العراق في أوج صراعه الطائفي

نشر في 02-06-2017
آخر تحديث 02-06-2017 | 00:09
مشكلة الائتلافات والكتل العراقية التي تدعي أنها الممثل الشرعي الوحيد لمكونها، أنها تواصل عملها الدؤوب في تكريس النزعة الطائفية والعرقية وتشارك في الحكومة على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية منذ أول يوم من تشكيلها، ولكنها مع ذلك دائمة التبرم من الطائفية والعنصرية وآثارها السيئة على الوحدة الوطنية.
 محمد واني الاصطفافات الطائفية والعرقية جارية في العراق على قدم وساق منذ أن تشكلت أول حكومة بعد 2003 على أساس طائفي وقومي، وحددت المناصب المهمة في البلاد وفق مفهوم ديمقراطي برز بقوة في الساحة السياسية، وظل يُعمل به حتى اليوم، وهو "الديمقراطية التوافقية" التي انبثقت منها "المحاصصة" على أساس طائفي وعرقي.

وعلى الرغم من تداول مفهوم آخر في الآونة الأخيرة، وهو"الأغلبية السياسية" على لسان السياسيين، وخصوصاً زعيم حزب الدعوة الإسلامية رئيس الوزراء السابق "نوري المالكي" ليحل محل "التوافقية" في تشكيل الحكومة المقبلة، فإن طبيعة المكونات الثلاثة الرئيسة التي يتشكل منها العراق "السنّة والشيعة والكرد" لا تسمح بذلك، وسيبقى التوافق السياسي هو السائد لفترة أخرى من الحياة السياسية للعراق.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: مَنْ مِن الأحزاب والكتل السياسية الموجودة في الساحة السياسية يمثل هذه المكونات الثلاثة؟ كل حزب أو كتلة سياسية يدّعي أنه يمثل مكونه، فالتحالف الوطني الحاكم يدعي أنه الممثل الشيعي الوحيد في العراق، وائتلاف "تحالف القوى العراقية" الذي يتزعمه "أسامة النجيفي" يزعم أنه، لا غيره، الممثل الشرعي الوحيد للمكون السني العربي في العراق، وكذلك التحالف الكردستاني الذي يتكون من الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بشكل رئيس يدّعي أيضا أنه هو من يمثل الأكراد في بغداد.

ولكن ماذا عن الأحزاب والكتل التي لا تنضوي تحت هذه التحالفات والائتلافات؟ وماذا عن الشيعة خارج التحالف الوطني؟ وماذا عن الأحزاب السنية خارج "تحالف القوى العراقية" مثل حزب "صالح المطلك" وائتلاف "إياد علاوي"؟ وماذا عن الأحزاب الكردية خارج التحالف الكردستاني مثل "حركة التغيير" المعارضة؟ وماذا عن الأحزاب الإسلامية والعلمانية الكردية الأخرى؟!

مشكلة هذه الائتلافات والكتل التي تدعي أنها الممثل الشرعي الوحيد لمكونها، تواصل عملها الدؤوب في تكريس النزعة الطائفية والعرقية وتشارك في الحكومة على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية منذ أول يوم من تشكيلها، ولكنها مع ذلك دائمة التبرم من الطائفية والعنصرية وآثارها السيئة على الوحدة الوطنية، وتطلق تحذيرات مستمرة من انزلاق العراق نحو الاصطفاف الطائفي، والسؤال هو: لمن التحذير ومن المقصود به؟ فالعراق بفضل هذه الأحزاب والكتل المتناحرة اليوم فعلا قد وصل إلى حالة مزمنة من الصراع الطائفي والعرقي يصعب الخروج منها، والضحية دائما وأبداً هي الشعب العراقي بكل أطيافه.

* كاتب عراقي

back to top