جماهيرية القذافي... في «سيل سان كلو»!

نشر في 28-07-2017
آخر تحديث 28-07-2017 | 00:20
 صالح القلاب المفترض أن يتساءل مَنْ بقي من أعوان "العقيد" معمر القذافي، الآن وقد طحنت ليبيا نفسها بالصواريخ والمدافع وقذائف الطائرات، وأيضاً برصاص الجماعات الإرهابية، عما إذا كانت ثورة "الفاتح" يا ترى ضرورية وخطوة إلى الأمام، أم أن بقاء ذلك الإنسان الوطني العاقل والطيب إدريس السنوسي كان أفضل بألف مرة؟ إذاً لما تشظى هذا البلد الذي كان واعداً بالفعل إلى كل هذه التشرذمات، وعلى أساس الانحيازات العشائرية والقبلية والجهوية، ولما أصبحت أبوابه مشرعة لكل متدخل، إما طمعاً في نفطه وإما استجابة لنزعة استعمارية قديمة.

لقد أوصل معمر القذافي خلال السنوات الطويلة، التي حكم فيها هذا البلد الغني وأهله الطيبين بـ "خزعبلات" كتابه الأخضر وبأكاذيب "اللجان في كل مكان"، إلى الانهيار الكامل وبالنسبة لكل شيء، ولذلك فإن "جماهيريته" البغيضة تحولت بمجرد "إعدامه" بتلك الطريقة اللاأخلاقية والوحشية التي تقشعر لها الأبدان إلى هباءٍ منثور، وإلى حارات وزواريب وشوارع تقتتل فيما بينها على مُلك مضاع، وعلى نهر ثبت أنه ليس عظيماً "ولا هم يحزنون"، وعلى "كتاب أخضر" كان الأحرى أن يسمى أسود، وعلى تجارب وحدوية كانت فاشلة، وكل واحدة منها كانت مهزلة المهازل، وعلى أحلام كانت بمنزلة سراب في صحراء قاحلة ويباب باستعادة أمجاد الدولة الفاطمية - الإسماعيلية التي نبت على مجراها وحركتها التاريخية أسوأ تنظيمين عرفتهما هذه المنطقة وعرفهما العالم بأسره هما "القرامطة" و"الحشاشون".

لم تبق دولة، سواء تطل على البحر الأبيض المتوسط عن قرب أو تطل على "جماهيرية القذافي" عن بعد، إلا ومدت يدها إلى هذه الدولة العربية التي استبدل صاحب "اللجان في كل مكان" علمها الملكي – السنوسي الجميل بـ "خِرْقته" الخضراء، على أساس أنه وريث الدولة الفاطمية، وأنه حامل راية عبيدالله المهدي، ومكمل رسالة الحاكم بأمر الله، وآخر هذه الدول فرنسا "الماكرونية" التي مع مجيء رئيسها الجديد هذا الشاب "النعنوع" المنطلق كسهم يغادر قوساً مشدودة الوتر، قد تخلت عن سورية وشعبها، واتجهت نحو برقة وفزان ربما نكاية بجارتها الإيطالية.

استقبل إيمانويل ماكرون فائز السراج و"المشير" خليفة حفتر، الذي غادر "جنة" القذافي خلال غزوة عسكرية على تشاد المجاورة، وفر بحياته وتطلعاته وتوجهاته السياسية إلى الولايات المتحدة الأميركية، في قصر "سيل سان كلو"، الذي يقع على مرمى حجر من باريس، ولأنه كان يجب أن يصدر إعلان يحمل اسم عاصمة فرنسا فقد صدر بيان يتضمن عشر نقاط، أهمها: وقف إطلاق النار، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، ودمج المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى "القوات النظامية"... وهنا فإن الأهم في كل هذه الاتفاقات هو "التنفيذ"... وبالطبع فإن المفترض أن الكل يتذكر اتفاق "الصخيرات" الشهير، والاتفاقات الأخرى التي بقيت تتنقل بين العواصم القريبة والبعيدة كل هذه السنوات المكلفة الطويلة.

back to top