ما كل هذه الزُّرقة؟

نشر في 27-07-2017
آخر تحديث 27-07-2017 | 00:20
 محمد الوشيحي أمر يصيب بالخبال. أتحدث عن زرقة شواطئ إسطنبول، وفيروزيتها البالغة النظافة. ولكثرة ما يحذرك الأصدقاء، هنا في تركيا، من إغضاب الجهات المسؤولة عن نظافة الشواطئ والبحار، كي لا تدخل في "بحر من العقوبات"، هُيئ لي أنك لو قتلت خالة المسؤول عن نظافة المياه وزرقتها لن يغضب منك كما يغضب من تلويثك للبحار والشواطئ. قد يكون لديه خالة أخرى، أما البحار فلا تتكاثر، مع الأسف.

عرفت بعد ذلك أن تركيا حصلت على المركز الثاني عالمياً من حيث نظافة شواطئها، وكان لشواطئ أنطاليا الفيروزية الدور الأكبر في رفع تصنيف تركيا عالمياً، وعرفت أن الحكومة تقاتل لتحصل شواطئ تركيا كلها على "العلم الأزرق"، وهو تصنيف يُمنح للشواطئ الفائقة النظافة على مستوى العالم، ويشارك في التقييم خبراء من نحو سبعين دولة مختلفة.

ومن بين الأحاديث بين الأتراك، أو "الترك" كما يحبون أن تسميهم، هذه الأيام، الحديث عن التفكير والتحضير لإعادة العمل بعقوبة الإعدام على ضوء الانقلاب الفاشل، بعد أن تم إلغاؤها. ولعلهم لا ينجحون في ذلك. آمين. لكنني مازحت صديقاً: "أخشى أن يطبقوا عقوبة الإعدام على ملوثي البحار"، فقال بصوت يجمع بين الجد والهزل: "لا تستبعد ذلك، المسؤولون عن البيئة هنا يخافون عليها أكثر من أبنائهم".

سمعت أيضاً أحاديث عما يحدث للسفن التي تتسرب منها الكيماويات في بحار تركيا، وسمعت عن العقوبات التي تتعرض لها الشركة مالكة السفينة، أو الغرامة القاصمة الظهر، وسمعت عن استنفارهم المبالغ فيه لتنظيف الأماكن الملوثة والمتضررة بأقصى سرعة، وسمعت وسمعت وسمعت...

سمعت كل هذا وتذكرت ما تفعله بعض الجهات الحكومية الكويتية في شاطئنا المكلوم، من تفريغ للمجاري والملوثات الصناعية والكيماوية فيه، حتى فقد وعيه، ونفقت أسماكه، وانقلب لونه إلى اللون البني المسحوك، وكأنه ترعة في قرية مهجورة، في بلد يئن من الفقر المدقع. ويبدو أنني لن أعارض تطبيق عقوبة الإعدام في بعض الأحيان، في الكويت. ولا أريد أكثر من أن أرى ردود الفعل على وجوه الأتراك المسؤولين عن شواطئ تركيا، في حال استضفناهم ليلقوا نظرة سريعة على حال بحرنا وشاطئنا. لا أريد أكثر من ذلك.

back to top