6/6 : 5 يونيو... نكستان

نشر في 09-06-2017
آخر تحديث 09-06-2017 | 00:25
 يوسف الجاسم لعلها مصادفات القدر أن يشهد العرب في يوم الاثنين 5 يونيو 1967 بداية النكسة العربية الكبرى أو "حرب الأيام الستة"، التي أوقعت بنا كأمة عربية على يد إسرائيل أقسى هزائم تاريخنا، ليأتي بعد نصف قرن يوم الاثنين 5 يونيو 2017 ويصادف العاشر من رمضان يوم حرب أكتوبر 1973 ، ليوقع بنا في الخليج نكسة أخرى خلَّفتها المواجهة الصاعقة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين ومصر ضد قطر، وليسجل ذلك التاريخ نفسه يوماً أسود في سجل مجلس التعاون وتجربته المشرقة بفعل أزمات تراكمت وعكرت صفو منظومة هذا المجلس، أزمات تأباها الفطرة ولحمة الدم ووحدة المصير، ولم يتمنَّ أحد منا وقوعها!

إنه يوم أسود جديد بتاريخ العرب الحافل بالانتكاسات، ولم يسبقه ما يكبره سوى يوم 2 أغسطس 1990 الذي شطر العرب نصفين بسبب غزو العراق للكويت!

إننا ومن باب الحرص ينبغي ألا نؤجج آلام الأحداث المحزنة، وألا نخوض في مسبباتها، ونشارك مع كل الحريصين على ترك المساحات لمقام حكمة "أبونا وشيخنا العود حفظه الله" لعلاج المعضلة التي تحولت من حرب باردة صامتة إلى حرب إجرائية ساخنة وصاخبة اضطرت إلى شنها دول شقيقة عرفت بالوقار والرزانة، ضد شقيقتها قطر حماية للأمن الوطني لهذه الدول وسلمها الأهلي، لاسيما أنها تخوض حروباً مسلحة ضد الإرهاب ونزعات التوسع والهيمنة الفارسية.

إننا نتمنى على الدول المتخاصمة في هذه الأيام من شهر الرحمة أن تفصل في إجراءاتها بين العام والخاص، بين الرسمي والشعبي، بين اعتبارات الحكومات ومصائر الشعوب.

الناس لا ذنب لهم بأخطاء وسياسات حكوماتهم، والشعوب يجب ألا تتحمل جرائر تلك الأخطاء وتبعاتها، مثل الإجلاء المتبادل لمواطني الدول المتخالفة في الرؤى والمواقف قفزاً على أبعاد أواصرهم الاجتماعية والحياتية ومصالحهم المادية والمعيشية والإنسانية وصلة أرحامهم، وما يستتبع إقامة جدران التباعد والقطيعة من آثار مدمرة على حياة الأفراد البسطاء الأبرياء، لا على الدول التي هي قادرة على تحمل خسائر قراراتها وتبعات مواقفها وإجراءاتها.

نتذكر كيف أن القيامة قامت على الرئيس ترامب لمجرد أنه قرر إلغاء تأشيرات مواطني بعض الدول الإسلامية المشبوهة بالإرهاب، فجاءت المحاكم الأميركية وألغت قراراته وسمحت لمواطني تلك الدول بدخول أميركا، فما بالنا ونحن من المفترض أننا شعب خليجي واحد نقرر في لحظات انفعال اتخاذ ما هو أشد قسوة من قرارات ترامب ضد الأفراد المغلوبين على أمرهم وغير المسؤولين عن سياسات حكوماتهم؟!

دموع الطفلة القطرية في "الواتساب"، وهي تشكو حالها وحال أهل الخليج في تلك الأزمة، أبلغ من كل مقال، ابحثوا يا سادة عن دموعها في "اليوتيوب" لعلكم تتبينون حجم المأساة الإنسانية التي ينطوي عليها فرض العزلة على الشعوب لا على الأنظمة باعتبارها عقوبة رادعة!

يا سادة، اختلفوا كما تشاؤون، وطبقوا ما ترون من إجراءات دبلوماسية وتجارية واقتصادية وسياسية على الدولة الخصم، غير أن ذلك ينبغي ألا يؤثر على حياة الأفراد؛ فالشعوب يجب أن تظل فوق أي اختلافات مهما بلغت أحجامها ومسبباتها، لاسيما أنها قد تنتهي عاجلاً بإذن الله تعالى القائل: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، صدق الله العظيم.

back to top