قرار البصمة... «ابقَ قابلني!»

نشر في 22-07-2017
آخر تحديث 22-07-2017 | 00:06
اعتدنا، في ثقافتنا، أن نصطاد الموظف عندما يسيء التصرف ولم نعتد أن نصطاده وهو يحسن التصرف، والمثل الإنكليزي يقول: «اصطدهم وهم يؤدون أعمالاً صحيحة»... هنا يتشجع الموظف من أجل أن يعطي بكل إخلاص وإتقان وتفانٍ.
 عفاف فؤاد البدر جاء قرار البصمة عادلاً بما يتضمنه من تطبيقه على المديرين، ومن يمسك دفة قيادة المؤسسات الحكومية، إلا أنني أرى أن كل التصريحات التي تؤيد أهمية هذا القرار ما هي إلا قشور لتعديل وضع المؤسسات وسير العمل بها، فكثير من الموظفين ممن أعرفهم يحدثونني بأنفسهم أنهم يذهبون في الوقت المناسب ليوقعوا بالبصمة لإثبات حضورهم ثم يخرجون دون علم أحد لإنهاء مشاويرهم واحتياجات أسرهم دون استئذان أو ترخيص من أحد، وعندما يحين وقت الانصراف يعود كل منهم ليضع بصمته لإثبات أنه غادر، فضلاً عن أن آخرين يحضرون ويبصمون لكنهم يستغلون ساعات الدوام في النوم لعدم وجود ما يقومون به ؛ لأن هناك برمجة دخيلة علينا باتت سياسة منتشرة في مجتمعنا من شأنها أن تحطم طموح الشباب، تقول إن «من يعمل كثيرا يخطئ كثيرا فيتم طرده، ومن لا يعمل شيئا تتم ترقيته لأنه لم يخطئ»، فمثل هذه التسربات وكل ما يحدث لا يغيب عن أذهان المسؤولين، بل قد يقوم المسؤول نفسه بمثل هذه التصرفات... وكما قال الشاعر:

إذا كان رب البيت بالدف ضارباً

فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

فهنا من الضروري وضع حل جذري لمثل هذه الاشكالات، وقد ذكرت في مقال سابق أنه من الضروري توصيف الوظائف، فمتى ما عرف الموظف دوره في العمل وما المفروض عليه القيام به ووضحت له المكافآت التي سيأخذها والمناصب التي سيصل إليها إذا قام بكذا أو كذا فسيعمل ويجد ويظهر أفضل ما لديه، وليكن التركيز على جودة وسرعة انجاز العمل أكثر من حضوره وانصرافه، غير أننا اعتدنا، في ثقافتنا، أن نصطاد الموظف عندما يسيء التصرف ولم نعتد أن نصطاده وهو يحسن التصرف، والمثل الانكليزي يقول: «اصطدهم وهم يؤدون أعمالاً صحيحة»، هنا يتشجع الموظف أن يعطي بكل إخلاص وإتقان وتفانٍ.

وقد عملت على مدى عشر سنوات في الحكومة، ولم أعرف بالضبط ما الواجبات التي علي القيام بها، فكنت أقوم بأعمال غير منوطة بي طوال تلك الفترة، حتى ضقت ذرعا، وعندما سألت واستفسرت ممن سبقني، وجدت أنهم أيضا وقعوا في نفس المشكلة مدة من الزمن، هنا بدأت أتمرد لعدم وضوح التوصيف الوظيفي لكل موظف، وبينما كنت أحسن العمل وأبذل كل طاقتي لم يصفق لي ولم يحيِّني أو يشجعني أحد، وإن كنت لم أنتظر ذلك من أحد لأنني كنت أعمل بدافع الحب لعملي، وعندما بدأت أتمرد وجهت إلي أصابع الاتهام، مما جعلني أودعهم بسلام، فالقدرات غير المستثمرة قدرات مهدورة، لذا أعود وأذكر بأن الطاقة البشرية كنز علينا احتواؤه وتوجيهه لما فيه خدمة للوطن.

back to top