الهجوم الأميركي على الطائرة الحربية السورية يعرّض بوتين للضغط

نشر في 23-06-2017
آخر تحديث 23-06-2017 | 00:05
 المونيتور أسقطت طائرة حربية تابعة للبحرية الأميركية طائرة حربية تابعة للحكومة السورية، وتُعتبر هذه الحادثة الأولى من نوعها بين الولايات المتحدة وسورية طوال أكثر من ست سنوات من الحرب في هذا البلد.

جاء رد الفعل الأولي من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي كان يشارك في الصين في لقاء وزراء خارجية دول بريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا)، مدروساً.

لكن وزارة الدفاع الروسية اعتبرت عمل الولايات المتحدة «إخفاقاً متعمداً في التقيد بالتزاماتها» بموجب مذكرة عام 2015 بشأن تفادي حوادث مماثلة، وقررت «وقف التعاون مع الطرف الأميركي في هذه المذكرة»، كذلك طالبت الوزارة القيادة الأميركية بعملية تحقيق ومحاسبة شاملة.

وما يزيد الوضع الراهن غموضاً، وخصوصاً من ناحية المدى الذي قد تصل إليه روسيا في ردها على الهجوم الأميركي، الجزء التالي من بيان وزارة الدفاع الروسية: «في مناطق قتال الطيران الروسي في المجال الجوي السوري، ستتبع أنظمة الصواريخ أرض-جو الروسية كل أنواع الآليات الطائرة، بما فيها الطائرات و[الطائرات بدون طيار] التابعة للتحالف الدولي التي تُرصد غرب نهر الفرات، على أنها أهداف جوية».

لا تشير هذه الكلمات إلى التزام موسكو باستهداف الطائرات الأميركية التي تحلّق فوق سورية، كما اقترح بعض مَن سارعوا إلى تفسيرها، إلا أن الغاية منها أن تكون رادعاً عملياً في حال فكرت الولايات المتحدة في اتخاذ خطوات إضافية من «موقع قوة»، علماً أن هذه المقاربة المعتمدة على ما يبدو في التعاطي مع روسيا في سورية.

ولكن إذا كانت واشنطن تعوّل على رد فعل روسيا المضبوط واستعدادها للتعاون، رغم مواصلة الولايات المتحدة اختبار حدود صبر الكرملين بتنفيذها المزيد من الضربات المباشرة ضد الجيش السوري، فمن الضروري أن تتذكر على الأقل العوامل التالية التي تساهم في عملية اتخاذ القرارات الروسية في الوقت الراهن.

أولاً، تتأثر صورة موسكو سلباً كلما وقع اعتداء مماثل، وإذا لم ترَ روسيا فرصةً تتيح لها إنقاذ ماء الوجه، فسيزداد الضغط الذي يتعرض له بوتين، وسينمو هذا الضغط دولياً لأن شركاء روسيا في الحرب السورية (الأسد وداعميه، فضلاً عن إيران وغيرها في المنطقة) سيبدؤون بالتساؤل عما إذا كانت موسكو جادةً حقاً عندما تقول: «لا تتخلى روسيا عن أعوانها». كذلك سيتفاقم الضغط داخلياً من مؤسسة بوتين الأمنية الخاصة و»قواته الوطنية» التي ازدادت استياءً أخيراً من جراء العقوبات الأميركية الجديدة على روسيا، فبعد عملية إسقاط الطائرة السورية الأخيرة تدرس موسكو إمكان استخدامها أنظمتها بطريقة أكثر مرونة.

أخيراً، يناقش الخبراء وصانعو القرارات الروس أيضاً الأدوار التي تؤديها مختلف فصائل واشنطن في سورية، وهنا ينشأ سؤال مهم: ما مدى قدرة ترامب نفسه على التحكم في أعمال الولايات المتحدة في ذلك البلد؟ هل ترك مهمة اتخاذ القرارات لوزير الدفاع جيمس ماتيس وكبار قادة الجيش، حتى صار بإمكانهم صنع قرارات مستقلة بشأن مهاجمة قوات الحكومة السورية؟ إذا صح ذلك، فلن يؤدي، إذاً، لقاء شهر يوليو المنتظر بين بوتين وترامب في قمة الدول العشرين في ألمانيا إلى نتائج ملموسة.

يبدو أن الصدامات بين القوات المدعومة من الولايات المتحدة وقوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا تسم بداية مرحلة قتال جديدة في الحرب الأهلية السورية، وتواجه موسكو وواشنطن تحدياً كبيراً في ترتيب أوراق استراتيجياتهما الخاصة، ولكن إلى أن يحدث ذلك سيبقى الفائز الفعلي «داعش» وغيره من المجموعات الإرهابية العاملة في سورية والعراق.

* ماكسيم سوتشكوف

* «المونيتور»

back to top