رمضانيات

نشر في 25-06-2017
آخر تحديث 25-06-2017 | 00:00
 ناصر الظفيري • انتهت أيام شهر رمضان ويستقبل المسلمون عيد الفطر السعيد بقليل من السعادة وكثير من الصراعات التي مازالت تتمدد في بلدان عربية ونخشى أن تمتد نيرانها البغيضة إلى بقية بلداننا الآمنة. ورغم كل هذه الجراحات العميقة والخناجر المسمومة في صدر الأمة سنبقى نؤمن بأن هناك بارقة أمل في الأفق دائما ومساحة من التفاؤل نتمسك بها ونعيش عليها. الفرح عمل يبدو شاقا هذه الأيام وعلينا أن نبتكره ونقتسمه.

• في شهر رمضان هذا العام قدمت الدراما العربية والخليجية أسوأ إنتاجها مقارنة بالأعوام الماضية وغابت عن المشهد الدراما السورية لظروف نتفهمها وحاولت الدراما المصرية أن تفيد من روايتي احسان عبدالقدوس وبهاء طاهر، وكنا نعوّل كثيرا على هذه المدرسة الأم في الإنتاج العربي أن تقدم أعمالا أفضل من ذلك نظرا للإمكانات الفنية والطاقات البشرية التي تمتلكها لتقديم انتاج ضخم ولو وحيداً لهذه السنة، لكن ذلك لم يحدث.

• غابت الأعمال الكوميدية الجيدة عن الشاشة تماما، وبقي ما هو سطحي وتافه لا يستحق المتابعة حين حاول فنانون كبار تقديم كوميديا لم تستطع إمكاناتهم الفنية وأداؤهم إسعاف النص الهابط، ولأن الكوميديا هي العمل الأكثر صعوبة، فهي تحتاج إلى نص قبل حاجتها إلى فنان موهوب.

• في سنوات ماضية كانت الدراما تقدم أعمالاً تاريخية مهمة تتناول شخصيات مؤثرة في التاريخ العربي والإسلامي كسيرة عمر بن الخطاب أو عمر بن عبدالعزيز أو صلاح الدين، ولهذه الأعمال أكثر من ميزة كونها تكتب باللغة العربية الفصحى أولا، وتقدم سردا تاريخيا يستفيد منه غير المتخصصين في التاريخ وعوام المشاهدين، ومازلنا نستذكر كتابة وليد سيف لصقر قريش وصلاح الدين الأيوبي بلغة باذخة، ونتمنى على منتجي الدراما أن يتجرأوا في البحث عن النصوص التاريخية لتقديم قادة وعلماء من عصر الحضارة الإسلامية بدلاً من التركيز على نصوص هابطة وقضايا مكررة.

• في كثير من المهن يلعب العمر دوراً رئيساً في إمكانية استمرار المرء في عمله أو التوقف عنه في لحظة يرى فيها أنه لا يقدم مستوى مقبولاً بدلاً من أن يخسر تاريخه الجميل. ومهنة التمثيل من المهن التي تحتاج للياقة عالية كالرياضة من أجل الاستمرار. الفنان الكبير دانيال دي لويس رغم شهرته الفنية وهو في الستين من عمره يعتزل الفن كي لا يسقط ضحية أدوار سيئة كما حصل مع كبار قبله كمارلون براندو ودي نيرو، أدور لا تليق بتاريخهم الفني. وكان على الكبار من فنانينا العرب أن يفضلوا فكرة الاعتزال على الاستمرار في طرح أعمال تسيء لتاريخهم الطويل. لم يقدم عادل إمام في عمله الأخير "عفاريت عدلي علام" كوميديا يتوقعها منه المشاهد. كان شخصية ثقيلة صعبة الحركة غابت عنه الخفة والنكتة ولم يستطع اسمه إنقاذ العمل، وكان من الصعب أن تكمل مشاهدة عمل بهذه الرتابة والسطحية. نفس البطء عاناه الفنان عبدالحسين عبدالرضا، والذي شارك ضيفاً على "سيلفي" وكان أيضا قد فقد لياقته الفنية وسماته التي اعتاد عليها جمهوره. إن لم يكن هناك مجال لتقديم عمل جيد فالاعتزال أكرم لتاريخكم الفني الطويل.

back to top