الممثلة ماريون كوتيار: الفنان في أوج إبداعه أشبه بكائن غريب!

نشر في 29-06-2017
آخر تحديث 29-06-2017 | 00:00
تتقاسم ماريون كوتيار ملصق الفيلم الجديد Ismael's Ghosts (أشباح اسماعيل) للمخرج أرنو ديسبليشين مع شارلوت غينسبرغ وعُرِض في افتتاح مهرجان «كان». مقابلة مع واحدة من أكثر الممثلات تألقاً...
بفضل فيلم Ismael's Ghosts، تعودين للسنة السابعة على التوالي إلى مهرجان «كان». هل تعتبرين هذا المهرجان عزيزاً على قلبك؟

نعم، تأثرتُ كثيراً بأول مرة حضرتُه فيها بعد انتقاء أحد أفلاميRust and Bone (صدأ وعظام) للمخرج جاك أوديار. وصلنا سيراً على الأقدام وكان لتلك التجربة طعم خاص لأنها كانت المرة الأولى... لكني لم أكن أحلم بمهرجان «كان» منذ صغري. فوّتتُ أول حفلة دُعيت إليها رسمياً عام 2011. ولم أحضر فيلم وودي آلن لأنني كنت ألد ابني في 19 مايو.

هل يسعدك الاستعراض الإعلامي في «كان»؟

لا يمكن أن نتذمّر من الوضع! المقابلات متعِبة، لكننا نتكلم بشكل عام عن فيلم نحبّه ويقتصر المهرجان أصلاً على يومين. ثمة تجارب أسوأ في الحياة! (تضحك).

سبق وشاركتِ في عمل من إخراج ديسبليشين عام 1996، في How I Got into an Argument (كيف دخلتُ في جدل)... لكن اقتصر دورك حينها على مشهد قصير وصامت...

لا أتذكر أول لقاء جمعني مع أرنو. أحببتُ فيلم The Sentinel (الحارس) لكني أظنّ أن آخر فيلم له، My Golden Days (عصري الذهبي) أثّر بي بشدة. أحب تميّزه وجنونه وسذاجته وذكاءه، وأسلوب كتابته. لا يزال يتمتع ببريق خاص به، وهو شخص بشوش جداً!

من خلال إعطائك دور كارلوتا، يستهدف المخرج جانباً جسّدتِه سابقاً مع مخرجين آخرين، لا سيما في Inception (البداية) أو قبلهPretty Things (أشياء جميلة)... تكثر الأشباح في مسيرتك السينمائية...

هواجسي تقليدية جداً: الحاجة إلى التقدير، والخوف من الوحدة، والرغبة في كسب الحب. لم ينقصني الحب يوماً في طفولتي، لكن لم يمنعني ذلك من الضياع في سن المراهقة، فشعرتُ بأنني لا أفهم العالم. سلّحني والداي بكل ما يلزم كي أمضي قدماً وأتّجه نحو مشاريع ناجحة بفضل احترامهما وتفهّمهما وثقتهما بي.

حمل وأعمال

كنت تصورين رغم حملك وشاركتِ في ستة أفلام طويلة خلال سنة واعتدتِ على إرضاع طفلتك بين المقابلات. لماذا لا تتوقفين عن العمل؟

يصعب أن أرفض عملاً من توقيع زافييه دولان، حتى لو كان وقتي لا يسمح لي بالمشاركة فيه راهناً. ولم أستطع مقاومة التعاون مجدداً مع جاستن كورزيل في فيلم Assassin’s Creed (عقيدة قاتل) لأنني كنت أرغب في العمل معه في Macbeth. وكنت منبهرة بروبرت زيميكيس خلال مراهقتي لدرجة أنني لم أستطع أن أرفض العمل معه أيضاً. ثم جاء فيلم غيلوم...

ما كنت تستطيعين رفضه أيضاً...

(تضحك) يمكن استبدالنا دوماً! لكن لم يكن أحد ليحلّ مكاني في فيلم Rock’n’roll. حين كنت أقرأ السيناريو، خشيتُ ألا أحبه. كنت أعرف أنني سأضرّه إذا لم يعجبني لأنه لم يكن يستطيع إيجاد بديل عني.

إنه أحد مواضيع فيلم Ismael›s Ghosts الذي يروي قصة فنان يوشك أن يصبح مجنوناً بسبب فيلم... هل عشتِ هذه التجربة عن قرب مع غيلوم كانيه؟

نعم. يصبح الفنان أشبه بكائن غريب حين يكون في أوج إبداعه ويركز على نفسه ويعجز عن الانفتاح على الآخرين، وقد يصبح مريضاً. يزيد الوضع صعوبة حين تكونين زوجة الشخص المعنيّ. يجب أن نحافظ على توازننا ونتجنب الأنانية.

شهرة وهدوء

يقال إن الشهرة تُعقّد العلاقات وتُضعف التوازن الشخصي. لكن يبدو أنها أعطتك الهدوء.

يريد كل من يسعى إلى الشهرة أن ينظر إليه أكبر عدد من الناس. لكن حين ننشهر فعلاً، نشعر بأن تلك الحاجة المَرَضية إلى التقدير لا يمكن أن تُشفى من خلال نظرة الآخرين. لذا يجب أن نبحث في مكان مختلف عن مصدر آخر لتخفيف العذاب والمخاوف. يمكن إيجاد كنوز كثيرة في داخلنا. إنه عمل مشوّق لكنه شاق!

هل أوشكتِ على الضياع بسبب مشروع أو دور معيّن؟

لا، مطلقاً. أحب الحياة وكل ما تقدّمه لي وما أكتشفه فيها وما تفعله السينما لتطويري كامرأة أيضاً. لا أريد أن أبقى عالقة في شخصية معينة لكني وجدتُ صعوبة في الخروج من شخصية بياف مثلاً.

في فيلم Rock’n’roll، تسخرون من تداعيات جراحات التجميل. هل تقاومين الضغوط المفروضة على الممثلات بشأن تجنب الشيخوخة؟ ألا يمكن أن تلجئي إلى جراحات التجميل؟

لا، لن ألجأ إليها طبعاً. أنا محظوظة أصلاً لأن معطياتي الجينية جيدة. لكن تبقى رؤية مظاهر الشيخوخة عملية معقدة. يضطر الممثلون إلى مراقبة مسار شيخوختهم أمام أنظار الكاميرات التي تصوّرنا عن قرب. إنه وضع مزعج طبعاً، لكن يجب أن نتقبله. ولما كنت أخاف أصلاً من الحقن، فلا داعي للتفكير بالموضوع. تلقّيتُ حقنة أعطت نتائج سيئة في صغري وأعجز منذ ذلك الوقت عن تقبّل أي شكل من الحقن.

أشهر طلاق

يروي فيلم Ismael›s Ghosts قصة مثلث حب... تورّطتِ رغماً عنك في أشهر طلاق حصل في السنوات الأخيرة، بين براد بيت وأنجيلينا جولي، لدرجة أنك اضطررت إلى الرد عبر «إنستغرام». هل كانت تلك المرحلة صعبة؟

نعم. في حالتي، لم تتعلق المسألة بمثلث حب. لم تكن تلك القصة تعنيني بأي شكل. وضعوني في خانة هادمة المنازل لكني لم أتأثر للحظة في أعماقي. أردتُ بكل بساطة أن أصحح ما يقال، وكان يجب أن أردّ لأن الموضوع جرح المحيطين بي. لكنّ المسألة أضحكتني شخصياً. كانت المرة الأولى التي أقرأ فيها تعليقات الكارهين لأن الموضوع سخيف جداً... كلما كانت تلك الرسائل مريعة، كنت أشفق عليهم. في النهاية، من الجنون أن يُعلّق الناس بهذه الطريقة الشريرة على قصة لا أساس لها من الصحة!

هل يسمح لك وجودك على «إنستغرام» بانتقاء كلماتك؟

لا أعرف. لم أحاول يوماً أن أسيطر على شيء. لكني أحرزتُ تقدماً في تعاملي مع الصحافة...

بفضل تجربتك في الولايات المتحدة؟

نعم. هناك يمكن أن نحاسب كل من يغيّر كلمة واحدة من تصريحاتنا. لكن في فرنسا، يعاد تحوير كل شيء ويدفعني صحافيون كثيرون إلى التكلم باللغة التي يريدونها. في البداية، لم أكن أحتمل ما يحصل، لكني أقنعتُ نفسي لاحقاً بتقبّل الوضع لأنني لا أستطيع أن أكرِّر كلامي في كل مرة... لكني أتحمّل جزءاً من المسؤولية: أحياناً لا أعبّر عن نفسي بطريقة مفهومة! (تضحك).

انتخابات

تحدثت ماريون كوتيار عن رد فعلها على نتائج الانتخابات الفرنسية وقالت: «شعرتُ بالراحة. لكن يحمل وصول مارين لوبان إلى الجولة الثانية من الانتخابات معاني كثيرة عن وضع البلد والعالم الذي نعيش فيه اليوم».

وحول تربيتها لطفلين في هذا العالم قالت: «أتقبّل بعض حوادث هذا العالم وأرفض بعضها الآخر. أبذل قصارى جهدي لتغيير المسائل التي أرفضها وسأربّي ابني ثم ابنتي على احترام الجميع، حتى الأشخاص الذين يختلفون عنهما. يشير الاختلاف أيضاً إلى الأشخاص الذين صوّتوا لصالح فريق متطرّف. أحاول فهم ذلك المعسكر وأتفهّم الأشخاص الخائفين. نعيش في مجتمع قائم على الفصل الدائم بين الناس، لذا تنشأ لديهم مخاوف غير منطقية. ما الداعي للخوف من الآخر؟

ضحية وندم

في حديث عن العنصرية قالت ماريون كوتيار: «لا، لم أقع ضحية العنصرية، بل كنتُ ضحية أشخاص عنصريين في عمر الثانية عشرة. حين دخلتُ إلى المدرسة، كنت أتيتُ من ضواحي باريس حيث يطغى خليط من الانتماءات العرقية. وحين وصلتُ إلى المناطق الريفية، كانت مظاهر ذلك الاختلاط محدودة. تصادقتُ مع فتاة مغربية لكن لم يفهم البعض كيف تصبح باريسية مثلي صديقة فتاة مغربية. دفعوني تحت السلالم وسكبوا عليّ ليتراً من العطور كي أطهّر نفسي لأنني كنت صديقة فتاة عربية! كانت تلك التجربة صادمة جداً. قلتُ لنفسي إننا نعيش في بيئة جنونية!

وفيما يتعلق بالنفوذ الذي تتمتع به لأنها ممثلة تنتمي إلى قائمة الفنانات المربحات لا أظن أنني أتمتع بالنفوذ الكافي كي أؤثر في مصير أي فيلم. ربما تزداد سهولة بعض المشاريع بفضل اسمي لكن يمكن أن ينجح أي فيلم مهمّ معي أو من دوني».

وحول شعورها بالندم على مشاركتها في فيلم Taxi (سيارة أجرة) أنها الذي حصرها بأدوار سطحية طوال سنوات لدرجة فكّرتِ باعتزال المهنة تجيب كوتيار: «لا. كان فيلم Taxi فرصة كي يتعرّف إليّ الجمهور ولم يمنعني من تجربة مشاريع سينمائية أخرى. سرعان ما بدأت تُعرَض عليّ أدوار متنوعة. كنت أحلم بذلك منذ صغري، أي أن أستكشف عوالم مختلفة جداً. تكون تلك التجارب الأولى مهمّة دوماً».

أحلامي كثيرة

لدى ماريون كوتيار ولدان وشاركت في أعمال أهم المخرجين. ولكن طموحاتها لم تتوقف كما يبدو، فهي تقول: «لديّ أحلام كثيرة... أظن أنني سأحتاج في أحد الأيام إلى سرد قصص بكلماتي الخاصة. قد تتخذ تلك القصص أشكالاً مختلفة. ربما أخوض تجربة الكتابة أو الإخراج مثلاً...

وضعوني في خانة هادمة المنازل لكني لم أتأثر لحظة في أعماقي

ينجح أي فيلم مهمّ معي أو من دوني
back to top