روسيا وأميركا... والمصالح!

نشر في 19-07-2017
آخر تحديث 19-07-2017 | 00:20
 صالح القلاب غير معروف لمن يوجه سيرغي لافروف كلامه، عندما يكرر المطالبة بالتخلي عن مطلب تنحي بشار الأسد، هل للمعارضة السورية التي أصبح اسمها تحت الضغط الروسي "المنصات"؟ أمْ للولايات المتحدة الأميركية التي تأخرت في دفع ثمن مرونة فلاديمير بوتين وتساهله بالنسبة لهذه الأزمة؟ وذلك في حين يفترض أن الثمن الذي يريده الرئيس الروسي هو "تنازلات" أميركية في أوكرانيا وفي بعض دول البلطيق، وأيضاً في بعض دول أوروبا الشرقية. هذا إضافة إلى تخفيف العقوبات التي فرضت على بلاده بعد تدخلها الشائن في القرم وفي المشكلة الأوكرانية وفي بعض الدول البلطيقية.

إن المؤكد أن الروس غير مغرمين ببشار الأسد ولا بنظامه، وأنهم إن قبضوا الثمن الذي يريدونه، وبخاصة في أوكرانيا، سيتخلون عنه، قبل أن يصيح الديك، مع الإصرار على الاحتفاظ بقواعدهم القديمة والجديدة وبوجودهم التاريخي في هذه الدولة العربية الذي يعود لفترة ما بعد انقلاب حسني الزعيم في عام 1949، الذي هو انقلاب عسكري في سورية، والذي بقي مستمراً منذ ذلك الحين وحتى الآن، رغم انهيار الاتحاد السوفياتي، ورغم كل هذه التغيرات التي طرأت منذ عام 2011 على العديد من الدول الشرق أوسطية.

وهنا، فإن ما يجب التذكير به والتوقف عنده إذا اقتضت الضرورة هو أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد تعامل مع هذه المنطقة ودولها وأزماتها، وفي مقدمتها الأزمة السورية، انطلاقاً من أن الشرق الأوسط لم يعد منطقة مصالح حيوية لبلاده، وأنه إذا كان لابد من الاختيار فإن "خيار" إدارته هو على إيران، وهذا هو ما حصل وأدى إلى هذا الاحتلال الإيراني الحقيقي والفعلي لاثنتين من أهم الدول العربية هما العراق وسورية، إضافة إلى كل هذا التدخل العسكري والسياسي في اليمن وفي العديد من دول الخليج العربي، والمقصود هنا هو إمارة قطر بالتحديد.

ربما ينسى البعض أو يتناسون أن العلاقات بين الدول، سواء أكانت كبرى أم صغرى و"مايكروسكوبية"، هي مصالح، ولذلك فإن وقوف روسيا إلى جانب نظام بشار الأسد كل هذه السنوات الطويلة والحفاظ عليه بالتدخل العسكري المباشر أو بإقامة القواعد العسكرية على الأراضي السورية ينطلق من دوافع مصلحية لا علاقة لها لا بالأخلاق ولا بالمبادئ ولا بأيٍّ من الشعارات الجميلة التي رفعها الاتحاد السوفياتي قبل انهياره، ولم يتحقق منها أي شيء على الإطلاق... للأسف!

وهكذا، ومن أجل مصالحهم، إنْ في أوكرانيا وإن في بعض دول أوروبا الشرقية، وفي بعض دول البلطيق، وبالطبع في جزيرة القرم، فإن الروس بالإضافة إلى مسارعتهم للتدخل المبكر في الأزمة السورية قد سارعوا أيضاً إلى إقامة كل هذه العلاقات التي أولها مصالح وآخرها مصالح مع إيران التي بينها وبين روسيا، تاريخيّاً، ما صنع الحداد، والتي استمرت المشاكل الحدودية معها لسنوات طويلة، ولم تتخلَّ طهران عنها إلا بعدما قبضت الثمن جزيلاً بسكوت موسكو على احتلالها وبشكل عسكري مباشر لاثنتين من أهم الدول العربية هما العراق وسورية. هذا إضافة إلى تدخلها في الشؤون الداخلية لليمن وبعض دول الخليج العربي ولبنان.

back to top