معاهد الأئمة في فرنسا... أمل جديد

نشر في 14-07-2017
آخر تحديث 14-07-2017 | 00:00
No Image Caption
في قلب منطقة (بورغندي) الفرنسية بدأ أئمة فرنسا يتجمعون ويشكّلون بديلاً صحياً للمد السلفي في المساجد خلال السنوات الأخيرة.
كل سنة يستقبل (المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية) 250 طالباً، منهم عدد من النساء. المعهد واحد من ثلاث مؤسسات قادرة على تدريب الأئمة في فرنسا. لكن لا يمكن أن يصبح جميع الطلاب أئمة. تمتد الدراسة على سبع سنوات وتتطلب حفظ مقاطع كثيرة في مقابل تراجع الدروس النقدية. لذا ينهي 5% من الطلاب فقط المنهج الدراسي كله.

بعد المصاعب التي واجهها المعهد في بداياته، في عام 1992، تدرّب أكثر من 300 إمام في هذا المكان. لكن بسبب نقص التمويل لا يشبه المعهد الراهن المشروع الأصلي الذي كان يخطط لتشييد مبانٍ معاصرة حول مسجد مزخرف.

قرر أستاذ رياضيات ثلاثيني اسمه ياسين من جنوب فرنسا أن يُعلّق مهنته كي يكرّس نفسه للإسلام ويتعلم اللغة العربية، ويعود إلى جذوره الجزائرية. لم يقرر بعد ما سيفعله بعد إنهاء الدروس. يمكن أن يحفظ القرآن أو يأخذ دروساً دينية. يخصص آخرون بين 12 و15 ساعة يومياً لتدريب ذاكرتهم. يتطلب حفظ 600 صفحة بلغة تعلّمها الطلاب للتو أسلوب حياة دقيقاً، إذ تبرز الحاجة إلى تكرار الآيات مئات المرات كي تترسخ في الذاكرة. بهذه الطريقة يمكن حفظ الكتاب كله خلال سنة وبضعة أشهر.

لا تتعلق الصعوبة الحقيقية بتعلم النصوص، بل بتذكرها بعد انتهاء الدروس، لا سيما أنها لا تخضع للتحليل والتفنيد والدراسة العميقة، بل تُحفَظ عن ظهر قلب. لكن تكفي هذه المقاربة كي تجعل من الطالب عالِماً مرموقاً. بعد سنتين لتعلّم اللغة العربية وثلاث سنوات لتعلّم القرآن، تُخصَّص ثلاث سنوات لتعلم الشريعة الإسلامية التي تسمح بالتمييز بين تيارات السلفية والتبليغ والصوفية لكن من دون مناقشتها.

يراقب مدير المعهد العراقي محمود زهير آخر المستجدات على الساحة الدولية ويعتبر أردوغان (مدافعاً صالحاً عن الإسلام). لا يمكن أن ينحرف الطلاب في عهده نحو التطرف الإسلامي، كما يقول، ويتابع: (حين ظهر تنظيم (داعش)، تعاطف معه بعض الطلاب فأخرجناهم من المعهد وأبلغنا السلطات).

يخشى زهير الفتنة بين المسلمين ويحلم بأن يصبح معهده معروفاً بجودته ويسعى إلى دمج الإسلام في المجتمع. بعد اعتداءات عام 2015، طلب من المجلس الإداري أن يصوّت على قرار منع ارتداء النقاب في المعهد وأثار القرار غضب بعض الطالبات. يبقى عدد الفتيات صغيراً في المعهد ويأتين عموماً لتعلم اللغة العربية وتحسين معارفهن الدينية، ثم نقلها يوماً إلى أولادهن أو إعطاء دروس بالمواد نفسها.

من الواضح أن تغييراً بين الأجيال بدأ يحصل في الإسلام داخل فرنسا. يفضّل الشبان أن يلجأوا إلى رجال دين ينتمون إلى الخلفية الثقافية نفسها بدل أن يختاروا علماء معروفين لأنهم لا يفهمون نمط حياتهم. يظنّ البعض أن التطرّف الذي ينتقل إليه الشبان يرتبط بنقص الأئمة الموثوق بهم.

شهادات مدنية وتربوية

تعمل السلطات العامة منذ عام 2015 على تشجيع برامج تدريب الأئمة لمكافحة موجة التطرف التي تجتاح العالم. لذا قد يصبح الجانب العلماني في المناهج المستعملة في المعاهد الدينية المعاصرة وسيلة لنيل شهادات مدنية وتربوية من جامعات عامة. قد لا تكون تلك المعاهد إلزامية للوصول إلى منصب الإمام لكنها أصبحت ضرورية كي يصبح أي شخص مرشداً روحياً معترفاً به. على أمل بتلبية الحاجة المتزايدة إلى أئمة متدربين سريعاً، وقّعت فرنسا في عام 2015 اتفاقاً مع المغرب لتدريب أئمة فرنسيين أو فرانكوفونيين لضمان نشوء إسلام يتماشى مع النزعة العلمانية السائدة في البلاد بعيداً عن المحاضرات المحافِظة التي يروّج لها بعض المدراس الدينية التقليدية.

back to top