قبائل الثلج

نشر في 29-05-2017
آخر تحديث 29-05-2017 | 00:00
No Image Caption
لا شك في أن الكتابة عند محمد حسن بوكر تحمل هم الابتكار السردي والعمق والقدرة على الاختلاف، فلا أحد منّا يُنكر الأهمية الفائقة للأعمال الأدبية التي تكتب في الجزيرة العربية. هذه البقعة الجغرافية، التي تحمل هويتها الخاصة الضاربة في أعماق الأرض، نراها تنهض عند الكاتب محمد حسن بوكر كاستراتيجية لبناء النص القصصي الذي يُكرس مبدعهُ بعناية الملامح الخاصة والثيمات التي تميز القصة في الجزيرة العربية.

القصص في «قبائل الثلج» (مجموعة قصصية لمحمد حسن بوكر صادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون ونادي جاران الأدبي)، تتمثل بملمح ريفي بسيط، وشخصيات تجمع بين القروية والمدينية وتُحيل، بأحداثها ووقائعها، إلى البنى الذهنية السائدة في النصف الأول من القرن العشرين في الجزيرة العربية، وإعادة إنتاج النص في ضوء هذه الذهنية، وهو ما يسميه ماركس «أبواق روح الزمن».

هذه السّمة برزت في لغة الكاتب بوكر الذي ركز على السيمياء الفكرية لشخصياته الفنية وفي تكوين رؤيتها للعالم والوجود، ومكاشفة إنسانية عميقة لعالم قديم شيدهُ الأسلاف بأرواحهم ونفوسهم.. لم تنطفئ شمسهُ لغاية اليوم. من قصص المجموعة وتحت عنوان «قبائل الثلج» نقرأ:

«كلما مرَّ بجوار ذلك الجبل الأبيض دق قلبه.. الكل في تلك القرى يدركون أن لون هذا الجبل غريب وشاذ عن بقية الجبال المحيطة بهم لكنهم لا يأبهون لذلك؛ لأنهم هكذا وجدوه من يوم أن خرجوا إلى هذه الدنيا.. وكلما دارت أحاديث هنا وهناك عن سر هذا الجبل قلّلوا من شأن هذه القضية وقالوا: هكذا وجدناه.

أحياناً يثير الشباب المتعلم جذوة البحث والتفكير والتأمل والتحليل، وعندما لا يتوصلون إلى نتائج قاطعة لا تلبث أن تُنسى الحكاية.

وحده ذلك الرجل الكهل يعرف السر.. يعلم ما يخفي هذا الجبل الغريب خلفه.. استقى ذلك من أجداده الحكماء في تلك البلدة.. لكنه كان متردداً ومحتاراً في الطريقة المثلى التي يوصل بها هذا الأمر إلى سكان تلك القرى المتناثرة حول قريته.. وهل سيصدقونه؟ وما سيقولون عنه؟».

back to top