الحبيب... على أي أساس نختاره؟

نشر في 05-07-2017
آخر تحديث 05-07-2017 | 00:03
No Image Caption
ربما تُفاجأ حين تعرف أنك ترى انعكاساً مختلفاً لنفسك عندما تنظر في عينَي الحبيب! استنتج الباحثون أن الشخص يميل عموماً إلى اختيار شريك يحمل الميزات المورفولوجية والصفات الخارجية نفسها، حتى إن الحبيبين قد يحملان ملامح وجه متشابهة!
لكن حتى لو لم يتشابه الحبيبان جسدياً، تشير البحوث المستمرة إلى تقاسمهما صفات أخرى مثل معالم الشخصية والمستوى التعليمي والمكانة الاجتماعية والاقتصادية والمعتقدات الدينية والقيم الأساسية...
يهتم الباحثون منذ عقود بالعلاقات العاطفية التي تجمع أشخاصاً متشابهين. يقال عموماً إن الأضداد تتجاذب، لكن تثبت المعطيات العلمية أن العكس صحيح!

حين يختار الشخص شريكاً من بيئته سيتمكن من توقع تصرفاته، ما يعني أنه لن يعتبره يوماً مصدر تهديد أو قلق. لهذا السبب ينجذب الناس إلى كل ما هو مألوف بالنسبة إليهم. لكن تحصل هذه العملية في لاوعيهم.

قد يتعلق قرار الارتباط بشخص يشبهنا بعوامل جغرافية وعمليّة بكل بساطة. أو يمكن أن يتأثر القرار بأمور فكرية واجتماعية كما يحصل بين طلاب الجامعات أو زملاء العمل الذين يتقاسمون المستوى التعليمي والمهني نفسه.

الجمال يجذب الجمال

لا شك في أننا نفاجأ حين نرى امرأة جميلة مع رجل أقل جاذبية بكثير، فالبحوث أيضاً وجدت أن هذه إحدى الحالات النادرة في العلاقات! بالنسبة إلى معظم الناس، يتوقف اختيار الشريك على درجة معينة من الانجذاب، بمعنى أن أجمل الأشخاص يقيمون العلاقات في ما بينهم وينطبق المبدأ نفسه على الأشخاص الأقل جاذبية. أما الثنائيات غير المتناسقة فيتعلق سببها غالباً بالاختلافات الاجتماعية والاقتصادية.

لكن لا يعني ذلك أن الأشخاص الأقل جاذبية لا يُعجَبون بأجمل الناس. بل يدرك كل شخص مستوى جماله ويفهم أن الانجذاب المتبادل لن يحصل على الأرجح إلا مع شخص بالمستوى نفسه. تعطي هذه المقاربة شكلاً من الطمأنينة لأن اختيار شريك يضاهينا في مستوى الجاذبية يُضعِف احتمال حصول خيانة لاحقة.

تأثير الوزن

يمكن أن تتأثر خياراتنا أيضاً بعامل الوفاء والمعطيات المورفولوجية. أشار بعض البحوث إلى أن الأشخاص البدينين يميلون عموماً إلى من يشبههم في الحجم، ولا يحبذون معيار النحافة كمعظم الناس اليوم. لا يزال هذا الموضوع جديداً نسبياً في عالم البحوث، لذا لا يمكن التأكد من أن الأزواج البدينين كانوا على هذا الشكل منذ بداية تعارفهم. لكن يفترض الباحثون أن جزءاً من هؤلاء اكتسب الوزن في الوقت نفسه لأنه يتبنى أسلوب الحياة عينه ويتبع حمية غذائية متشابهة. تبقى الثنائيات النحيفة على حالها أيضاً للأسباب نفسها. على صعيد آخر، يرافق معظم الناس شركاء يتمتعون بالمستوى نفسه من الجاذبية نظراً إلى التأثير المتبادل بين الطرفين مع مرور الوقت.

القامة والملامح

القامة عامل مؤثر في هذا المجال أيضاً. يميل الرجل طويل القامة إلى الارتباط بشريكة طويلة، والعكس صحيح. في هذا السياق، قام باحثون خلال الخمسينيات والستينيات بقياسات متنوعة على مجموعة من الثنائيات، كقطر المعصم ومحيط الرأس وطول الساقين والقدمين... فأثبتوا وجود رابط صغير لكن إيجابي بين الأزواج. لما كان الرجل أطول قامة من المرأة عادة، فتتشكل الثنائيات وفق قياسات نسبية تضمن الحفاظ على تناسق معيّن بين الشريكين.

كذلك نادراً ما تكون المرأة أطول من الرجل في العلاقة الثنائية إلا إذا كان الأخير يتمتع بصفات مميزة تعوّض عن قصر قامته. عموماً، نختار غالباً شريكاً يشبهنا على مستويات عدة (لون الشعر والبشرة، شكل الفكّين والخدّين...) لأن الناس يشعرون بالاطمئنان حين يشاهدون معالم مألوفة بالنسبة إليهم. توحي هذه الفرضية بأننا نميل إلى الوثوق بأي وجه جديد إذا تغيّرت ملامحه وأصبحت شبيهة بملامحنا.

أهمية القيم المشتركة

بحسب دراسات جرت في بلدان مختلفة، ثمة أزواج يتقاسمون صفات مشتركة كثيرة كالسخاء واللطف، لكنهم يحملون بشكل أساسي قيماً مرتبطة بالتعاطف مع الآخرين. كلما أمضى الزوجان وقتاً إضافياً معاً، سيتقاسمان المزيد من قيم السخاء والتعاون. لكن لاحظت دراسة حديثة أن بعض الأزواج يتبع تلك القيم منذ بداية العلاقة، لذا يمكن اعتبار هذا الجانب عاملاً أساسياً في ترسيخ الجاذبية المتبادلة بين الطرفين.

على صعيد آخر، تكشف سلوكيات التعاون نزعة إلى مساعدة الغير، ويتّخذ هذا الميل أشكالاً متعددة كالاعتناء بالأولاد وتلبية حاجات العائلة. حين يفضّل الشخص شريكاً متعاوناً، فإنه يختار فرداً يستطيع بذل ما يكفي من الجهود والوقت والمال للاعتناء بالأولاد مستقبلاً.

معالم الشخصية

يرتكز اختيار الشريك أيضاً على معالم الشخصية. تتعدّد المؤشرات التي يمكن الاتكال عليها في هذا المجال، من بينها الانفتاح على الآخرين والقدرة على إقامة روابط اجتماعية والسلوك الودّي... لوحظ أيضاً وجود رابط إيجابي بين الأزواج على مستوى الثقة بالنفس وحس الفضول.

كذلك تكشف الدراسات أن اختيار الشريك يتوقف أيضاً على أمراض كالاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه. لكن لا يزال السبب مجهولاً. ربما يقيم هؤلاء الأشخاص علاقات أقوى من غيرهم لأنهم واجهوا تجارب صعبة بالدرجة نفسها.

عامل السعادة

إذا كانت نقاط التشابه بينك وبين الشريك كثيرة، يجب أن تُسَرّ بوضعك: تبيّن أن الثنائيات التي تتقاسم عدداً كبيراً من النقاط المشتركة تكون أكثر ميلاً إلى الحفاظ على علاقتها.

من خلال تحليل عيّنة من الناس، لوحظ أن التشابه بين الشريكين ينعكس إيجاباً على مدة العلاقة وفرص استمرارها. توحي هذه الفكرة بأن الثنائيات غير المتشابهة تكون أكثر عرضة للانفصال في مرحلة معينة من العلاقة. في المقابل، يكون الأزواج الذين يحافظون على علاقة ناجحة طوال سنوات متشابهين عموماً.

في مطلق الأحوال، لم يجد أحد بعد الوصفة السحرية التي تضمن السعادة الزوجية الدائمة. حتى الآن لا يستطيع الباحثون تأكيد وجود أو غياب صفات دقيقة من شأنها أن تحسّن نوعية العلاقات بين الناس. ولا تسمح المعارف الراهنة، لا سيما الوراثية منها، بتقديم أي توصيات بشأن طريقة اختيار الشريك. لذا يكفي أن نصغي إلى قلبنا!

الثنائيات التي تتقاسم نقاطاً مشتركة عدة تحافظ على علاقتها عادة
back to top