الصمت ذهب في الفيلم الوثائقي In Pursuit of Silence

نشر في 22-07-2017
آخر تحديث 22-07-2017 | 00:00
مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
ترتفع شجرة وحيدة في حقل من العشب الشديد الخضرة. شجرة فحسب.
ربما يكون هذا المشهد بسيطاً، إلا أنه بالغ الأهمية. إنه رؤية عن سكون لا كلام فيه نسعى وراءه دوماً. ولكن حتى الأوفر حظاً بيننا يعجزون غالباً عن بلوغه.
هذا المشهد الأول في In Pursuit of Silence، فيلم وثائقي مذهل يبرهن في مفارقة واضحة أننا نستطيع، عند التحدث عن الصمت، قول وعرض الكثير.
يبدو Silence، الذي يشكل في نصف منه عملاً بصرياً وفي النصف الآخر تحقيقاً شفهياً، عميقاً وغنياً، كذلك يحمل ميلاً إلى التأمل وقوة التجديد. يخبر الفيلم لمَ نتوق إلى الصمت، ويُظهر لنا في الوقت عينه شكل هذا الصمت إذا نجحنا في العثور عليه.

أمضى المخرج والمحرر باتريك شين، الذي شارك في التصوير وحظي بدعم حملتَين لا حملة واحدة من شركة Kickstarter، أكثر من سنتين في ثمانية بلدان، مصوراً بعض مناطقها الأكثر هدوءاً التي عثر عليها، فضلاً عن مناطقها الأكثر ضجيجاً.

في لمسة مميزة، لم يكتفِ شين بتحديد تلك المواقع بل قاس أيضاً مدى ارتفاع الأصوات فيها، وهي تراوحت بين – 9.4 ديسيبلات في الغرفة الماصة للصدى الشهيرة في مختبرات أورفيلد في مينيسوتا و107 ديسيبلات خلال أوقات الاحتفال في مومباي، المدينة الأكثر صخباً في العالم.

على نحو مماثل، حرص شين على تصوير فترة من الصمت مع كل كاتب، وعالم، وأكاديمي قابله. وضمّن النسخة النهائية من فيلمه بعض هذه اللقطات المميزة التي لا تُنسى.

لمسات مذهلة

تشمل لمسات Silence المذهلة الأخرى 4 دقائق و33 ثانية من «الصمت التجريبي» بفضل معزوفة «4’33» الشهيرة والصامتة أيضاً للمؤلف الموسيقي جون كايدج، التي أغضبت الحضور لدى عزفها للمرة الأولى عام 1952.

إحدى الشخصيات المحيرة الأخرى، التي تظهر مرات عدة في Silence، شاب شجاع يُدعى غريغ هندي قرَّر فور تخرجه في الجامعة السير عبر البلد من شرقه إلى غربه من دون التفوه بكلمة، متواصلاً مع الناس بالكتابة على بطاقات ورقية.

رغم عنوانه، لا يجد هذا العمل مفراً من تناول في جزء كبير منه الضجيج، قاصداً أماكن مثل مدرسة رسمية في كوينز بنيويورك يصعب فيها التعلّم نظراً إلى موقعها القريب من قطار الأنفاق.

يؤكد الخبراء أن الضجيج المفرط لا يشكّل مصدر إزعاج فحسب، بل يؤذي أيضاً الصحة. واختصر أحد الأشخاص في هذا الفيلم مسألة الضجيج بالقول: «تتكيف معها إلا أنك لا تعتادها».

أماكن الصمت

لكن أكبر جزء من هذا العمل يعرض أكثر المواقع هدوءاً على الأرض، باحثاً عن «لغة أماكن الصمت الكبرى» في مناطق مثل منتزه دينالي الوطني في ألاسكا أو «منزل شاي يوراسينكي» في كيوتو.

صحيح أن صوره المذهلة ووجوهه التأملية يتركان الانطباع الأكثر ديمومة، إلا أن كلمات Silence وحكمه، مثل «الصمت مكان راحة كل ما هو أساسي»، تبقى مؤثرة جداً، حتى عندما لا يحدد في بعض الحالات هوية المتكلم.

تذكر إحدى الشخصيات في الفيلم: «يلهينا الضجيج. أما الصمت، فيعيدنا إلى ما هو حقيقي».

وإن كنت لا تصدق ذلك في مستهل In Pursuit of Silence، لا شك في أنك ستقتنع به مع نهايته.

back to top