«التوحّد»... تعرّفي إلى تداعياته

نشر في 07-07-2017
آخر تحديث 07-07-2017 | 00:00
No Image Caption
كيف يمكن أن تعيشي يومياتك حين يصبح التوحد الذي يصيب ابنك محور حياتك، ثم يبدأ بإرهاقك وعزلك عن محيطك مزعزعاً علاقتك بزوجك وأفراد عائلتك؟

ضياع تام

تبدأ المسيرة الشاقة مع التوحّد بالتشخيص، وربما تمرّ أشهر عدة قبل التأكد من حقيقة الحالة. لم يتحسن الوضع اليوم مع أن الداء بات معروفاً، إذ لا تكون اضطرابات النمو كافية لتأكيد التشخيص.

لا تدوم الراحة التي تلي إعلان التشخيص فترة طويلة. سرعان ما تبدأ التساؤلات عن طبيعة العلاج الذي يلائم الطفل وأنسب اختصاصي لمعالجة المشكلة. لا بد من التحرك بسرعة لأن العلاج المبكر يسمح للمصابين بالتوحد بتحسين حياتهم الاجتماعية. لكن كيف يمكن تسريع العلاج إذا كان تحضير الملف الطبي الخاص بمرضى التوحد يتطلب بين ستة وثمانية أشهر؟ وكيف يمكن أن يتوقع الأهالي حصول تدخّل مبكر إذا كانت طلبات الدخول إلى أي مؤسسة تعليمية أو صفوف متخصصة تتطلب التسجّل على لائحة الانتظار، وربما لا يُقبَل الطلب قبل مرور سنتين أو ثلاث سنوات؟ ماذا عن نوع العلاج المناسب وكلفته؟

تعب حتمي

تبرز مشكلة أخرى يتجاهلها المعنيّون: حين لا يكون التشخيص دقيقاً، يدخل أشخاص كثيرون إلى مؤسسات غير مناسبة. أو يقبع المرضى حتى عمر الأربعين مع أهاليهم المتقدمين في السن ويشعر هؤلاء الأهالي بالإرهاق والذنب بسبب عجزهم عن تغيير الوضع ويقلقون على مصير أولادهم بعد رحيلهم.

إلى جانب هذه المشاكل كلها، يزيد قلق العائلات بسبب طريقة تعامل الخبراء والمسؤولين في الجمعيات المختصة مع التوحد، إذ يكتفي هؤلاء أحياناً باستعمال مصطلحات تشتق من التحليل النفسي أو علم السلوك، حتى أنهم يستعملون كلمات جارحة أحياناً عن غير قصد كما يحصل مثلاً عند التكلم عن {ترويض} الأولاد.

شعور بالذنب

في الماضي، كانت الأم تُعتبر مسؤولة عن إصابة ابنها بالتوحد لذا كانت تُسَخّر نفسها بالكامل للاعتناء بالمريض ليلاً نهاراً. ربما تظن أيضاً أنها مسؤولة عن غياب {تقدّم} الطفل نظراً إلى استحالة التشكيك في {العلاج} الذي يتلقاه، بغض النظر عن نوعيته.

هكذا يطغى شعور الذنب على حياة الأهالي مع أنهم على أرض الواقع يصبحون رهائن الجهات المعنيّة بمعالجة التوحد. عملياً، تعطي المقاربة المبنية على توجيهات الأهل، أي تلك التي تسمح للعائلات باختيار أنسب علاج للأولاد، أفضل النتائج الإيجابية.

أمام إعاقة الطفل وأثرها في الحياة العائلية ككل، يضطر الأهالي أيضاً إلى خوض نضال من نوع آخر لإدخال أولادهم إلى المؤسسات التعليمية أو تلقي المساعدة المالية، ولا ننسى الوقت المخصص لأخذهم إلى مختلف مواعيدهم واضطرار الراشدين إلى التخلي عن النشاطات الترفيهية اليومية (سينما، عشاء مع الأصدقاء...) نظراً إلى استحالة اصطحاب مريض التوحد أو صعوبة تركه وحده. يسهل أن يتأثر العمل أيضاً وقد تصل تداعيات التوحد إلى أشقاء المريض وتنعكس سلباً على علاقة والديه.

ضغط نفسي مزمن

تثبت البحوث أن الضغط النفسي المزمن الذي يصيب أهالي المصابين بالتوحد ينعكس مباشرةً على صحتهم النفسية والجسدية في آن. تزيد أوجاعهم مثلاً ويرتفع احتمال إصابتهم بالتهابات مزمنة أو بمشاكل في القلب والأوعية الدموية. لكن حين تستفيد العائلة من الدعم الاجتماعي، يتراجع النقص المناعي المرتبط بالضغط النفسي.

في مطلق الأحوال، يجب أن تسمحي لنفسك بالتفكير والتكلم وحتى التذمر أحياناً! حين لا تجدين أي دعم مباشر من النظام الطبي والتعليمي ومن الجمعيات الخاصة، يجب ألا تترددي في استشارة معالج نفسي. في المقابل، تجنّبي أي شخص يجعلك تشعرين بأنك أم سيئة!

شعور الذنب يطغى على حياة الأهالي ويصبحون رهائن الجهات المعنيّة بمعالجة التوحد
back to top