مقاربات جديدة لمعالجة التوحّد

نشر في 27-07-2017
آخر تحديث 27-07-2017 | 00:00
No Image Caption
تشهد الأبحاث المرتبطة بالتوحد تقدماً لافتاً وبدأت أسرار هذا المرض تنكشف تدريجاً عبر تقنيات التصوير والمؤشرات البيولوجية والوراثية.

مؤشرات جديدة

يمكن رصد التوحد منذ عمر السنتين، لكن يتأخر تشخيص المرض في حالات كثيرة. كلما كشف الأطباء المرض في مرحلة مبكرة، تتحسن النتائج. اليوم تبحث فِرَق عدة عن مؤشرات المرض وتعمل على استكشاف “البصمة الجزيئية” للتوحد. تثبت الدراسات الأولية اختلال جزيئات عدة لدى المصابين بالتوحد. عند التأكد من هذه النتيجة، يمكن ابتكار أدوات جديدة لتشخيص المرض في مرحلة مبكرة وتحديد الأهداف العلاجية بدقة.

دور الكرياتين

يكشف التصوير بالرنين المغناطيسي اختلالات دماغية لدى مصاب واحد بالتوحد على الأقل من أصل مصابَين. بفضل التحليل الطيفي، سُجّل نقص في الكرياتين لدى بعض مرضى التوحد ويبدو أنه مسؤول عن الاضطرابات المعرفية. حين تلقّى الأولاد الكرياتين، تحسّن وضعهم بشكل ملحوظ. حصلت تلك الأبحاث الأولية على 12 طفلاً فقط، لكن تبقى النتيجة واعدة جداً.

بيئة الميكروبات المعوية

لوحظ أن الأولاد الذين أصيبوا بالتوحد وأخذوا علاجاً بالمضادات الحيوية لمعالجة الخناق يسجّلون أحياناً تراجعاً في حدّة الاضطرابات خلال فترة العلاج. دفع هذا الاستنتاج بالعلماء إلى التساؤل عن وجود سبب التهابي أو عدوى معينة وراء التوحد أو جزء من أعراضه على الأقل. بدأ بعض الباحثين يستكشفون بيئة الميكروبات المعوية. أثبتت أولى الدراسات اختلال تلك البيئة لدى المصابين بالتوحد وغالباً ما ترتبط المشكلة باضطرابات هضمية. يصاب بين 50 و80% من مرضى التوحد باضطرابات هضمية ومعوية حادة. أثبتت بعض الدراسات التي جرت على الطحال أن التقاط عدوى مبكرة خلال الحمل قد يغيّر البيئة المعوية ويطلق أعراض التوحد. ما زلنا في بداية عصر «علم النفس المناعي»، لكن ستساهم هذه الأبحاث في تطوير استراتيجيات علاجية جديدة ترتكز على المحفزات الحيوية أو تنشيط البيئة المعوية.

منافع التحفيز المغناطيسي

منذ عشرين سنة، لم يكن أحد يعرف دور التلفيف الصدغي الأعلى. لكن أثبت فريق بحثي حديثاً أن هذه المنطقة الدماغية تؤدي دوراً أساسياً في الإدراك الاجتماعي وقد رصد الباحثون خللاً في تلك المنطقة لدى المصابين بالتوحد، ما يفسّر الصعوبة التي يواجهونها على مستوى الاحتكاك البصري مع الآخرين. يستكشف باحثون آخرون أثر التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة على حركات النظر. أثبتت أول سلسلة من التجارب التي جرت على متطوعين أصحاء أن كبح ذلك التلفيف بواسطة التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة يدفع الناس إلى تجنب النظر في عيون الآخرين مباشرةً. في المقابل، يصحّح ذلك التحفيز نظرة بعض المصابين بالتوحد موقتاً. قد يصبح التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة جزءاً من المقاربات العلاجية قريباً!

رذاذ الأوكسيتوسين قيد الدرس

رُصِد نقص في الأوكسيتوسين لدى بعض المرضى. يؤدي هذا الهرمون دوراً بارزاً من حيث القدرة على إنشاء روابط اجتماعية وتفسير عواطف الآخرين. اختبر الباحثون رذاذاً للأنف بعنصر الأوكسيتوسين لدى أولاد مصابين بالتوحد. تبدو النتائج الأولية واعدة وثمة مقاربات أخرى قيد التطوير. أثبت الباحثون أن نوعاً من مدرّات البول التي تستهدف الناقلات العصبية «غابا» يعطي أثراً إيجابياً في هذا المجال. يصحّح عنصر آخر مستقبلات الغلوتامات على مستوى الدماغ ويبدو واعداً بدوره.

back to top