احتمالات رفع «الاحتياطي الفدرالي» لـ معدلات الفائدة الأميركية رغم تدني التضخم

نشر في 10-06-2017
آخر تحديث 10-06-2017 | 00:00
طوال السنوات الخمس الماضية، أراد المستثمرون من مجلس الاحتياطي الفدرالي اتخاذ قرار برفع معدلات الفائدة وجعل العالم في وضع عادي من جديد، مع تأكيد أن رأس المال سوف يوفر عوائد آمنة.
 إيكونوميست يشعر مجلس الاحتياطي الفدرالي أن عليه رفع معدلات الفائدة بغية الحفاظ على مصداقيته في الأسواق المالية، فالمصداقية مسألة تستدعي القلق عندما تتعامل مع أغرار مبتدئين في الميادين المالية، لأن هؤلاء ليس من الممكن اجراء حوار منطقي معهم، وأفضل ما يمكنك أن تأمله هو الاستجابة الدائمة الى سلوك غير مرغوب، وإذا أخطأت في ذلك فسوف يصبح عملك أكثر صعوبة.

وهذه هي المشكلة التي يواجهها مجلس الاحتياطي الفدرالي الآن في الأسواق المالية، وطوال ستة أشهر كانت لجنة السوق المفتوحة الفدرالية تحرص على اختيار تصريحاتها بدقة وتسعى الى اقناع أسواق الديون بأنها سوف ترفع سعر الأساس بما يصل الى ربع نقطة مئوية في اجتماعها المقبل في شهر يونيو الجاري – وقد نجحت في مسعاها.

وإذا لم تكن اللجنة معنية بما تفكر الأسواق فيه فلن يكون ثمة مبرر كبير لرفع معدلات الفائدة، وعلى الرغم من التعقيدات التي ترافق التنفيذ فإن أمام مجلس الاحتياطي الفدرالي مهمة بسيطة تتمثل في ابقاء معدلات البطالة متدنية ما أمكن مع الاحتفاظ بمعدل التضخم عند حوالي 2 في المئة بحيث لا يبدو أنه خرج عن السيطرة، ومن المؤكد أن معدلات البطالة متدنية وقد وصلت في شهر مايو الماضي الى 4.3 في المئة حيث لم تصل الى هذا المستوى منذ بداية القرن الحالي.

وتشير الأدلة من أواخر السنة الماضية وبداية العام الحالي الى أن توجه ذلك التضخم نحو الارتفاع بدأ يضعف كما أنه حتى شهر يناير الماضي أظهرت تقديرات الأسعار والأسواق المتعلقة بالتضخم نمواً من النوع المتوقع في دورة أعمال عادية، وعلى أي حال، ومنذ ذلك الوقت، تباطأ ذلك النمو وقد انسحب ذلك التباطؤ على التضخم في تكلفة المواد الغذائية والطاقة، كما أن التباطؤ وصل الى زيادة الأجر الذي يجب أن يرتفع في ظل معدلات البطالة المتدنية ويفضي الى رفع معدلات التضخم. وحتى إجراءات السوق المتعلقة بتوقعات التضخم عادت الى الاتجاه الهابط، وفي سبتمبر من العام الماضي بدأت تقديرات السوق لمعدل التضخم في الارتفاع وبلغت ذروتها في نهاية شهر يناير من هذه السنة، وهي الآن وحتى عشر سنوات مقبلة، سوف تظل دون 2 في المئة. وفي أواخر يناير ظهرت أدلة على أن معدلات البطالة المتدنية كانت السبب وراء ارتفاع معدلات التضخم، لكن ذلك لم يحدث في مطلع الشهر الجاري.

كانت البنوك المركزية في الماضي أقل قلقاً ازاء توقعات تجار الديون المتعلقة بالسياسة النقدية، وكان البنك يتصرف والأسواق تستجيب، وعلى أي حال، وخلال العشرين سنة الماضية وخاصة منذ الأزمة المالية العالمية تعلمت البنوك كيف توضح لأسواق الديون الخطوات التي سوف تقوم بها في المستقبل، وكما كان الحال مع المبتدئين أصبح التهديد على القدر نفسه من الأهمية كما كانت الاستجابة وردة الفعل، وبدت رغبة متزايدة من جانب المشاركين في أسواق رأس المال الى دفع مجلس الاحتياطي الفدرالي الى تنفيذ تهديداته، وهم يجادلون في أن على المجلس أن يتخذ اجراءات من نوع ما حتى لا يفقد ثقة الأسواق، وهذا تهديد جدي عندما تسمع حديث المستثمرين حول قلقهم ازاء مصداقية مجلس الاحتياطي الفدرالي، ويتعين عليك أن تفهم أنهم يشعرون بقلق من أن يحجم مجلس الاحتياطي الفدرالي عن القيام بأي خطوة موثوقة يريدون منه اتخاذها.

وطوال ما يقارب الخمس سنوات الماضية أراد المستثمرون من مجلس الاحتياطي الفدرالي اتخاذ قرار برفع معدلات الفائدة وجعل العالم في وضع عادي من جديد مع التأكيد على أن رأس المال سوف يوفر عوائد آمنة، وعندما تجتمع لجنة السوق المفتوحة الفدرالية في الأسبوع المقبل سوف تشعر بقلق ازاء شيئين هما، أولاً التقيد بتفويضها مع ابقاء معدلات البطالة متدنية والتضخم ضمن المعقول، وثانياً أن اللجنة تريد من الأسواق الاستمرار في الاعتقاد بأنها سوف تفعل ما سبق أن قالته. وعلى الرغم من أن ذلك لم يسبب مشكلة حتى الآن فإن اللجنة تشعر بضغوط للعمل على أي حال من أجل اظهار عزمها على العمل، آملة أن يحافظ قيامها بهذه الخطوة على قدرتها على التهديد بإجراءات في المستقبل، مع سعيها إلى توضيح حقيقة تفيد بأن تصرفاتها ليست من دون أخطار وتداعيات محتملة، وبكلمات أخرى فإن التجار يمكن أن يحدثوا فوضى ويطلقون نوبات غضب ويحطمون الأشياء سعياً وراء تحقيق غاياتهم.

إجراءات السوق المتعلقة بتوقعات التضخم عادت إلى الاتجاه الهابط
back to top