مصاعب متزايدة تواجه جهود إنهاء برامج التحفيز الأوروبية

نشر في 24-06-2017
آخر تحديث 24-06-2017 | 00:00
شجع الدعم الضمني من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لسياسات رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، بعض أعضاء مجلس إدارة البنك على التصويت بالشكل الذي يريده دراغي، كما أن في وسع ميركل تشجيع استمرار الجدال حول الشخصية التي ستخلفه وستكون هذه طريقة كلاسيكية لتقويض سلطة الرئيس الحالي للبنك.
 بلومبرغ • هل لاحظتم عندما رد البنك المركزي الأوروبي في اجتماعه في يونيو الجاري على الزيادة الجلية في التعافي الاقتصادي الذي شهدته منطقة اليورو بإعلانه أنه لن يقدم على مزيد من الخفض في المعدلات القياسية المتدنية للفائدة كيف انخفض اليورو بدلاً من أن يرتفع؟

ولم تعمل الأسواق التي كانت مقتنعة على ما يبدو بتعهد البنك المركزي الأوروبي بأنه لن يرفع معدلات الفائدة لفترة طويلة من الزمن على اتخاذ اجراءات ازاء اليورو وهو ما يروي الكثير عن مصداقية البنك المركزي الأوروبي حول رسالته الى الأسواق.

وذلك أمر جيد أيضاً لأن البنك المركزي سوف يكون في حاجة الى كل المصداقية التي يستطيع تحقيقها مع اقتراب موعد الانتخابات الوطنية في ألمانيا التي سوف تجري في شهر سبتمبر المقبل، وليس في وسع البنك المركزي الأوروبي ورئيسه ماريو دراغي تحمل خسارة ثقة مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل التي أوضحت بجلاء أنها تريد زيادة في معدلات الفائدة بالنسبة الى الموفرين الألمان بحلول موعد الانتخابات المقبلة، وهو مطلب يتعارض بصورة مباشرة مع توجيهات البنك، وفشل البنك المركزي الأوروبي في تحقيق ذلك المطلب يعني خسارة دعم أقوى شخصية سياسية في القارة الأوروبية.

وليس في وسع السيدة ميركل طبعاً انهاء خدمات ماريو دراغي الذي لا تتجدد ولايته ولكنها تستطيع على الأقل تحويله الى بطة عرجاء خلال العامين الأخيرين من فترة رئاسته في البنك، وتجدر الاشارة الى أن الدعم الضمني من جانب المستشارة الألمانية لسياسات ماريو دراغي قد شجع البعض من أعضاء مجلس ادارة البنك المركزي الأوروبي على التصويت بالشكل الذي يريده دراغي، كما أن في وسعها أيضاً تشجيع استمرار الجدال حول الشخصية التي سوف تخلفه وسوف تكون هذه طريقة كلاسيكية من أجل تقويض سلطة الرئيس الحالي للبنك.

معدلات التضخم المستهدفة

ومن المعروف طبعاً أن التفويض الرسمي للبنك المركزي الأوروبي يتمحور حول الحد المستهدف لمعدلات التضخم ولكن نظراً لعدم وجود وحدة سياسية في الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد المالي كان من الواضح على الدوام أن البنك المركزي يولي اهتماماً كبيراً للأمور المتعلقة بالتداعيات السياسية وهي واحدة من الأسباب التي كانت تدفع البنك الى توخي الحذر وعدم الاقدام على أي عمل من شأنه احداث هزة في المركب خلال حملة الانتخابات الرئاسية التي شهدتها فرنسا في الآونة الأخيرة.

واضافة الى ذلك، وبينما كانت معدلات الفائدة السلبية تنطوي على حصيلة معقولة عندما كان البنك المركزي الأوروبي يكافح الانكماش الاقتصادي فإن ذلك لم يعد مناسباً في ظل التعافي القوي المتزايد في منطقة اليورو في الوقت الراهن، حتى مع بقاء معدلات التضخم دون مستوى الـ 2 في المئة المستهدف، وكلما سارع البنك المركزي الأوروربي الى التخلص من هذه السياسة كان ذلك أفضل بكل تأكيد.

وفي غضون ذلك يعتبر توجيه مزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي من أجل رفع معدلات الفائدة في شهر سبتمبر المقبل الاحتمال المتوقع كي يضطر البنك الى تأجيل قراره بشأن تخفيف برنامج التيسير الكمي الى ما بعد الانتخابات الايطالية المقبلة المقررة في فصل الربيع المقبل، ثم إن رفع معدلات الفائدة في فصل الخريف سوف يعطي البنك المركزي الأوروبي فرصة لالتقاط الأنفاس من أجل تأجيل التخفيف المشار اليه والتوسع في برنامج التيسير الكمي عندما ينتهي موعده في نهاية هذه السنة.

البديل الخطير

من جهة اخرى ينطوي البديل المحتمل لهذه السياسة على قدر من الخطر، وتخفيف البرنامج أولاً سوف يفضي الى اضطرابات في الأسواق تخدم أهداف حركة النجوم الخمسة في أي انتخابات مقبلة، كما أنه ولأسباب تتعلق بالاستقرار المالي سوف يكون البنك المركزي الأوروبي في حاجة الى وجود برنامج تيسير كمي قوي وراسخ عندما يتوجه المواطن الايطالي الى صناديق الاقتراع تماماً كما كان في حاجة الى استمرار ذلك التحفيز في فرنسا عندما أسهم في تقويض فرص فوز الشعبويين (أو حرمان مارين لوبان رئيسة الحركة الوطنية من فرصة المضي في سياستها المعادية لأوروبا).

وتجدر الاشارة الى أن حركة النجوم الخمسة التي وعدت بإجراء استفتاء على منطقة اليورو في حال فوزها في الانتخابات لا تقل خطرا عن الحركة الوطنية الفرنسية بالنسبة الى القارة الأوروبية، ونحن نتحدث هنا عن أخطار منهجية، وصحيح أن تمديد برنامج التيسير الكمي الى ما بعد نهاية هذه السنة قد يرغم البنك االمركزي الأوروبي على تخفيف بعض قوانينه المتعلقة بشراء الأصول والتي كان فرضها على نفسه في فترة سابقة غير أنه – في الوقت نفسه – لم يعد يملك أي أسهم ألمانية للشراء ضمن برنامج مشتريات الأصول، وربما يضطر الى شراء مزيد من الديون السيادية الجنوبية وبقدر يفوق ما تريده البنوك المركزية الشمالية.

الحاجة إلى دعم ميركل

هنا تبرز أهمية الحصول على دعم ميركل للبنك المركزي الأوروبي، وإذا عبرت المستشارة الألمانية عن رغبتها في تحويل ما يدعى قوانين الرسملة الرئيسية التي تربط بين التناسب بين مشتريات برنامج التيسير الكمي وسندات الدول الأعضاء من قيمة اسهام العضو في رأسمال البنك المركزي الأوروبي (من أجل محاربة الحركة الشعبوية الايطالية) فإن رئيس البندسبنك جينس فيدمان قد لا يعارض ذلك التوجه من جانب المستشارة الألمانية، لاسيما بعد أن صادقت في الآونة الأخيرة على تعيينه في منصب الرئيس المقبل للبنك المركزي الأوروبي.

وحتى في حال وجود احتمال في أن يفهم المتشددون من أمثال فيدمان أن التقيد القوي بالقوانين ليس منطقياً في حال وجود مخاطر وجودية بالنسبة الى منطقة اليورو فمن المحتمل أن يغير البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة قبل أن يغير مساره بشأن التيسير الكمي.

ميركل يمكنها تحويل ماريو دراغي إلى بطة عرجاء خلال العامين الأخيرين من فترة رئاسته للبنك
back to top