مراقبو الحسابات في مواجهة الشركات... والجهات الرقابية تتابع

مسؤولية مدققي البيانات المالية تتعاظم أمام المساهمين وهيئة الأسواق

نشر في 28-05-2017
آخر تحديث 28-05-2017 | 19:50
No Image Caption
على بُعد أسابيع قليلة، سيكون هناك واقع جديد لملف الإفصاح عن البيانات المالية للشركات المدرجة، حيث رفعت هيئة أسواق المال يدها عن الرقابة المسبقة تارة، تماشيا مع المتغيرات والتطورات العالمية، وتارة أخرى كانت تنادي الكثير من الشركات المدجرة ذاتها بهذا المطلب، وذهب بعضها إلى القضاء لتحقيق هذه الغاية.

بداية، كشفت مصادر لـ"الجريدة"، أن مدققي حسابات إحدى الشركات التي تعرضت لواقعة اختلاسات وتلاعبات في البيانات المالية وكبدتها خسائر بملايين الدنانير، أفادوا بأن مسؤولي الشركة هم من قدموا "فواتير وبيانات وإيصالات وغيرها من المعلومات غير الدقيقة"، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ذلك يعفي أحدا من المسؤولية؟

مصادر قانونية أفادت بأن المسؤولية تتعاظم حاليا على عاتق مدققي الحسابات عن أي وقت مضى، ففي السابق كانت هناك جهات رقابية تدقق وتمحص مليا في كل كبيرة وصغيرة تحويها البيانات المالية، وتطلب مخصصات وإيضاحات وغيرها، ورغم ذلك مرت بعض الأخطاء ونفذ بعض المتلاعبون مأربهم، فما مسؤولية مدققي الحسابات والمراقبين؟

مسؤولية مراقب الحسابات

1- اعتبارا من البيانات المالية للنصف الأول من العام الحالي سيكون لمدققي حسابات الشركات المدرجة دور أكبر وأوسع من مجرد تقديم تقرير يتضمن "سطرين" يخلي مسؤولية المدقق ينص على أن "مسؤولية المدقق هي الاطلاع على المعلومات، وأن الإدارة هي المسؤولة عن هذه المعلومات، إضافة إلى أن الشركة تحتفظ بدفاتر محاسبية منتظمة... إلى آخر الفقرات الروتينية والتقليدية، حتى يستفيق المساهمون على كارثة اختلاس هنا أو تعثر هناك. وبالتالي، فإن مهنة التدقيق تعد في مفترق طرق وبين عهدين، عهد كانت الجهات الرقابية تتقاسم فيه جزءا كبيرا من المسؤولية، في حين المسؤولية الآن بشكل شبه كامل على مراقبي الحسابات.

آثار سلبية معقدة للتعثرات

2- أي تعثر لأي شركة مدرجة له أبعاد سلبية متعددة، فبجانب الأثر المباشر على المساهمين الأفراد الذين يشكل صغار المساهمين منهم الشريحة الكبرى والتأثير عليهم مركب هو الآخر، حيث ينتج عنه مشاكل اجتماعية كثيرة غير الاقتصادية، هناك أيضا أثر آخر على القطاع المصرفي بشكل مباشر، فكل الشركات لديها اعتمادات وخطوت ائتمان مصرفية، وبالتالي تأثر البنوك سلبا من جراء التعثرات أو المشاكل المالية التي تواجه الشركات.

إبلاغ الجهات الرقابية

3- من التحديات التي تواجه جهات التدقيق بعد المسؤوليات الكبيرة التي ستكون على عاتقها، الإسراع بإبلاغ الجهات الرقابية عن أي خلل أو شكوك، مهما كلف مدققي الحسابات هذا العقد أو ذاك أو تلك العمولة، فدور المدقق سيكون أبعد من مجرد مراقب حسابات، بل جهة رقابية منوط بها دور كبير ومهم في حماية أموال المساهمين وصيانة سمعة السوق المالي الكويتي الذي يطمح إلى جذب استثمارات أجنبية ومستثمرين أجانب.

إيضاحات للجمعية العمومية

4- من الآن فصاعدا لن تكون مشاركة مدققي الحسابات في الجمعيات العمومية لتلاوة تقرير روتيني يؤكد نزاهة البيانات والمعلومات، وان التقرير تم إعداده وفق الأصول المرعية، بل سيكون من حق المساهمين قانونيا أن يقدم مراقبو الحسابات الإيضاحات الكافية والكاملة للمساهمين وتنبيههم إلى مواطِن الخلل، إن وجدت، وإعلام المساهمين بأي مخاطر أو ممارسات قامت بها الشركة أو تقوم بها، ليتخذ كل مساهم القرار المناسب في ضوء ذلك.

وإزاء تلك المسؤوليات، سيكون مدقق الحسابات مطالبا بأن يكون مع المساهمين، لا مع الشركة التي يحصل منها على أجر مقابل خدمة.

ملف التأكد من البيانات والمعلومات

5- لن تكون في المستقبل القريب أعذار مثل "البيانات المالية، مسؤولية الشركة والفواتير أو الإيصالات والإيضاحات التي تقدمها، وأن المراقب فقط يبدي الرأي، خصوصا في ظل رفع الجهات الرقابية يدها، بل سيكون ضمن مسؤوليات مراقبي الحسابات بذل جهد في التأكد من دقة البيانات والمعلومات التي تقدمها الشركة، فكما يلزم البنك المركزي البنوك بمطالبة العملاء بتقديم فوايتر تثبت قنوات الإنفاق، وعلى البنك مسؤولية في التأكد من صحة تلك البيانات، على المدققين بذل مزيد من الجهد، للتأكد من صلاحية ودقة البيانات، حيث بات المدقق هو الحكم الأوحد.

تحدي الانتقال لمرحلة جديدة

6- تبدي مصادر رقابية تأكيدها على أن التجربة على المحك، وهذا التحدي يفرض مسؤوليات على كل الأطراف، لإنجاح الخطوة التي سيتم البناء عليها مستقبلا نحو مزيد من تطوير السوق المالي، وبالتالي المرونة يجب أن يتم استغلالها استتغلالا أمثل لتطوير البورصة وزيادة مسنوب الشفافية، لا كمساحة للتحرر من القيود، وبالتالي إعلاء الممارسات السلبية وغير السليمة.

وانطلاقا من مسؤولياتها، تقول المصادر إنه ستكون هناك متابعة دقيقة وتواصل مع مدققي الحسابات، حيث لن تترك الجهات الرقابية الحبل على غاربة، وبقوة القانون والصلاحيات ستتخذ القرارات المناسبة التي تحمي السوق وسمعته وسمعتها في ذات الوقت.

أسئلة مشروعة للمساهمين

7- مجموعة من الأسئلة تراود المساهمين والمهتمين بالسوق المالي عموما، مثل: ما مصير البيانات المغلوطة التي ستقدم ومتوقع أن تتسع رقعتها، ومن ثم يتم تعديلها، خصوصا بعد أن يتم بناء مراكز مالية عليها كالتداول؛ بيعا وشراء، على سبيل المثال أن تعلن شركة أرباحا كبيرة وقياسية، ويتم التداول على أسهمها، ومن ثم بعد مرور يومين أو ثلاثة أيام تداول يتم تعديل هذه البيانات؟!

8- آلية الإفصاح عن البيانات المالية، لضمان عدم استغلال المعلومات، فعلى سبيل يتساءل المساهمون عن آلية يجب أن تضعها الجهات الرقابية، بأن يقوم مدقق الحسابات بإخطار الهيئة أو الجهة الرقابية المشرفة على البيانات في ذات الوقت الذي تخطر فيه الشركة بانتهاء أعمال التدقيق، وأن يتوجب عليها الإفصاح فورا في ذات اليوم من دون تأجيل الإعلان لأيام، لتجنب تسرب المعلومات وتأثر آليات التداول، علما بأن الجهات الرقابية في السابق كانت تخطر الشركة والبورصة في آن واحد، وهو ما يجب أن يستمر مع المدققين، لضمان العدالة في إيصال المعلومة للجميع.

9- من حق المساهمين تبسيط التقارير التي يضعها مراقب الحسابات، لتكون في متناول فهم الجميع وبعيدة عن الألغاز، فقد نصت اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال على تقديم الإفصاحات بشكل واضح ومن دون تعقديات، هل ينسحب ذلك على التقارير والإيضاحات والتي سترفق ضمن البيانات المالية؟

10- هل ستشهد عمليات الإفصاح عن نتائج الأعمال سرعة أكبر مما كانت عليه في السابق، خصوصا أن الوقت الذي كانت تحتاج إليه الجهات الرقابية لتدقيق البيانات سيستقطع ويصبح في مصلحة الشركات، فهل سيعمل مراقبو الحسابات لمصلحة المساهمين وزيادة جرعة شفافية السوق وسرعة الإعلان عن البيانات أم سيتم استهلاك كامل المهل الممنوحة بلا عذر قانوني محاسبي؟

إدارة المخاطر والتحول المؤسسي للاستثمار

يتوقع مراقبون أن تعزز عملية رفع الجهات الرقابية يدها عن الموافقات المسبقة على البيانات المالية، عملية التحول نحو الاستثمار المؤسسي، بمعنى أن يقل تعامل الأفراد والمتداولين في البورصة بشكل مباشر ويتجهون إلى شركات ادارة الأصول المتخصصة، فهذه الشركات لديها قطاعات وادارات أبحاث ودراسات وتقوم بقراءة البيانات المالية وتحليلها بشكل جيد ودقيق، فضلا عن ان هذه الشركات دائمة التواصل مع ادارات الكيانات التي تستثمر فيها، وبالتالي قدرة وكفاءة شركات ادارة الأصول تفوق امكانات الأفراد، لا سيما بعد ارتفاع معامل المخاطر على قرارات الأفراد، فضلا عن أن المتغيرات تفرض ادارة المخاطر بشكل اكبر من السابق.

تجربة على المحك وتغييرات كبيرة لقواعد اللعبة الرقابية لمصلحة الشفافية والمرونة لا التلاعب

مدقق حسابات «متعثرة» لجهة رقابية: الشركة قدمت فواتير ومعلومات خاطئة!
back to top