فتاوى عصرية: إحداث صوت عند مضغ الطعام منهي عنه

نشر في 29-05-2017
آخر تحديث 29-05-2017 | 00:00
No Image Caption
السؤال: ما حكم مضغ الطعام بصوت مسموع؟

المفتي: مفتي الديار المصرية، شوقي علام.

الفتوى: الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة جاءت لسعادة الدارين، وشرع الله تعاليم الإسلام وأحكامه وآدابه لينظِّم للإنسان كل شؤون حياته، ويرتقي بسلوك الفرد والمجتمع، في العبادة، والمأكل والمشرب والملبس، والمنكح، وطلب أسباب الدنيا، والرقي الحضاري، والتعلم والتعليم، فما من مسألة دقيقة أو جليلة تتعلق بأفعال المكلفين وشؤون دينهم ودنياهم إلَّا ولله تعالى فيها حكم وأدب وإرشاد، على سبيل الخصوص أو العموم.

ومن جوانب العظمة والسُّمُوِّ والرقي في هذا الدين: الآداب والتعاليم الراقية التي هذَّب النبي- صلى الله عليه وسلم- بها سلوك الأفراد في مظاهر حياتهم اليومية، فقد جاء المصطفى- صلى الله عليه وسلم- بتمام مكارم الأخلاق، وكمال محاسن الخصال، وقال: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ".

وكان من مظاهر ذلك أن وضع الإسلام قواعد وإرشادات لآداب اللياقة العامة، والذوق العام، وهو ما يطلق عليه اليوم "فن الإتيكيت"، أي فن التعامل مع الناس ومع الأشياء.

فمن الأمور التي ورد النهي عنها في الأحاديث الشريفة: التشبه بالحيوانات في الشره والجشع والنهم عند الأكل والشرب، ومن ذلك: ما أخرجه الترمذي في "جامعه"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص): "لا تَشْرَبُوا وَاحِدًا كَشُرْبِ البَعِيرِ، وَلَكِن اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلاثَ، وَسَمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ، وَاحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ".

ومن السلوكيات التي نهت عنها الشريعة أثناء تناول الطعام والشراب ونص الفقهاء على الإرشاد إلى التنزه عنها وأنها لا تليق بالآداب العامة والذوق الرفيع: إحداث صوت أثناء المضغ والشرب، لِمَا قد يدل عليه ذلك من الشَّرَه والنهَم.

ونص العلماء على أن من الصفات المذمومة عند الأكل: التكلم في حال مضغ الطعام، وإحداث صوت لأشداقه وفمه عند المضغ والبلع، وعدُّوا ذلك من العيوب التي ينبغي على الآكل تَوَقِّيها والبعد عنها، وسمَّوا الأول "مُبَعْبِعًا"، والثانيَ "مُفَرْقعًا" و"رَشَّافًا".

وبناءً على ذلك، فإن من آداب الأكل ومحاسن الذوق أثناء تناول الطعام: ضمَّ الشفتين أثناء المضغ، وتجنبَ إحداثِ صوت عند المضغ والشرب، وتجنب الكلام عند امتلاء الفم بالطعام، حفاظاً على مشاعر الآخرين، وعلى المسلم أن يتحلى في سلوكياته وأفعاله بمحاسن الآداب وكريم الخصال التي تجعله صورةً راقية لدينه وأمته، كما أن عليه أن يراعي آداب الذوق العامة التي تستحسنها العادات والأعراف المجتمعية ما دامت لا تخالف الشريعة الإسلامية، وأن يتجنب في أفعاله وسلوكه ما قد يسبب الانزعاج أو الضيق لمن حوله.

back to top