أخطار بالجملة تواجه شركات التأمين الصينية

نشر في 17-06-2017
آخر تحديث 17-06-2017 | 00:00
في الأعمال التجارية التي تعتبر فيها إدارة المخاطر مسألة حيوية وأساسية، تفتقر شركات التأمين في الصين إلى قوة العمل الفعلية الجوهرية وأدوات المعلومات الضرورية من أجل اتخاذ قرارات سليمة وصحيحة.
 بلومبرغ • في معظم الدول تعتبر شركات التأمين بين الأكثر محافظة وقدرة على الاحتمال والصمود في وجه التغير في عمل الأسواق المالية، أما في الصين فقد أصبحت هي الشركات الأكثر عرضة للمخاطر.

وعلى السطح تبدو شركات التأمين في الصين وكأنها تتمتع بما يمكن وصفه بالعصر الذهبي، وعلي سبيل المثال فقد ارتفع عائد قسط التأمين خلال العامين الماضيين بنسبة 88 في المئة واجمالي الأصول بنسبة 49 في المئة، بينما ارتفعت المطالبات بنسبة 43 في المئة فقط، وتشرف هذه الصناعة في الوقت الراهن على ادارة حوالي 2.4 تريليون دولار على شكل أصول.

وتجدر الاشارة الى أنه في بلد يتسم بسكان من ذوي العمر المتقدم ومعدلات توفير عالية فإن ذلك يمثل تجارة رابحة وجيدة، كما أن التدفق المستمر لدخل الأقساط يلقى قبولاً وترحيباً من جانب العديد من أقطاب الاستثمار في ذلك البلد، وليس من قبيل المصادفة أن وجْه وارن بافت الذي حقق ثروته عن طريق عمليات التأمين يزين علب المرطبات في الصين.

ولكن النظر الى ما هو أبعد من السطح يظهر وجود أخطار في كل مكان، وفي الأعمال التجارية التي تعتبر فيها ادارة المخاطر مسألة حيوية وأساسية تفتقر شركات التأمين في الصين الى قوة العمل الفعلية الجوهرية وأدوات المعلومات الضرورية من أجل اتخاذ قرارات سليمة وصحيحة، وقد أظهرت دراسة حديثة أن 47 في المئة من شركات التأمين الصينية "لم تعمل على تطوير أي طرق أو وسائل على الاطلاق" تهدف الى ادارة المخاطر وتحليل حالات القدرة على الايفاء بالمستحقات المالية، كما أن العديد من هذه الشركات يفتقر الى الرقابة الداخلية، وقد حاولت احدى الجهات التنظيمية في الآونة الأخيرة طمأنة العامة عن طريق الاعلان عن أن صناعة التأمين قادرة على الايفاء بالتزاماتها القانونية، وهو تعبير لا يوحي تماماً بالثقة على أي حال.

وتتمثل المشكلة الاخرى في أن صناعة التأمين العصرية في الصين ليس لها علاقة كبيرة بعمليات التأمين وتنظر الشركات الى هذه العملية بشكل نموذجي على أنها ممارسة لجمع رأس المال، وليس على شكل طريقة لحماية الشركات والأفراد من المخاطر، كما أنها في أغلب الأحيان تعرض منتجات استثمار عالية الأرباح "تشمل نسبة صغيرة مما يطلق عليها سمة مكونات التأمين"، وذلك بحسب ما جاء في تقرير حديث صدر عن نيشا غوبالان من بلومبرغ غادفلاي.

وينظر المستهلكون الى مثل هذه المنتجات والأدوات على شكل وسائل استثمار لعدة سنوات وتوفر معدلات عوائد أعلى من تلك التي تعرضها البنوك، ولكنها تظل أكثر أمناً من أسواق الأسهم والسندات، وبالنسبة الى المديرين التنفيذيين الذين يسعون الى أن يصبحوا مثل "وارن بافت الصين" فإن التأمين تحول الى الطريقة التي تفضي من وجهة نظرهم الى توليد وتحقيق رأس المال الاستثماري.

بيئة التجاوزات

ومن شأن مثل هذه البيئة أن تفضي الى تجاوزات وإفراط، ولنأخذ على سبيل المثال مجموعة أنبانغ للتأمين التي ارتفعت موجوداتها من الأسهم الصينية في نهاية السنة الماضية الى مستويات كبيرة وصلت الى 203 مليارات يوان مرتفعة عن 27 مليار يوان في نهاية عام 2014. وقد نمت موجودات هذه المجموعة المحلية بسرعة كبيرة بحيث سارعت الى تصنيف نفسها كأعلى مساهمة ضمن 10 شركات في كل واحد من البنوك الأربعة الرئيسية المملوكة للدولة في الصين، كما أنها أصبحت أيضاً واحدة من أكبر جهات الاستثمار الصينية المتوجهة الى خارج البلاد وعمدت الى شراء مختلف الأصول من فندق والدورف أستوريا في اليابان، ثم بدأت تبدو مثل مدير ادارة ثروة أكبر من أن يفشل وليس مجرد شركة تأمين فقط.

وقد تمثل أحد المنتجات التي عرضتها مجموعة أنبانغ في نوع من الاستثمار العالي الربح الذي يعرف باسم التأمين الشامل والذي يوفر للمشترين قيمة تعويضات مضمونة عند الاستحقاق كما يشمل اعانة مالية عند الوفاة على شكل "تأمين"، وبدأت جهات التنظيم تنتبه الى هذا النوع من العروض والخدمات، وأوضحت في الشهر الماضي أن أحد المنتجات التي تعرضها مجموعة أنبانغ "تبتعد عن أصل التأمين الأساسي"، كما فرضت حظراً على مبيعات المجموعة بصورة مؤقتة بسبب ما أطلقت عليه "دمار السوق" نتيجة لذلك.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ملاحقة وقمع أعمال شركات التأمين بصورة أوسع لن تكون عملية سهلة على أي حال، وعلى سبيل المثال عندما تم منع شركة "فورسي" للتأمين على الحياة من بيع منتجات جديدة في الشهر الماضي هددت الشركة بأنها سوف تحظر تعويضات المستهلكين ما لم تسمح السلطات لها باستئناف تلك الأنشطة، وقد أصدرت ما يشبه الإنذار، وحثت الهيئات التنظيمية على اجتناب "حوادث جماعية من جانب العملاء وإثارة أخطار منهجية".

رسالة شديدة الوضوح

كانت الرسالة واضحة تماماً، وكما هو الحال في التشدد في أسواق النقد، لا تستطيع السلطات التشدد في الاجراءات القمعية على شركات التأمين خشية أن يفضي ذلك الى انهيارات.

وحتى في تلك الحالة فإن في وسع لجنة تنظيم التأمين الصينية الاستمرار التشدد في معايير المنتجات المؤهلة للتأمين، كما أن في وسعها البدء بطلب تحليلات محسنة تتعلق بالمخاطر من جانب شركات التأمين.

على السطح تبدو شركات التأمين في الصين كأنها تتمتع بما يمكن وصفه بالعصر الذهبي لكن النظر الى ما هو أبعد من السطح يظهر وجود أخطار في كل مكان

صناعة التأمين تشرف في الوقت الراهن على إدارة حوالي 2.4 تريليون دولار على شكل أصول

السلطات لا يمكنها التشدد في الإجراءات القمعية على شركات التأمين خشية أن يفضي ذلك إلى انهيارات

في بلد يتسم بسكان من ذوي العمر المتقدم ومعدلات توفير عالية تمثل «صناعة التأمين» تجارة رابحة وجيدة

47% من شركات التأمين الصينية لم تعمل على تطوير أي طرق أو وسائل لإدارة المخاطر وتحليل حالات القدرة على الإيفاء بالمستحقات المالية
back to top